واصل مؤتمر المواطنة في المجتمع الكويتي تشخيصا للواقع ورؤية للمستقبل فعالياته لليوم الثاني على التوالي، وبدأت الفعاليات بالجلسة الثالثة للمؤتمر، التي حملت عنوان: «المواطنة وحقوق الإنسان بين ثقافة الطاعة وبيداغوغيا التقين» تحدث فيها: د. محمد عزت عبدالموجود، د. يعقوب الشراح، وأدار الجلسة د. عبدالله محمد الشيخ.
وقال خبير أول التعليم والقوى العاملة في البنك الدولي سابقا، والمدير الأسبق للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية في جمهورية مصر العربية، د. محمد عبدالموجود في بحثه المعنون أعلاه عن مفهوم التربية للمواطنة، حيث تعتبر التربية مهمة وضرورية للحياة الديموقراطية، كما تمكن الأفراد من اتخاذ القرارات الخاصة بحياتهم، وتحولهم إلى مواطنين أكثر قدرة على المشاركة وتحمّل المسؤولية، وتجعلهم قادرين على الإسهام في العملية السياسية، مواطنين على وعي تام بحقوقهم ومسؤولياتهم، وعلى علم بالعالم الاجتماعي والسياسي، ولديهم اهتمام بأحوال الآخرين، يحسنون التعبير عن آرائهم، مقنعين في فن المناقشة، ويتحمّلون مسؤولية أفعالهم.
مسؤولية مجتمعية
وتابع قائلا: إن التربية للمواطنة تعلم كيف تعمل الديموقراطية والقانون والاقتصاد، ولأنها تعليم مدى الحياة، فهي لا تنتهي بانتهاء التمدرس، وحدودها أبعد عن حدود المنهج الرسمي، كما أن التربية للمواطنة لها انعكاسات إيجابية على المتعلمين، فهي تنتج متعلمين مرتفعي الدافعية، نشطاء متحملين للمسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه المجتمع.
من جهته، ذكر د. يعقوب الشراح أن غالبية الأنظمة العربية تعتمد على المناهج المبنية على المعلومات الكثيرة والاختبارات والتذكر، موضحا أن الاهتمام المفرط بالمعلومات ضعف الاهتمام بالأهداف الأخرى (المهارية والوجدانية) وغيّب الاهتمام بمواكبة المستجدات والعناية بالتربية الوطنية أو التربية البيئية وغيرها من قضايا عصرية مهمة.
تجربة كويتية
وأشار إلى أن تجربته في المناهج الكويتية منذ السبعينات كانت تجربة حية، لأنها بداية الفترة لاعتماد الكويت على مناهجها الخاصة بدل مناهج غيرها، مضيفا أنه قد «انشغلنا في البدايات بوضع آليات العمل في المناهج وفي كيفية إشراك المجتمع في التخطيط للتعليم ووضع الأهداف العامة، فكان المؤتمر العام للتربية عام 1972، الذي شاركت فيه كل فئات المجتمع»، مستدركا «إننا في السبعينات كنا ندرك أهمية إشراك المجتمع في صياغة المناهج ووضع خطط التعليم، وان الوزارة يجب ألا تعمل بمعزل عن المجتمع».
أين الإشكالية؟
وأوضح الشراح أن إشكالية المناهج كانت وما زالت ليست في الإطار النظري، وإنما في الجانب التنفيذي، وأن مشكلات التطبيق ومعوقات الميدان التربوي من الأسباب الرئيسية في الإشكال من دون الالتفات إلى مواكبة المستجدات أو القدرة عليها، مضيفا أن محاولات تطبيق مجالات دراسية مثل التربية للمواطنة في الكويت بدأت منذ الثمانينات وأجريت العديد من الدراسات الميدانية في هذا المجال، ففي عام 1982 ركزت التربية في الكويت على إدخال ثقافة السلام والتسامح في المجالات العلمية للمرحلة الثانوية.
الغريبي: نموذج خليجي لتربية المواطنة
في النظام التربوي
أكدت الباحثة التربوية في مكتب وزيرة التربية والتعليم في سلطنة عمان د. زينب الغريبي في ورقة العمل المقدّمة بعنوان «موديل خليجي لتربية المواطنة في النظام التربوي»، أن المواطنة تعد أحد الجوانب المهمة في حياة أي مجتمع، فمن دون مواطنين يدركون حقيقة دورهم في تنمية مجتمعهم لا يمكن لأي مجتمع أن ينمو ويتطور ويتقدم إلى الأمام، مشيرة إلى أن التعليم يعتبر أفضل الوسائل في تنمية الشعور بالمواطنة الصالحة، وأطلقت على عملية تنشئة الطلبة على المواطنة مصطلح «تربية المواطنة»، والتعليم من أجل المواطنة بدأ يتلمس طريقه في أنظمتنا التربوية الخليجية، إيماناً بدور الأجيال المتعاقبة في ممارسة أدوار المواطنة الصحيحة والإيجابية والنشطة في المجتمع.
وبيّنت الغريبي أنه حتى يتم تطبيق تربية المواطنة، فلا بد من تحديد مداخل المواطنة المنشودة وأبعادها، وذلك ليكون التطبيق وفق نظريات مدروسة مقنّنة ترسم خط سير التطبيق والتقييم والمتابعة.
وقد قام كل د. سيف المعمري وزينب الغريبي في كتابهما «التربية من أجل المواطنة المسؤولة: النظرية والتطبيق 2012»، بتطوير موديل يحدد خط سير تربية المواطنة في أي نظام تربوي كخلاصة لنظريات ودراسات عالمية في هذا المجال، ووضعه بما يتناسب والمناخ العام لمجتمعاتنا الخليجية والعربية المسلمة، وقد قاما بتطبيقه على النظام التربوي العماني.
قم بكتابة اول تعليق