كما جرت العادة في «التدوين» و«التغريد» استقبل الكويتيون آخر انتاجات التواصل الاجتماعي بتفاعل لافت، ليتسيدوا عربيا برنامج الـ «keek» بمشاركات جريئة فتحت باباً مثيراً للجدل مع ازدياد اعداد المشاركين فيه، ولم يجد شباب وفتيات «الكييك» بدا في الاصطدام بموروثات اجتماعية راسخة وهم يخوضون مغامرة الظهور العلني أمام الملايين بإطلالة تنوعت بين السخرية والتندر وعرض وتسويق «المواهب» ومسايرة «ما يطلبه المشاهدون» وأنواع أخرى من المشاركات. ويتيح برنامج «keek» للمشاركين تسجيل مقاطع فيديو لا تتجاوز36 ثانية وعرضها على نطاق واسع فيما أظهرت احصائيات اولية تصدر الكويت لائحة الدول الأكثر استخداما ومشاركة في نطاق الرقعة العربية.
وبين آراء المدونين واستجابات المغردين، وتنديدات الدعاة الدينيين، وتحفظات المرتابين، وتحفزات غير المطلعين تراوحت النظرة الاجتماعية إزاء هذه الولادة الالكترونية الجديدة باعتبارها انفتاحا لابد منه من وجهة نظر «المنفتحين» و«خلعا لقيود الدين والمجتمع» من وجهة نظر «المحافظين»، وأداة لها مزايا «السكين» وعيوبها في آن معاً كما يرى «المحايدون».
وممن استفاد من بنات أفكار التكنولوجيين الجديدة للترويج «لنجومية» فردية مشاهير وانصاف مشاهير وأرباع مشاهير ملئت «كيكاتهم» (مقاطع الفيديو القصيرة بحسب تسمية رواد كيرك من العرب) انحاء شبكة التواصل الاجتماعي، بعضهم وجوه لامعة متابعة أرضيا وتوتريا وفيسبوكيا ويوتيوبيا من قبل ملايين، هؤلاء الملايين وجدوا في «الهبة التكنولوجية» الحالية فرصة جديدة لملاحقة نجومهم وتتبع لحظاتهم وكلماتهم وايماءاتهم وتفاصيل حياتهم المثيرة.
إثارة أخرى اتبعتها وجوه تلفزيونية مغمورة لم تلفت الكثير من النظر في السابق ووجدت في «الحالة الكيكاوية» طريقة «سهلة الاستخدام»، «قليلة الكلام» لا تتطلب سوى بضع ثوان من الابتسام والغزل «للكيكرز» المنتظرين «بلهفة» على الجانب الآخر من الشاشة، هذا مايراه بعض الجالسين امام الشاشة نفسها ممن رفعوا شعار «لا للتفاهة والاسفاف».
وكحال كل وسيلة تواصلية إلكترونية كان نصيب الأسد من «الكيكات» محليا «للوناسة» متجسدة احيانا في مقاطع هزلية ضاحكة أبطالها أطفال ومراهقون سهلت عليهم خدمات الهواتف الذكية وتطبيقاتها مشاركة لحظات عفوية «طازة» مع جمهور واسع يتجاوز العشرة ملايين مستخدم.
وان كانت «الوناسة بعيدا عن الدراسة» حاجة طفولية بريئة في رأي غالبية الناس عبر عنها بعض الصغار في مقاطع احتلت الاكثر مشاهدة على شريط الكييك الا انها في رأي «الكيكاوين» «ملاقة» و«سماجة» استدعت تدخلات وردود وصل بعضها الى ملاحقة أصحابها في مدارسهم لتسجيل ردود حية «وكيكات» مضادة مباشرة لتجرؤهم وعرض «ملاقتهم» الطفولية على الملأ وهذا ما اعتبره محللون نفسيون واجتماعيون مشاركون في «كييك» نموذجا للتأخر الفكري، والفقر الثقافي في مجتمعنا خاصة في مجال التعبير الحر عن الذات والفردية والانفعالات وهو ما يجب ان يحظى به الفرد ( الصغير خاصة) في بيئته ليتمكن من النمو بشكل سوي وليتعرف على سماته وقدراته هذا ما تقوله الاختصاصية النفسية أمل العنزي في تعليقها على نشاطات الكييك».
ويرى «كيكاويون» مهتمون و مختصون بالشأن الاجتماعي أيضاً ان «من حق الطفل ممارسة حماقاته الطفولية» ومن أخطاء المجتمع أن يحولها الى «قضية رأي عام» كما يجري حالياً.
ومن «حماقات الصغار» الى ما اعتبر «حماقات الكبار» التي امتلأت بها واجهة «كييك» في جهة الأكثر مشاهدة ووصفت من قبل الكثير من متابعيه ««بالتفاهة» و«الاسفاف» ومنها عروض كوميدية شبابية منفردة وعروض أخرى بناتية «ترفيهية» انبرى للرد عليهاو مهاجمتها مجاميع شبابية أخرى مدججة بمضادات «الملاقة» وصادات «التفاهة» ومقاومات «الاسفاف» حتى باتت الصورة أشبه بمباراة في «الكييك» بوكسنغ لا يعلم أحد متى تنتهي!
ومن على «المنبر الكيكاوي» تنطلق أيضاً مبادرات إصلاحية ثقافية واجتماعية ذات طبيعة تقدمية ليبرالية تنتقد ظواهر اجتماعية وفكرية منها «تأخرنا الإنساني» و«رجعيتنا الاجتماعية» و«تراجعنا الثقافي» وتنادي بالتجديد في المجتمع، تواجهها ردود أخرى مباغتة من «الجناح المحافظ» تؤكد على ضرورة الحفاظ على «هوية مجتمعنا» و«التقيد بعاداتنا وتقاليدنا» الصالح منها والطالح وتختم بالدعاء الشهير «الله لا يغير علينا».
ومن المستخدمين من اصطاد لقطات لظواهر اجتماعية سيئة «كتدخين الصغار» وبثها عبر البرنامج مذيلا مقطعه بوجهة نظر ناقدة لتلك الظاهرة. كما وجد بعضهم السبيل متاحا لتمرير رسائل لاذعة لجهات حكومية بسبب إخفاقات التقطتها عدسات كاميرات هواتفهم المحمولة وبثها الوسيط الكيكاوي الجديد.
في كل موقع جديد للتواصل الاجتماعي تتعدد الآراء وتتغير الاتجاهات ويستمر الجدل ويتصاعد السجال، وتبقى حقيقة واحدة لا غبار عليها وهي ازدياد المتابعين والمشاهدين والمواكبين لكل حدث إلكتروني جديد.
قم بكتابة اول تعليق