بعد أكثر من 4 أشهر على صدور القانون رقم 22 لسنة 2012 بشأن خصخصة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وتحويلها الى شركة، يبدو أن حالة من الاحباط بدأت تلقي بظلالها على الادارة العليا في شركة الخطوط الجوية الكويتية، كما على الموظفين فيها، بعد أن كان التفاؤل هو السائد نحو تحقيق نقلة في أداء الناقل الوطني يعيد اليه بريقه الذي فقده منذ أعوام طويلة.
واذا كان مجلس ادارة الشركة، استطاع خلال فترة وجيزة، الانتهاء من جزء كبير في ملف الموظفين الذي كان عالقاً لسنوات، عبر انهاء خدمات 933 موظفاً من الراغبين والمستحقين للتقاعد خلال الفترة من 13 ديسمبر 2012 حتى نهاية فبراير الماضي، وهو ما من شأنه أن يوفر في مصروفات «الكويتية» 50 مليون دينار سنوياً، اضافة الى البدء في اجتماعات واستدراج عروض من شركات عالمية مصنعة للطائرات على رأسها «ايرباص» و«بوينغ» لتحديث الأسطول المتهالك، فان عدم اعتماد البيانات الختامية لـ «الكويتية» منذ عام 2004 وتعويضها عن الخسائر التي تكبدتها طوال تلك الفترة، البالغة 435 مليون دينار حتى اللحظة، رغم ما ينص عليه قانون خصخصتها من تحمل الدولة الخسائر التي تكبدتها «الكويتية» خلال تلك الفترة، يشكل عائقاً رئيسياً ومعوقاً يقيد تحركات مجلس ادارة الشركة وادارتها التنفيذية من المضي قدماً في ما يخططون اليه من تحديث للأسطول وتوسع في الوجهات وتكثيف رحلات لوجهات حالية، وصولاً الى تحقيق الربحية بعدها قبل بيع حصة المستثمر الاستراتيجي في الشركة للقطاع الخاص، فأي تحرك جدي وملموس بهذا الاتجاه يحتاج الى أموال هي غير متوافرة حتى الآن، في ظل عدم تحرك حكومي ونيابي واضح لانهاء مشكلة عدم اعتماد البيانات المالية المتأخرة.
الأدهى من ذلك، أنه، ووفق مصادر مسؤولة، فان «الكويتية» لن يكون باستطاعتها دفع رواتب موظفيها بعد شهر مارس الجاري، اذا استمر الوضع على ما هو عليه، من دون اعتماد البيانات الختامية المتأخرة عن السنوات الماضية، وتحويل الدولة لمبالغ الخسائر المتراكمة لحساب الشركة، اذ ان القروض الثلاثة التي سحبتها «الكويتية» على المكشوف من البنك الوطني خلال الفترة الماضية، البالغة قيمتها 180 مليون دينار، لم يبق منها في حساب «الكويتية» سوى 13 مليوناً، في حين ان التزامات واجب سدادها على «الكويتية» تفوق هذا المبلغ بكثير منها 13.5 مليون دينار لـ «كافكو» و3.5 ملايين دينار لــ «كاسكو»، اضافة الى مصروفات الصيانة وبوليصة التأمين المرشحة للارتفاع اذا بقي وضع الأسطول على ما هو عليه، وهو ما يجعل «الكويتية» وقيادتها في وضع لا يحسدون عليه، لن ينتشلهم منه الا تحرك حكومي ونيابي سريع لحل تلك المعضلة!
موظفون منتدبون
وعودة الى موضوع الموظفين، فانه بقي 317 موظفاً من أصل 1250 من الموظفين الذين أبدوا رغبتهم في التقاعد، لم تُنه خدماتهم حتى الآن، وهو ما أرجعه مصدر مسؤول في «الكويتية» الى عملهم في مشاريع لم يتم الانتهاء منها، على أن يتم انهاء موضوعهم تدريجياً خلال الفترة المقبلة.
على الجانب الآخر، فان 311 موظفاً في «الكويتية» أبدوا رغبتهم في الانتقال للعمل في جهات حكومية أخرى، لا يزال وضعهم معلقاً، اذ لم تتوافر لهم الوظائف المطلوبة من قبلهم حتى الآن، ولا يزالون على رأس عملهم في «الكويتية».
وفي حين ترى مصادر أن ثمة حاجة فعلية لبقاء هؤلاء على رأس عملهم في «الكويتية»، وأن رغبات الكثير منهم في الانتقال لجهات عمل أخرى كانت تحت ضغط التخوف من مصير الشركة، وأن تلك المخاوف تبددت الآن، تؤكد مصادر أخرى أن بقاء ملف هؤلاء من دون حسم، يكبد «الكويتية» مصاريف اضافية، فهي التي تدفع رواتبهم حتى الآن، على اعتبار أنهم منتدبون للعمل في «الكويتية» لحين ايجاد ديوان الخدمة المدنية للآلية التي سينتقل فيها هؤلاء الى أعمالهم في الجهات الراغبين في العمل فيها.
تغيير الكيان القانوني
وحول التأخير الحاصل في اجراءات الترخيص لشركة الخطوط الجوية الكويتية لدى وزارة التجارة، أكدت مصادر مسؤولة في الشركة، أن مساعي حثيثة تُبذل للانتهاء من تغيير الكيان القانوني لــ «الكويتية» من مرفق عام الى شركة خاصة، قائلة ان مسودة بعقد التأسيس والنظام الأساسي ستُعرض قريباً على مجلس ادارة «الكويتية»، ومن ثم ستُعرض على الهيئة العامة للاستثمار لأخذ موافقتها عليهما باعتبارها تمثل الجمعية العمومية للشركة، ومن ثم التقدم بهما الى وزارة التجارة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن التعديلات الأخيرة على قانون الشركات الأخير، تبعها تعديلات على عقد تأسيس الشركة والنظام الأساسي، وهو ما عطّل الأمر بعض الوقت.
القانون جامد.. نحتاج إلى لجنة عليا بقرارات سريعة
ترى مصادر مسؤولة في «الكويتية» ضرورة تشكيل لجنة عليا تشمل مجلس الوزراء وإدارة الفتوى والتشريع والهيئة العامة للاستثمار ووزارة التجارة، إضافة الى «الكويتية»، تضع عبر قرارات قواعد راسخة للمضي قدما في خصخصة «الكويتية»، فالقانون – من وجهة نظرها – يبقى جامدا، ولا يعالج مشكلات وعوائق قد تطرأ امام الخصخصة، بدلاً من اللجوء الى مجلس الامة لطلب أي تعديل على القانون وهو ما يتطلب وقتا اطول، مضيفة ان من شأن ذلك ان يمهد لجعل خصخصة «الكويتية» نموذجاً يحتذى ويعتمد عليه في خصخصة مرافق عامة اخرى مستقبلاً.
احتجاجات تقودها قيادات
حول احتجاجات البعض على احالتهم إلى التقاعد، قال مصدر في «الكويتية» ان الاحالة الى التقاعد تمت بناء على الرغبات التي ابداها اولئك وانطباق شروط التقاعد عليهم، مضيفا ان النسبة الضئيلة المتذمرة من قرار الاحالة الى التقاعد من أصل 933 موظفا تم انهاء خدماتهم، في غالبهم كانوا يودون الاستفادة أكبر وقت من البقاء في الوظيفة ولم يتصوروا ان تنفذ رغباتهم بهذه السرعة، كما ان منهم قيادات كانت تمني النفس بابرام «الكويتية» عقودا خاصة معهم بعد تقاعدهم، وهو ما لم يتحقق لهم، نتيجة قناعة مجلس ادارة الشركة باعطاء الفرصة للقيادات من الصف الثاني والثالث في «الكويتية» خلال هذه الفترة الحرجة.
ولفت المصدر الى ضرورة ان يلتفت نواب مجلس الامة، بشكل اكبر الى 433 موظفا لا يزالون يعملون في «الكويتية»، وتذليل العقبات التي تقف في وجه تحديث اسطول «الكويتية» وتحسين ادائها، لان استمرار الوضع على ما هو عليه سينعكس سلبا على نفسياتهم وانتاجيتهم.
قم بكتابة اول تعليق