ناصر العطار: الدستور هو القانون


بصرف النظر عن الأسباب – وفيها من الصحة كثير – التي تُساق لتوضيح الانفصال الذي وقع بين مصر وسوريا بعد وحدتهما التاريخية، فإن عدم اكتمال التفاعل الحر بين الشعبين يراه كثيرون أهم سبب مهما قيل – وهو صحيح – عن أهمية الوحدة وأحقيتها والتكالب الذي جرى عليها، فقاعدة أي وحدة هي الحرية ومرتكزاتها هي التفاعل بالطبيعة والعمل بإخلاص والاقرار بالتنوع، ما لم تُثبت المرتكزات على قاعدة صلبة ويكتمل بناؤها فإن الوحدة معرضة لهزات التهاوي ومطامع الاستغلال وفرص الانقضاض، وأي قوة لن تستطيع فرضها وحمايتها ولا تشريع يقوى على خلقها وايجادها، وفي هذا البلد تنطلق اقتراحات برلمانية وتنادي أصوات نيابية بالوحدة الوطنية وحمايتها، وهنا اسأل بعقل حتى لا تأتي الاجابة بعاطفة: كيف يفهم من يسمون أنفسهم بالأغلبية والأقلية الدستور في مجلس الأمة؟ هذه الوثيقة التي كرست ما هو أصيل وأسست لما هو حق، وكتبت بالنص أن نظام الحكم ديموقراطي وأن الحرية الشخصية مكفولة، وان حرية الاعتقاد مطلقة، وسؤال آخر أطرحه أكثر صراحة وأدق تفصيلاً: كيف تنظر الأغلبية والأقلية للحرية الشخصية ولحرية الاعتقاد وللديموقراطية؟ وهما اللذان يمثلان أغلبية دينية وقبلية وأقلية دينية مضادة، بحسب من يمسون أنفسهم وما تراه العيون يفيد الضمائر بأن الوحدة الوطنية التي ينادون بها أساسها الخلاف الديني والأفق الضيق، وهي معرضة للنحر في أي وقت! على عكس وحدة دستور 1962، التي قامت على منارة مدنية وصانت الحرية الشخصية وحفظت التعددية الدينية، ومن خلالها أبدع كل من استطاع في مجاله وتعبد كل مؤمن في محرابه بنقاء وضمير، فكانت وحدة وطنية قانونها الدستور لم تعكر الصفو ولم تكلف الملايين، وسمير سعيد آخر نماذجها وليس اخيرهم ولست أقصد هنا استذكار أطلال مضت، لكني أقول ان المدنية تاريخ لا ينقضي والتعصب الطارئ الذي، وإن طال، سيمضي بوحدته العصبية التي على أحد لن تنطلي.

ناصر العطار
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.