قال رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الوطني محمد عبدالرحمن البحر «إننا اليوم أكثر تفاؤلا بعد ما كدنا نيأس من بطء تنفيذ مشاريع خطة التنمية».
وأشار في حوار مع القبس الى ان الانفاق الاستثماري العام كان دون المستوى المطلوب، لكن العجلة بدأت تتحرك بسرعة اكبر مع بداية 2013.
إلى ذلك، أكد البحر ان دعم البورصة ضروري لما لذلك من اثر في الدورة الاقتصادية عموماً والدورة الائتمانية خصوصاً، لأن للأسهم وزنا كبيرا ضمن سلسلة الرهونات والضمانات.
وسأل: لماذا لا تستثمر جهات حكومية في الاسهم القيادية ذات النشاط التشغيلي.. ففي ذلك عوائد مجزية؟
«العم» محمد عبدالرحمن البحر من الرعيل الأول الشاهد في مدى عقود طويلة متتالية على نهضة الكويت منذ ما قبل النفط. إنه معين لا ينضب من المعلومات والرؤى، وبوصلة لا تخطئ في أي اتجاه كان، مهما علت أعاصير الزمن وأزماته.
لا يطل على الاعلام إلا نادراً.. ونادراً جداً جداً. آخر حوار له كان في القبس بتاريخ 2 سبتمبر 2007، أي قبل اندلاع الأزمة محليا بنحو سنة كاملة.. وبالعودة إلى ذلك الحوار الميمون نكتشف بكثير من الدهشة كم كانت نظرته ثاقبة، وكم كان استشرافه سباقاً لمجريات الأحداث. مما قاله يومها: «ان مشاكل ستخلق بعد أي نمو للاقراض فوق %15». لقد أتى هذا التحذير بعد عدة سنوات من الافراط الائتماني وبمعدلات زادت على %30 احياناً. وما ان هبت رياح الأزمة محلياً حتى اكتشفنا أن ديوناً بالمليارات قد تعثر سدادها. كان محمد عبدالرحمن البحر، وهو رئيس بنك الكويت الوطني منذ 20 عاماً وعضو في مجلس ادارته منذ 1959، كان عارفاً ان ازمة ستندلع، وأن تداعيات ستنشأ.. انها نبوءة فعلاً. وياليت السلطات الرقابية قرأت ووعت ذلك آنذاك قبل ان تقع الفأس بالرأس!
أكثر من ذلك، فقد ذهب العم محمد البحر في ذلك الحوار النادر الى القول «.. من المشكلات تضخم اسعار الاصول والشك في جودة التسهيلات». أجل، لقد رأى ما لم يره غيره، ودق ناقوس حذر وانذار خطر لم يلق آذانا صاغية من أحد، فالكل كان في «حفلة» رافضاً الخروج منها، متعامياً عن مخاطرها.
وقال ايضا في سبتمبر 2007: «في العقار فورة جديرة بالاهتمام لكن حذار من ارتفاع الأسعار بالمضاربة!».. أي انه رأى كل مفاصل الأزمة الآتية بكل مكون لها من القروض إلى الأسهم والعقار وبقية الأصول المتضخمة الاسعار. لكن كيف استشرف العم البحر المستقبل؟ وكيف تنبأ بالأزمة؟ فهذا ليس صدفة ابداً. فالسر كامن في عراقة تجربته وعمق تاريخه في العمل الاقتصادي والتجاري والمصرفي. وهذا هو الفرق بين من هو «طارئ» تأخذه أول ريح، ومن هو راسخ بجذور في الأرض وفروع في السماء. هذا هو الفرق بين من عجن الزمان وخبزه، ومن لا يفقه معنى للزمن لا ماضياً ولا حاضراً ولا مستقبلاً.
وفي كلام جديد تنشره القبس اليوم في إجابات رئيس البنك الوطني محمد البحر على أسئلة تتناول محاور عدة، يجدد العم البحر القول: إن السياسة المتحفظة والمتجذرة في تاريخ «الوطني» وحاضره، هي من أكبر أسس النجاح المتواصل منذ 6 عقود، وبلا أي انقطاع، وهكذا إذا عُرف السبب يبطل العجب، فالبنك الوطني يتجاوز هذه الأزمة كما أزمات سابقة كانت بالعتاوة نفسها أو أعتى، بفضل «التحفظ» ثم «التحفظ».. الذي يتحوَّل إلى ثقافة وأساس عمل لا حياد عنه مهما كانت المغريات.
أما الحوار الذي تنشره القبس اليوم وقبل ايام قليلة من انعقاد عمومية البنك الوطني، يستذكر محمد البحر تاريخ البنك منذ أيامه الأولى، وكيف كان تأسيسه بداية استقلال اقتصادي للكويت قبل الاستقلال السياسي، ويذكر أسماء المؤسسين الأوائل، وذلك الرعيل الذي لا تنساه الكويت عبر أجيالها المتعاقبة.
فمن 3 دكاكين إلى انتشار في أربع رياح الأرض، ومن رأسمال مليون دينار إلى 2300 مليون حقوق مساهمين، ومن لا شيء إلى توزيعات زادت على 5.6 مليارات دينار.. منها نحو ملياري دينار في سنوات الأزمة الحالية.. وهذا هو الدليل القاطع على أن «الوطني» يتجاوز الأزمة ولا يعبأ بها، كما لم يعبأ بأزمة المناخ التي هزّت البلاد طولاً وعرضاً، وتحدى أزمة الاجتياح حتى قالت عنه «فايننشال تايمز» آنذاك إنه جسد عامل بكل قواه، فيما رأسه مبتور.. في إشارة الى احتلال الكويت في 1990، وكيف استمر «الوطني» بالعمل عبر فرعه اللندني.
ويتطرق الحوار أيضا إلى الوضع الاقتصادي عموماً والمصرفي خصوصاً، وإلى خطة التنمية وأوضاع البورصة، ولم ينس البحر التعريج على المجلس الاستشاري الدولي ودور إبراهيم دبدوب بعلاقاته العالمية في جمع أسماء لامعة فيه، كما أنه عرّج على مفصل أساسي في تاريخ البنك عندما تسلم دبدوب الرئاسة التنفيذية، وكيف استيقظ العملاق النائم، على حد تعبيره، وفي ما يلي الأسئلة والإجابات:
● لقد عايشتم قصة نجاح بنك الكويت الوطني منذ البدايات.. كيف استطعتم عبر الزمن تحويل بنك صغير إلى أحد أكبر البنوك العربية اليوم؟
– هي فعلا قصة نجاح حقيقية لأول مؤسسة مصرفية خليجية. ولنا -نحن الجيل القديم الذي عايش مرحلة تأسيس البنك- حنين خاص تجاه هذه الفترة، فالأمر أشبه برؤية ابن ربّيته صغيراً يتبوأ اليوم أعلى المراتب والمناصب. هو فعلا شعور فخر واعتزاز، لأن تأسيس بنك الكويت الوطني يعكس إصرار وعزيمة رجالات الكويت الأوائل، الذين خاضوا البحار للتجارة مع الهند حتى قبل النفط، وتميّزوا ببُعد النظر، وكانوا سبّاقين في إطلاق مسيرة اقتصادية كانت لها امتداداتها على مستوى المنطقة، متحدّين كل الصعوبات والعراقيل التي واجهتهم.
وكما تعلمون، فإن القصة بدأت حين ارتأت مجموعة من رجالات الكويت تأسيس بنك وطني ينبع من ثقافتهم ويخدم المصالح الوطنية. فاجتمع كل من خالد الزيد الخالد وأحمد سعود الخالد، وخالد عبدالطيف الحمد وخليفة الخالد الغنيم وسيد علي سيد سليمان الرفاعي وعبدالعزيز الحمد الصقر ومحمد عبدالمحسن الخرافي ويوسف أحمد الغانم ويوسف عبدالعزيز الفليج -رحمهم الله جميعاً- مع المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت حينها لطرح الفكرة عليه، فلم يتردد في دعم فكرتهم ومباركتها. وبالفعل، صدر المرسوم الأميري في 19 مايو عام 1952، الذي قضى بتأسيس بنك الكويت الوطني كأول بنك وطني، وأول شركة مساهمة في الكويت ومنطقة الخليج.
وقد شكل هذا المرسوم حقيقة شعلة الاستقلال الاقتصادي للكويت قبل الاستقلال السياسي. فكما تعلمون، كانت الكويت حينها تحت الانتداب البريطاني الذي كان يمنع تأسيس بنك آخر غير البنك البريطاني الذي كان الوحيد العامل في البلاد حينها. لكن حنكة وذكاء الكويتيين، وعلى رأسهم -المغفور له- الشيخ عبدالله السالم الصباح، تغلبت على قيود الانتداب، حين رأت أن شروطه لا تنطبق على تأسيس بنك وطني. وبعد نحو ستة أشهر فقط من صدور المرسوم، وبالتحديد في 15 نوفمبر 1952، افتتح بنك الكويت الوطني أبوابه للمرة الأولى من خلال فرع واحد لا تتجاوز مساحته دكاكين ثلاثة، في ما كان يعرف بالشارع الجديد في مدينة الكويت، الذي كان يمثل العصب التجاري والاقتصادي للبلاد في ذاك الوقت، وبرأسمال بسيط لا يتجاوز المليون دينار كويتي.
لكن الأهم من ذلك، هو ما استطاع هذا البنك تحقيقه خلال ستين عاما، منذ تأسيسه، ليصبح في طليعة المصارف العربية. فهذه الدكاكين الثلاثة تحوّلت إلى أكثر من 170 فرعا منتشرة في 16 دولة حول العالم، وتتوزع على أربع قارات. والمليون دينار تعاظمت إلى 2.3 مليار دينار كحقوق للمساهمين، مع توزيعات أرباح تجاوزت الـ5.6 مليارات دينار خلال هذه الفترة. هذا بالإضافة إلى احتفاظ بنك الكويت الوطني اليوم بأعلى تصنيف ائتماني بين كل بنوك الشرق الأوسط، بإجماع وكالات التصنيف العالمية، واختياره ست مرات متتالية بين أكثر 50 بنكاً آماناً في العالم.
ولا يمكن الحديث عن هذه الإنجازات من دون أن نثمّن الدور الذي قام به الرئيس التنفيذي للمجموعة، إبراهيم دبدوب، وجهازه الإداري وجميع موظفي البنك، الذين يعود لهم الفضل في أن تبلغ هذه المؤسسة المكانة التي بلغتها اليوم، من دون أن نغفل طبعا الثقة الكبيرة التي منحنا إياها عملاء البنك عبر تاريخه.
ولا شك في أن إنجازات البنك الوطني ما كانت لتتحقق لولا أننا وضعنا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، مكرِّسين هذه المؤسسة الوطنية لخدمة مصالح الكويتيين والاقتصاد الوطني.
الجهاز الإداري
● بالحديث عن الجهاز الإداري، لقد تسلّمت إدارة عربية قيادة البنك برئاسة إبراهيم دبدوب في بداية الثمانينات. ما الذي تغير في بنك الكويت الوطني مع هذه الإدارة العربية، وما الذي حققته؟
– في الواقع، لقد شكّل تسلّم الإدارة العربية منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي برئاسة ابراهيم دبدوب دفة القيادة علامة فارقة وفاصلة في مسيرة البنك الوطني، إذ استطاعت هذه الإدارة -حقيقة- «إيقاظ العملاق النائم» كما كان يوصف البنك آنذاك. وإذا ما وصفنا مرحلة الخمسينات والستينات والسبعينات من عمر البنك الوطني بمرحلة البراءة المصرفية، فإن المرحلة التي لحقت تولي دبدوب إدارة البنك الوطني بمرحلة الانطلاق والريادة، إذ تحوّل «الوطني» خلالها من بنك محلي إلى مجموعة إقليمية رائدة بكل ما للكلمة من معنى. ومنذ أوائل الثمانينات، بدأ البنك الوطني في وضع خطط التوسّع خارج الكويت، والشروع في تنفيذها، وكان أول بنك في الشرق الأوسط يمتلك شبكة فروع دولية بهذا الحجم، وذات انتشار واسع في أربع قارات حول العالم، ليكتسب سمعة عالمية مرموقة. ولولا هذه السمعة والثقة التي يتمتع بها البنك الوطني، لما استطاع أن يلعب الدور الذي لعبه خلال فترة الغزو العراقي من خلال فرعه في لندن.
وفي إشارة إضافية إلى السمعة القوية التي يتمتع بها البنك الوطني على الساحة الدولية، فقد استطاع البنك أن يجمع كوكبة من أبرز الشخصيات والقيادات العالمية تحت مظلة مجلسه الاستشاري الدولي، الذي يعد بين أهم المجالس الاستشارية لمؤسسة مالية ومصرفية في العالم، نظرا إلى وزن الشخصيات فيه، وما كان ذلك ليتحقق لولا سمعة الوطني وعلاقات دبدوب العالمية.
يطول الحديث في الحقيقة عن إنجازات هذه الإدارة العربية، وتكفي الإشارة إلى مكانة بنك الكويت الوطني اليوم على الساحتين المحلية والإقليمية كبنك يتمتع بأعلى تصنيف ائتماني بين كل بنوك الشرق الأوسط والبنك العربي الوحيد بين أكثر 50 بنكا آمانا في العالم ست مرات متتالية لتبيان حقيقة ما حققه البنك الوطني إدارة وموظفين. وأود أن أنتهز هذه المناسبة لأشكر باسمي وباسم جميع أعضاء مجلس الإدارة، الإدارة التنفيذية للبنك وجميع موظفيه على جهودهم الكبيرة وعملهم الدؤوب.
منذ 1959
● أنتم عضو في مجلس إدارة بنك الكويت الوطني منذ عام 1959، وتترأسونه منذ عشرين عاما. وقد شهدت الكويت خلال هذه الفترة أشد الأزمات حدة من أزمة سوق المناخ إلى الغزو العراقي وحتى الأزمة العالمية اليوم. كيف استطعتم أن تتعاملوا مع هذه الأزمات المتلاحقة وتواجهوها؟
– بالفعل، كان للكويت نصيب كبير من الأزمات عبر تاريخها، من أزمة ما يُعرف بسوق المناخ إلى أزمة الغزو العراقي، وحتى الأزمة العالمية اليوم. وفي كل واحدة من هذه الأزمات، يمكن أن نستفيض كثيرا في الحديث عن نجاح البنك الوطني في مواجهتها، والخروج منها سليما معافى، بل حتى الالتزام بواجبه الوطني في الحد من تداعياتها على الاقتصاد والمجتمع الكويتي عموما، مثلما حدث خلال أزمة الغزو العراقي، التي كرس خلالها البنك الوطني كل امكاناته وقدراته لدعم صمود الشعب الكويتي. وقد كتب حقيقة الكثير حول العالم عما فعله البنك الوطني خلال الغزو العراقي، والذي كان وما زال فريدا واستثنائيا في التاريخ، اذ لم يسبق لأي مؤسسة في العالم ليس فقط أن تواصل نشاطها فيما البلد تحت الاحتلال، بل ان تلعب أيضا دورا كبيرا في تيسير الشؤون المالية والنقدية للدولة والكويتيين خلال الأزمة. وقد قالت جريدة فايننشال تايمز الانكليزية آنذاك انها «لأول مرة ترى جسدا ظل يعمل فيما رأسه كان مبتورا» في اشارة الى الاحتلال العراقي للكويت. وكذلك الحال بالنسبة لأزمة المناخ التي كانت ادارة البنك قد حذرت منها مرارا قبل حدوثها، والتي أطلق على البنك الوطني اثرها لقب «البنك الفائض»، لكونه لم يتأثر بها ولم يحتج مساعدة حكومية. أما بالنسبة للازمة المالية العالمية الحالية، فان نتائج الوطني واستقرار أرباحه خير دليل على قوة مركزنا المالي وقوة ميزانيتنا.
ان قوة البنك الوطني على مواجهة الأزمات ومواصلة أدائه القوي تتلخص بما يمكن تسميته مثلث قوة يرتكز على ثلاثة عناصر رئيسية هي: السياسة المتحفظة واستقرار الجهاز الاداري ووضوح الرؤية والاستراتيجية. قلما نجد حقيقة مؤسسة تتمتع بهذه العناصر الثلاثة، وهذا سر تميز البنك الوطني وريادته.
الاستقلال الاقتصادي
● كيف تصفون التحولات التي مرت بها الكويت عموما والصناعة المصرفية خصوصا خلال هذه المرحلة وما كان دور البنك الوطني فيها؟
– لا شك في أن الكويت شهدت خلال الأعوام الستين الماضية العديد من التحولات على المستوى الاقتصادي، وقد كان البنك الوطني دائما حاضرا خلالها ولعب دورا أساسيا فيها. وكما أشرت سابقا، فان تأسيس بنك الكويت الوطني مثّل بداية الاستقلال الاقتصادي للكويت، والذي سبق الاستقلال السياسي بنحو عقد من الزمن، لكونه كسر الاحتكار البريطاني للعصب الاقتصادي والمالي للبلاد. ومنذ تأسيسه، توالت مساهمات البنك الوطني ليكون شريكا أساسيا في نهضة الكويت الاقتصادية والتنموية، وواضعا أسس العمل المصرفي في الكويت ومنطقة الخليج. وعلى سبيل المثال، يمكن أن نشير هنا الى الدور الذي قام به البنك الوطني في استبدال العملة المحلية مرتين خلال التاريخ. وحتى عقب فترة الغزو العراقي، قام البنك بترتيب قرض بقيمة 5.5 مليارات دولار لمصلحة حكومة الكويت لتمويل عملية اعادة الاعمار، كان الأكبر في المنطقة، هذا بالاضافة الى تمويل نشاطات أبرز وأكبر الشركات الكويتية ودعم خطط توسعها.
تعظيم حقوق المساهمين
● ماذا يمثل بنك الكويت الوطني بالنسبة لكم كمساهمين؟
– بالنسبة للمساهمين، لا شك في أن البنك الوطني قد استطاع عبر 60 عاما من تعظيم قيمة حقوقهم ومساهماتهم. فمن مليون دينار كويتي عند التأسيس في عام 1952، ارتفعت قيمة حقوق المساهمين الى 2.3 مليار دينار كويتي اليوم. كما استطاع البنك الوطني أن يوزع طوال مسيرته أكثر من 5.6 مليارات دينار على مساهميه، منها 2.1 مليار دينار توزيعات نقدية. وفي السنوات الخمس الماضية من عمر الأزمة، تجاوزت توزيعات البنك الوطني على مساهميه الملياري دينار كويتي ما بين توزيعات نقدية وأسهم منحة. وهذا رقم مرتفع نظرا الى التداعيات القاسية للأزمة على كل المؤسسات والشركات في المنطقة وعلى ظروف السوق وبيئة العمل عموما.
ومما يميز هيكل مساهمي البنك الوطني أن أغلبيتهم مساهمون منذ عشرات السنين، بل ان بعضهم منذ التأسيس، وسهم الوطني يجري توارثه عبر الأجيال. وهذا عامل آخر من عوامل الاستقرار بالنسبة لنا.
رغم كل الصعوبات
● كيف تصفون أداء بنك الكويت الوطني اليوم في ظل الأزمة المستمرة التداعيات؟
– ان عام 2012 كان من أكثر أعوام الأزمة صعوبة. فتداعيات الأزمة تزداد مع الوقت ما لم تتخذ الاجراءات اللازمة لمواجهتها، هذا الى جانب الأحداث الاقليمية وتطورات أزمة اليورو. لكن على الرغم من البيئة التشغيلية الصعبة محليا واقليميا وعالميا، استطاع بنك الكويت الوطني أن يواصل أداءه القوي محافظا على مستوى ربحيته ومحققا 305.1 ملايين دينار كويتي أرباحا صافية في العام الماضي.
وقد نجح البنك الوطني في أن يواصل النمو بوتيرة مستقرة بفضل السياسة المتحفظة المتجذرة في ثقافتنا وأسس عملنا. بل ان عام 2012 قد شكل علامة فارقة في مسيرة البنك لكوننا خطونا خطوات مهمة في مسار استراتيجيتنا الرامية الى تنويع مصادر الدخل وموازنتها محليا واقليميا، وتعزيز مكانتنا محليا واقليميا.
فعلى المستوى المحلي، رفع البنك الوطني حصته في بنك بوبيان الى %58.4 ليتحول الأخير الى شركة تابعة لمجموعة بنك الكويت الوطني. وهذه خطوة استراتيجية مهمة جدا لكونها تثبت أقدامنا في السوق المصرفية الاسلامية الواعدة، وتوفر لنا فرص نمو جديدة لتعزيز ايراداتنا وتنويع مصادرها.
أما على المستوى الاقليمي والدولي، فقد واصلت فروع البنك الخارجية وشركاته التابعة أداءها القوي، ونمت مساهمتها في اجمالي أرباح المجموعة بواقع %22.7 خلال العام الماضي، وهذا دليل على نجاح استراتيجية التوسع الاقليمي المدروس لدينا.
وبالتالي، فقد شكل عام 2012 على الرغم من التحديات الكبيرة التي فرضها، حلقة جديدة من سلسلة انجازات البنك الوطني، والتي نأمل أن نستمر في تحقيقها خلال الفترة المقبلة.
مجلس الحكماء
● بالعودة الى المجلس الاستشاري الدولي لبنك الكويت الوطني، ماذا تحدثوننا عن هذا المجلس وما أهميته؟
– يشكل المجلس الاستشاري الدولي مبادرة غير مسبوقة على مستوى المنطقة وانجازا حقيقيا بالنسبة لبنك الكويت الوطني، لكونه الوحيد في المنطقة وبين المجالس الاستشارية القليلة حول العالم التي تضم شخصيات وقيادات عالمية بهذا الوزن والتأثير. فلكل واحد من أعضاء المجلس انجازات تاريخية وبصمات واضحة في المجال المالي والاقتصادي والاجتماعي. وتكفي الاشارة الى أن رئيس سنغافورة الحالي الدكتور توني تان كان عضوا في هذا المجلس.
ومن المهم أن نشير هنا الى أن جمع هذا الكم من الشخصيات المرموقة والمؤثرة تحت مظلة مجلس واحد هو أمر في غاية الصعوبة، وما كان ليتحقق لولا السمعة الممتازة التي يتمتع بها بنك الكويت الوطني وجهازه الاداري على مستوى العالم. وأود أن أنتهز هذه المناسبة لتثمين الدور الأساسي الذي لعبه ابراهيم دبدوب في تأسيس هذا المجلس بفضل علاقاته الدولية المهمة مع هذه الشخصيات مثل جون ميجور ومارتن فيلديشتاين ومحمد العريان وبيل رودز وغيرهم.
ونشكر رئيس المجلس الاستشاري الدولي للبنك الوطني رئيس الوزراء البريطاني الأسبق السير جون ميجور وكافة الأعضاء على مساهماتهم الكبيرة والثمينة في عمل المجلس.
اختلالات هيكلية
● كيف تقيمون أداء الاقتصاد الكويتي؟ وما التحديات الماثلة أمامه، وكيف ترون الآفاق المستقبلية؟
– لا يخفى على أحد أن الاقتصاد يعاني من تداعيات الأزمة العالمية. لكن مشكلة الاقتصاد في رأيي تتخطى تأثيرات الأزمة، بل تتمثل بالاختلالات الهيكلية التي يعانيها والتي تتلخص بشكل أساسي بمحدودية الاقتصاد واعتماده على النفط مع تقلص دور القطاع الخاص. وهذا أمر مؤسف لأن القطاع الخاص هو من قاد نهضة الكويت الاقتصادية تاريخيا.
وإذا ما نظرنا إلى الاقتصاد غير النفطي، نرى أن حصته في الناتج المحلي الإجمالي قد تقلصت مع الوقت، وهذا أمر يدعو إلى التنبه والحذر، لأن الاعتماد على النفط يجعل الاقتصاد عرضة لتذبذبات أسواق النفط العالمية ويهدد ميزانية الدولة، ولا يمكن للقطاع العام المتضخم أصلا أن يواصل استيعاب آلاف الشباب سنويا، فالقطاع الخاص هو الوحيد القادر على توفير فرص عمل لأبنائنا لأن قدرة القطاع العام على توفير وظائف جديدة باتت محدودة جداً.
وتبقى الحلول واضحة وتتمثل بزيادة الإنفاق الرأسمالي وإطلاق المشاريع التنموية، والحد من هيمنة القطاع العام وزيادة دور القطاع الخاص عبر تسريع عملية الخصخصة، وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط وزيادة تنافسيته وإنتاجيته. وهذه الحلول ليست بالجديدة، بل قامت عليها صراحة خطة التنمية التي تفاءلنا كثيرا عند إقرارها. لكن تنفيذها جاء للأسف دون المستوى المأمول.
إلا أننا اليوم أكثر تفاؤلا حول الآفاق الاقتصادية للبلاد في ظل ما نشهده من جهود والتزام لتحريك المياه الراكدة وطرح مجموعة من المشاريع الكبرى والضرورية. وكلنا أمل في أن نرى هذه المشاريع وغيرها على أرض الواقع قريبا، ليكون العام الحالي عام العودة إلى مسار التنمية والنمو القوي.
تنشيط الاقتصاد
● ماذا تطلب المصارف من الحكومة؟
– إن ما تطلبه المصارف من الحكومة لا يخص حقيقة المصارف وحدها، بل هو مطلب عام من كافة القطاعات الاقتصادية التي ما زال معظمها يعيش تداعيات الأزمة. فالمطلوب هو أن تقوم الحكومة بتنشيط الاقتصاد وتحفيز نموه من خلال زيادة الإنفاق الرأسمالي وإطلاق المشاريع التنموية وتطوير البنية التحتية. وهذا حقيقة ليس بمطلب جديد، بل إن الخطة الخمسية التي تبنتها الحكومة تقوم على ذلك. لكن وتيرة تنفيذ هذه الخطة جاءت دون التوقعات، وما صرف فعليا كان أقل مما هو معتمد. وبالتالي، فما نطلبه من الحكومة هو أن ترفع من وتيرة تنفيذ هذه الخطة الذي لا شك من شأنه أن ينهض بالاقتصاد الوطني ويعزز نشاطه ونموه. وهذا سينعكس بدوره ليس على المصارف وحدها، بل على كافة القطاعات الاقتصادية وعلى كافة أفراد المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، المطلوب من الحكومة أن تسرع عملية الخصخصة لإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في عملية التنمية الاقتصادية.
تحرك جدي
● كيف تتوقعون ان يكون عام 2013 على مستوى الأداء التشغيلي العام؟
– إننا أكثر تفاؤلا اليوم حول الآفاق الاقتصادية عموما لعام 2013، وذلك لما لمسناه خلال الربع الأخير من العام الماضي والأشهر الأولى من العام الحالي من تحرك جدي لإطلاق وترسية مجموعة من المشاريع التنموية ذات الأثر المهم على الاقتصاد. وإذا استكملت الحكومة خطواتها المطمئنة هذه، فإن الأداء التشغيلي العام للبنوك وكافة الشركات الكويتية الأخرى سينتعش ويتحسن. ونحن متفائلون حقيقة بأن تواصل الحكومة طرح المزيد من المشاريع التنموية الواردة في خطة التنمية خلال هذا العام، ونأمل بشدة أن يكون عام 2013 عام العودة إلى مسار التنمية والنمو.
دعم السوق
● ما المطلوب لإنعاش البورصة؟
– إن البورصة بشكل عام هي مرآة الواقع الاقتصادي، والتراجعات الحادة التي شهدتها خلال الفترة الماضية تعكس بالفعل حالة الجمود التي شهدها الاقتصاد. وبالتالي، فإن أي خطوات تقوم بها الحكومة لتحفيز النشاط الاقتصادي ستترجم انتعاشا في البورصة. وهذا ما بدأنا نلتمسه إلى حد ما منذ بداية العام مع ارتفاع منسوب التفاؤل بالوضع الاقتصادي. لأن عامل الثقة أساسي في البورصة، فمتى ما استعيدت هذه الثقة بأداء الاقتصاد الكويتي، ستشهد البورصة تعافيا تدريجيا.
لكن ذلك طبعا لا يكفي ولا ينفي الحاجة إلى إجراءات فورية لدعم البورصة، نظرا إلى تأثيرها على آلاف الكويتيين ودخلهم، وعلى الدورة الاقتصادية عموما والدورة الائتمانية خصوصا في ظل وزن الأسهم ضمن سلة الرهونات والضمانات التي تقدمها الشركات. وبالتالي، يجب أن تدعم الحكومة البورصة على نحو أكبر من خلال الاستثمار في الأسهم القيادية ذات النشاط التشغيلي. وأقول استثمار لأنها ستحقق من ذلك عوائد مجزية بإذن الله.
ختاماً
● ختاما، ماذا تقولون لمساهمي البنك وموظفيه؟
– بالنسبة لموظفي بنك الكويت الوطني، فإني أوجه أسمى آيات الشكر والتقدير باسمي وباسم مجلس الإدارة لكل واحد منهم لما يبذلونه من جهود كبيرة وما يظهرونه من التزام وولاء لهذه المؤسسة لكي تحافظ على مكانتها الرائدة على مستوى الكويت والشرق الأوسط. فكل ما حققه بنك الكويت الوطني وكل ما بلغه يعود أولا وأخيرا إلى موظفيه. فلهم كل الشكر والتقدير. كما أشكر مساهمي البنك الوطني على دعمهم المتواصل للبنك. ونعدهم بإذن الله أن نواصل مسيرة النجاح والإنجازات.
شريك أساسي في نهضة الكويت
يقول محمد البحر: ان البنك الوطني شريك اساسي في نهضة الكويت منذ خمسينات القرن الماضي الى اليوم.. ويستذكر المؤسسين الاوائل وبعد نظرهم وعمق تجربتهم التي لا تضاهيها اي تجربة اخرى في الكويت.
الأكثر أماناً للمرة السابعة على التوالي
صدر الاسبوع الماضي تحديث لقائمة اكثر 50 بنكا امانا في العالم. وظهر اسم البنك الوطني في تلك القائمة للمرة السابعة على التوالي منذ بداية الازمة متفوقا بذلك على بنوك عالمية كبرى.
%53 من إجمالي أرباح البنوك
حققت مجموعة بنك الكويت الوطني، الأعلى تصنيفاً ائتمانيا في الشرق الاوسط، ارباحاً تعادل %53 من اجمالي ارباح البنوك الكويتية لعام 2012، حيث بلغ صافي ارباح المجموعة للعام المنتهي في 31 ديسمبر 2012 ما قيمته 1.081 مليار دولار بما يعادل 305 ملايين دينار كويتي، وذلك من اجمالي ارباح البنوك الكويتية البالغة 572.2 مليون دينار كويتي.
وجاءت ارباح بنك الكويت الوطني لتحتل الصدارة بين كل البنوك الكويتية، متقدماً بفارق كبير عن البنك الذي يليه.
وتعكس هذه الارباح امتلاك البنك للعديد من المقومات القوية المتمثلة في جودة الأصول، وكفاية رأس المال، ومتانة المؤشرات المالية، وتطبيق أحدث أساليب ادارة المخاطر، فضلا عن خبرة واستقرار جهازه الاداري، وسلامة التوجهات الاستراتيجية للبنك.
قم بكتابة اول تعليق