هناك غضب في أوساط بعض المغردين، وبعضهم ضمن قائمة التقاضي على ما يسمى بالأغلبية البرلمانية وتحديدا بعض شخوصها على اعتبار أن تلك الشخوص ورطتهم وتخلت عنهم وهو أمر لا يتفق مع واقع الأمور، كما يبدو لي، فكل شخص يتحمل مسؤولية أفعاله ولا يمكن تحميلها لأشخاص آخرين مادام قادرا على التمييز بين الخطأ والصواب، أما من كان غير قادر على التمييز بينهما فالقانون إلى صفه دائما على اعتبار حالته العقلية.
كل مواطن له فهمه الخاص للمشهد السياسي ومادام يمتلك مثل هذا الفهم وبنى موقفه على هذا الفهم فالطرف الوحيد الذي يمكن محاسبته على ذلك الموقف هو فهمه وإدراكه للأمور وليس الآخرون، فإذا كان يرى في موقف أعضاء ما يسمى بالأغلبية البرلمانية من قرار الحكومة إصدار مرسوم بتخفيض عدد الأصوات الممنوحة للناخب إلى صوت واحد مؤشرا إيجابيا فهو المعني بالأمر ولا يمكن أن يتهرب من تبعات هذا الموقف.
إذا تبنيت موقفا معينا في السياسة فعليك أن تصبر على «مره» وتداعياته فالنضال ليس نزهة في حديقة البلدية أو في ساحة الإرادة تتناول خلالها قدحا من الشاي أو القهوة وتذهب بعدها إلى فراشك لتحلم بإسقاط القروض أو «عطية» ألف دينار من الحكومة أو لعام كامل من المواد الغذائية المجانية، لأنك في تلك الحالة تقبض ثمن نضالك من المال العام وبالتبعية ليس هناك فرق بينك وبين من يتجاوزون على أموال الشعب من خلال المناقصات والاختلاسات.
النضال في بلد مثل الكويت لا يحتاج إلا للصمود أمام مغريات الحكومة وأبرزها الراتب المغري دون عمل، فلا يمكن وأنت تقبض راتبا يصل إلى ألف دينار شهريا دون أن تتواجد في مقر عملك أن تصبح مناضلا، ولا يمكن تبرير موقفك بعد ذلك بأن «كل البلد ما تداوم» لأنك في تلك الحالة ستبعث برسالة سلبية إلى الحكومة بأن لديك قابلية للبيع والشراء.
النضال في الكويت حتى يثمر يتطلب أن تقول «لا» كبيرة للحكومة عندما تخصص ألف دينار لكل مواطن من المال العام لأنها بهذا الفعل تشركك في الاعتداء على أموال الشعب التي لا يحق لك أن تمسها دون أن تقدم خدمة مقابلها، وأنت في تلك الحالة لا تقدم خدمة سوى السكوت على التجاوزات والقبول بها على اعتبار أنك شريك بها فإذا استطعت ذلك تكون قد قطعت جزءا طويلا من الطريق إلى الديمقراطية الشعبية، وقس على ذلك الموقف من المواد الغذائية المجانية وإسقاط فواتير الكهرباء والقروض وغيرها من أدوات شراء السكوت.. إذا استطعت ذلك فأنت فعلا مناضل.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق