ملتقى مجلة العربي يبحث في قضايا الرواية النسائية ومظاهر التجدد

بدأ ملتقى مجلة (العربي) ال12 المعنون (الجزيرة والخليج العربي..نصف قرن من النهضة الثقافية) ندواته بعقد ثلاث جلسات اليوم عنيت بقضايا الرواية وبالرواية النسائية الخليجية ومظاهر التجدد في الرواية العربية في الخليج وشبه الجزيرة اضافة الى شهادات روائية من الجزيرة العربية.

وتناولت الجلسة الاولى موضوع (قضايا الرواية والسرد المعاصر في الخليج العربي) حاضر فيها كل من الدكتور عبدالله ابراهيم وليلى محمد صالح والدكتور محمد الشحات وأدارها الدكتور عبدالله المهنا وتقدمت خلالها ليلى محمد صالح ورقة عملها بعنوان (فضاءات المكان في الرواية النسوية الكويتية) وتطرقت في نبذة مختصرة الى نشأة الرواية في الكويت وبداية الابداعات الاولى لكتابات المرأة الكويتية في مجلة (البعثة) العامين 1946 و1947.

ورأت صالح ان تلك الفترة مهدت الطريق أمام بدايات السرد الروائي حيث ظهرت القصة القريبة من الرواية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي “وهي روايات تنتمي الى القصة الطويلة أكثر من شروط المقومات الفنية للرواية ألا أنها تعتبر في الوقت نفسه الاضاءة الاولى لميلاد الفن الروائي النسائي الذي بدأ عقب استقلال الكويت”.

وأوضحت انه مع مرحلة الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفني والفكري في البلاد بدأت مسيرة التنمية المشرقة والمضيئة في الثقافة والفن والابداع ومن خلالها انطلقت المسيرة الروائية بايقاع متسارع عن طريق الصحف والمجلات بشكل واسع.

وذكرت لصالح ان الكاتبة الكويتية بدأت في تلك الفترة تبحث عن التميز والتطوير في المشهد الثقافي الكويتي عموما وعلى ساحة كتابة الرواية خصوصا فغدت كتاباتها جزءا من الابداعات النسائية في سياق السرد الحداثي ومنارة روائية مضيئة.

ورأت ان الرواية النسائية اليوم أصبحت في جميع مناطق العالم من أهم السرديات حضورا في قوائم النشر المحلي والعربي حيث تعددت الدراسات والمناقشات حولها من قبل النقاد والباحثين كما جرت ترجمتها دوليا وعالميا.

وأشارت الى أن اسم المرأة لمع بامتياز في مجال الرواية التي تحمل الابتكار والتطور التقني لان المرأة حملت الرواية الى آفاق جديدة في مجال التحرر من القيود والثوابت الجاهزة الى مستوى الطموح الابداعي.

ولفتت الى المكان في الرواية النسوية مستشهدة بآراء نقاد الغرب والعرب في تعريف المكان وأهميته باعتباره “الحيز الحاوي” للحدث والابطال والزمان وهي في مجملها عناصر تكون المضمون وتعكس مظاهره الفنية والاجتماعية والجمالية “لان المكان من أهم العناصر المهمة في الرواية والاطار الذي تدور فيه أحداث السرد”.

وقالت صالح ان الرواية النسوية تناولت أيضا الصحراء والبحر لانهما يشكلان بيئة الكويت حيث تشكلت صفات الناس على شريط جميل ممتد بين الصحراء والبحر الذي تغنى به الشعراء وأبرزته الروايات والمسرحيات و”الاوبريتات” واللوحات الفنية وكان بمنزلة “فضاء الخطر والرزق والحب والشعر”.

من جانبه تناول الدكتور محمد الشحات في ورقة عمله المعنونة (الرواية النسائية الخليجية..جدل الهوية والشكل) أثر الوعي المديني في عقول أبناء الطبقة المتعلمة ممن مارسوا الكتابة الابداعية كما تأثروا بسماحة المدنية المتعددة التي لا تنطوي على أي نظرة طبقية.

وقال الشحات ان الشخصيات الروائية في روايات النهضة “لم تكن شخصيات نامية بالمعنى الذي نعرفه في روايات هذه الايام وانما كانت بمثابة أقنعة متبانية ينطق من ورائها صوت واحد تتعدد نبراته وتختلف طبقاته لكن بما يبقيه في مجال غواية التحديث”.

وأشار الى الدور البارز للمرأة العربية عموما والشامية على وجه الخصوص في نشأة الرواية العربية مثل أليس بطرس البستاني وليبية هاشم وزينب فواز وعائشة التيمورية كما لعبت الترجمة دورا كبيرا في نطاق المسكوت عنه من حياة المجتمع العربي آنذاك.

وذكر انه لا يمكن الزعم ببساطة أن هناك أدبا “رجوليا” خالصا وآخر نسائيا نقيا أو أدبا خشنا وآخر ناعما وغير ذلك من مسميات يغلب عليها الطابع الصحافي “البراق أو السطحي في بعض الاحيان”.

وبين ان الادب النسائي الخليجي لم يختلف عن ابداع النساء العربيات ببقية المناطق بمعنى إن كانت ظاهرة الابداع النساء العربيات بدأت مع اربعينيات وخمسينيات القرن العشرين فان ابداع المرأة الخليجية بدأ في ستينياته كالكاتبة فوزية رشيد وليلى العثمان وفوزية شويش السالم وميس العثمان وبثينة العيسى ورجاء عالم وباسمة يونس وميسون صقر وبدرية الشحي وجوخة الحارثي ومريم ال سعد ودلال خليفة.

من جهته رأى الدكتور عبدالله ابراهيم في ورقته المعنونة (مظاهر التجدد في الرواية العربية في الخليج وشبه الجزيرة..التمثيل السردي وتصدع الابنية التقليدية) وجوب معالجة ظاهرة التجديد السردي في رواية الخليج وشبه الجزيرة في ضوء مكاسب التجديد التي جنتها الرواية العربية على مستوى توظيف تقنيات السرد وطرائق التمثيل السردي وفي ضوء التلازم القائم بينهما.

وقال ابراهيم ان الرواية العربية عرفت منذ أول نشأتها منتصف القرن ال19 ضربا من السرد التقليدي الذي يحتفي بالحكاية ومداراة تسلسلها المنطقي الذي أخذ بعين الاعتبار التدرج المتتابع وصولا الى نهاية تنحل فيها الازمة.

وذكر ان الرواية في الخليج العربي أخذت بالتقنيات السردية الجديدة وسيلة للخروج عن النسق التقليدي الذي يقوم ببناء حكاية لا تنفصل عن السرد الذي يتولى تشكيلها ولم تغب عنها كذلك الطرائق الجديدة في التمثيل السردي عن الرواية العربية في منطقة الخليج وان كانت تأخرت زمنيا عن نظيراتها في بعض البلاد العربية الاخرى.

أما الجلسة الثانية من ندوات ملتقى مجلة العربي ال 12 فكانت على شكل جلسة حوارية مع ضيف شرف الملتقى الكاتب اسماعيل فهد اسماعيل وأدارها الكاتب سعود السنعوسي اعتبر المشاركون فيها الكاتب “المؤسس الحقيقي لفن الرواية في الكويت ” حيث قدم روايته الاولى (كانت السماء زرقاء) عام 1970ز واستشهد المشاركون في الجلسة هذه بما قاله الاديب العربي الشاعر صلاح عبدالصبور في تقديمه للرواية “كانت الرواية مفاجأة كبيرة فهي رواية للقرن ال20 قادمة من أقصى الشرق العربي حيث لا تقاليد لفن الرواية وحيث ما زالت الحياة تحتفظ للشعر بكبر مكان” كما تناولت الجلسة مسيرة الروائي اسماعيل فهد ومسيرته في كتابة القصة القصيرة والرواية واحتضانه لمواهب ادبية ابداعية شابة بالاضافة الى مشاريعه المستقبلية.

وشهدت الجلسة الثالثة تقديم شهادات روائية من الجزيرة العربية وأدارتها الكاتبة ليلى العثمان وتناولت سيرة عدد من الكتاب الخليجيين كفوزية شويش السالم وهدى حمد وسعود السنعوسي ويوسف المحميد ومحمود الرحبي وهدى الجهوري.

وكانت فعاليات ملتقى مجلة العربي ال12 (الجزيرة والخليج العربي..نصف قرن من النهضة الثقافية) الذي تقيمه المجلة سنويا انطلقت الليلة الماضية وتستمر على مدى ثلاثة أيام.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.