نص الاستجواب المجمد من عبيد الوسمي

وزع النائب د.عبيد الوسمي على الصحافيين أمس نسخة من صحيفة استجوابه الذي كان يعتزم تقديمه ضد سمو رئيس مجلس الوزراء بعد اتخاذه لقرار رفعه نزولا عند رغبة الاغلبية النيابية.
وجاء في صحيفة هذا الاستجواب ما يلي: اعمالا لاحكام المادة (100) من الدستور نتقدم نحن الموقعين ادناه بالاستجواب المرفق لسمو رئيس مجلس الوزراء.
بسم الله الرحمن الرحيم
هديا بما يقرره المولى جل وعلا في كتابه العزيز {ولقد كرمنا بني آدم..}.
وقوله: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم..}.
وهديا بما تقرره ديباجة الدستور الكويتي التي تحدد اهم اهداف اصدار الدستور حيث تقرر انه من اهم اهداف اصداره ما يلي:
«سعيا نحو مستقبل افضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية ويفئ على المواطنين مزيدا من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد، وحرص على صالح المجموع، وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره».
وهديا بما تقرره المادة (7) من الدستور، التي تنص على ان «العدالة والحرية والمساواة دعامات للمجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين».
وما تقرره المادة الثامنة من الدستور التي تنص على ان «تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الامن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين».
وما تقرره المادة (29) من الدستور التي تنص على ان «الناس سواسية في الكرامة الانسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين».
واستعمالا لحق قد كفله لنا الدستور في المادة (100) منه.
وابراءً لذمتنا، ووفاءً بقسمنا.. والتزاما بعهدنا الذي قطعناه على انفسنا فاننا نتقدم بالاستجواب المرفق.

المحور الأول: الانتقائية في تطبيق القانون

إن الوظيفة الأساسية للقواعد القانونية هي تنظيم العلاقات الإنسانية ضمن حدود موضوعية معتبرة لا تختلف تطبيقاتها باختلاف الأشخاص وهو ما يعبر عنه بسيادة القانون، وهذا ما أكد عليه الدستور الكويتي في نص المادة 29 حين قرر بأن «الناس سواسية في الكرامة الانسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين».
فتمييز الحكومة في التعامل بين مواطنيها والكيل بمكيالين في تطبيق القانون يؤدي إلى اختلال نظام العدل في المجتمع وانهيار الحقوق والحريات، مما جعل بعض شرائح المجتمع تستهدف بشكل انتقائي منهجي ومستمر دون أن تعرف دواعيه ودون اكتراث لآثاره.
وحيث إن الانتقائية في تطبيق القانون تضعف الانتماء وتهدد الوحدة الوطنية التي كانت دائماً هي القاسم المشترك في تصريحات كبار مسؤولي الدولة دون أن تجد هذه التصريحات صدى عمليا لها مما خلق مساحات واسعة من الشك والريبة في حقيقة النوايا التي بنيت عليها.
ويبدو هذا الأثر واضحا بالتجاهل المتعمد لنصوص القانون على نحو يخل بسريانه ويجعل من تطبيق القانون أداة للابتزاز والتخويف لا أداة للتنظيم والبناء ونشير في هذا الخصوص لما نص عليه القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 في المادة (29) التي قررت «كل من حرض علناً أو في مكان عام، أو في مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام، عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسم أو الصور أو أية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر، على قلب نظام الحكم القائم في الكويت وكان التحريض متضمنا الحث على تغيير هذا النظام بالقوة أو بطرق غير مشروعة، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، يحكم بنفس العقوبة على كل من دعا بالوسائل السابقة إلى اعتناق مذاهب ترمي إلى هدم النظم الأساسية في الكويت بطرق غير مشروعة، أو إلى الانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في الكويت».
وعلى القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الإعلام المرئي والمسموع الذي نص في المادة 11 على أنه يحظر على المرخص له بث أو إعادة بث ما من شأنه:
10) المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة أو معتقداتهم الدينية.
11) الدعوة إلى الحض على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع.
ولما كان المساس بفئة من فئات المجتمع على نحو واضح قد تترتب عليه آثار يتعذر تداركها مما كان يستلزم من الدولة بأجهزتها المختصة أن تباشر وظيفتها في تطبيق القانون والمحافظة على الأمن الاجتماعي، وهذا ما يجعل تجاهل مثل هذه الوقائع والتركيز على آثارها صورة خاصة من صور خلق الجريمة والاشتراك فيها، وتعمد استفزاز الشارع يمثل هذه الانتقائية المفضوحة وهو ما يستوجب المساءلة السياسية والجنائية على السواء.
كما أنه ونتيجة لتخلي الحكومة عن مسؤولياتها فقد نهج البعض نهجا شاذاً بالمساس بالدول الشقيقة والصديقة التي ترتبط مع الكويت بعلاقات جوار ومصير مشترك، الأمر الذي نجم عنه اساءة بالغة لعلاقات الكويت بمحيطها ويهدد متانة هذه العلاقات أو استمراريتها على الرغم من أن نص المادة (4) من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 تنص على أنه: «يعاقب بالحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل من… قام بعمل عدائي آخر ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات الدبلوماسية».
وحيث إن هذا النص قد تم تفعيله في وقائع شهيرة مثل اتهام النائب محمد هايف بينما تم التغاضي عنه كليا في وقائع أكثر وضوحا وتأثيرا على الرغم من تكرار هذه الوقائع وخطورة آثارها في علاقات الكويت بدول الجوار.. ومنها تعدي بعض الاشخاص على دول خليجية وقادتها ولم تتخذ بحقهم حتى تاريخه أي اجراءات قانونية مماثلة لما تم اتخاذه مع النائب محمد هايف.
كما انه وفي واقعة اخرى استجابت السلطة للمطالبة باتخاذ اجراءات فورية وخلال 24 ساعة بتوجيه اتهام للكاتب الصحافي محمد المليفي التي تم على اثرها اعتقاله وحبسه تحت ذريعة تقويض النظام الاجتماعي بينما تجاهلت بتعمد شديد عبارات الازدراء والتحقير المجرمة قانونا لأكثر من مائة الف مواطن كويتي في ندوة العديلية دون اكتراث بأثر ذلك على الروح الوطنية أو الثقة بمؤسسات الدولة أو جديتها في تطبيق القانون على الجميع أو الخشية من ردة فعل قد تؤدي الى الاخلال الجسيم بالامن الاجتماعي في الحالات التي لا تقوم اجهزة الدولة المكلفة بمهامها المنوطة بها.
كما انه وعندما تم اقتحام قناة فضائية في العام الماضي لم تتخذ الاجهزة الامنية أي قرار متعلق بحجز المتهمين، بينما في حادثة «الوطن» تم الاعتقال بشكل عشوائي مبني على هوية الاشخاص ودون التحقق اصلا من اتصالهم بالواقعة محل البحث والتحري مما يدل على استقصاد شريحة بعينها لاسباب لا تمت للقانون بصلة وعلى نحو انتقائي فج، واصبح الانتماء الى هذه الشريحة مدعاة للاتهام والاستهداف المباشر. مما ينجم عن هذه الاجراءات شرخ في جدار الوحدة الوطنية.
ولا تقتصر مظاهر الانتقائية على الحالات المشار اليها بل تمتد الى كثير من الحالات الاخرى التي تشكل في مجموعها سياسات منهجية غير مشروعة مستمرة الاثر ومن امثلتها المعتادة:
– الامتناع والتراخي عن قيد البلاغات الواردة في بعض الحالات بالمخالفة للقانون.
– اختلاف المعالجات الامنية في الحالات المتماثلة.
– التباطؤ المتعمد في اتخاذ بعض الاجراءات المتطلبة قانونا.
– تقديم بيانات غير صحيحة لاعتبارات سياسية ودون اتخاذ أي اجراء بحق مرتكبي المخالفات.
– اختلاف الجهد المبذول من واقعة مجرمة لأخرى باختلاف الظروف السياسية المصاحبة للواقعة.
– الاتهامات الامنية العشوائية غير المبنية على تحريات جدية.

المحور الثاني: تعريض مصالح الدولة العليا للخطر والإساءة إلى سمعة الكويت في المحافل الدولية

لا شك ان منهج الحكومة المتبع ومنذ سنوات، والذي مازال قائما حتى لحظة كتابة هذا الاستجواب، في التعامل مع بعض الملفات الانسانية ذات البعد الدولي، وتحديدا قضية البدون والتعامل الحكومي مع هذه الفئة وحرمانهم من ابسط الحقوق الانسانية وخصوصا تلك المتعلقة بتوفير سبل العيش الكريم وحرمانهم من حقوقهم المشروعة في الاقامة والتنقل والعمل وحرية التعبير والاعتقالات التعسفية غير المبررة التي جعلت من الكويت محل انتقاد من قبل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان وهو ما يتعارض في حقيقته مع ما افصحت عنه الدولة عن طريق ممثليها (الرسميين) في اكثر من اجتماع دولي كالاجتماعات الخاصة لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والتي ادعت فيه الحكومة قيامها بتنفيذ التزاماتها الدولية المنصوص عليها في العهد الدولي المتعلق بحقوق الانسان المدنية والسياسية لعام 1966 والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لعام 1966، حيث ان الوقائع المثبتة في المحاضر الخاصة باللجان الدولية على هذا النحو قد ترتب اثارة مسؤولية الكويت الدولية واظهارها بمظهر المخل وبشكل عمدي بالتزاماتها الدولية.
ولعل آخر هذه البيانات الحكومية الكاذبة تلك التي تم تقديمها قبل ايام قليلة جدا امام لجنة مناهضة التمييز العنصري التابعة للامم المتحدة التي ادعت فيها الحكومة الكويتية تعاملها الانساني مع هذه الفئة (البدون) خلافا للواقع وقولها بأن افراد هذه الفئة هم من المقيمين بصورة غير مشروعة نظرا لمخالفتهم للقوانين المطبقة في الكويت، وهذا قول يجافي الواقع والقانون حيث ان الكثير من ابناء هذه الفئة هم من مواليد دولة الكويت وان آباءهم واجدادهم كانوا قد قدموا الى الكويت قبل مدة طويلة جدا، بل ان البعض منهم قدم الى الكويت قبل صدور قانون الجنسية الكويتي لعام 1959 وكانوا حتى وقت قريب جدا يتم التعامل معهم كمقيمين بصورة مشروعة ويتمتعون بجملة من الحقوق الاساسية بموجب القوانين السارية في تلك الفترة.
ان اصدار اي قانون يتضمن حرمان هذه الفئة من حقوقها المنصوص عليها في المواثيق الدولية يعتبر مخالفة للقانون الدولي ولا يجوز لاية دولة كانت ان تتمسك بقوانينها الداخلية من اجل التحلل من التزاماتها الدولية كما نصت على ذلك المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، كما ان تقديم تقارير حكومية كاذبة حول تنفيذ دولة الكويت لالتزاماتها الدولية انما يتعارض مع المادة 2 من ميثاق الامم المتحدة والمادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 واللتان اشترطتا تنفيذ الدولة لالتزاماتها الدولية طبقا لمبدأ حسن النية والصدق والامانة في تنفيذها لهذه الالتزامات الدولية.

المحور الثالث: (أ) استمرار النهج السابق بعدم تنفيذ الاستحقاق الدستوري للحكومة بتقديم برنامج عمل

حيث تنص المادة (98) من الدستور تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها الى مجلس الامة وللمجلس ان يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج.
ولما كان برنامج عمل الحكومة علاوة على كونه التزاما دستوريا يتحدد به نطاق علاقتها الموضوعية من البرلمان باعتباره تصورات الحكومة ورؤاها وخططها العملية وفقا لمهل زمنية واعتمادات صرف محددة، لذا فان الامتناع عن تقديمه وفقا للقيود الواردة للدستور يؤدي الى تعطيل قدرة البرلمان على الرقابة على السياسات والرؤى الحكومية ويجعل العلاقة بين الحكومة والبرلمان عرضة للاجتهاد والمبادرة التي قد لا تكون في جميع الحالات محققة لطموحات الافراد وآمالهم.
(ب) التشكيل الوزاري في ظل غياب برنامج عمل حكومي ما هو الا مجرد اجتهاد شخص لا يعتمد على اي ضابط موضوعي معتبر ولا يعكس اي قدر من الاستجابة للمطالبات الشعبية التي عبر عنها الشعب في صناديق الاقتراع بل ان تضمين هذا التشكيل عناصر غير مقبولة شعبيا ام لاداء سابق غير مرضي عنه او لمواقف واراء تعكس قدرا كبيرا من التحيز والتطرف الفكري الذي لا يتوافق مع تطلعات الشعب لمرحلة جديدة بنهج جديد يقوم على طي كل صفحات الماضي بما تحمله من ترسبات سلبية.
وحيث ان النظام الدستوري لا يعرف فكرة الثقة بالحكومة مما يصبح معه الطريق الوحيد للاعتراض عليها هو المساءلة السياسية في الحدود المقررة دستوريا. 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.