
في قلب مدينة الكويت، تحديداً في منطقة القبلة، حكاية من زمن الماضي، كلماتها تناثرت فيما بين أروقة المباركية، حيث كان السوق القديم، المسمى باسم الشيخ مبارك الصباح، ولايزال حتى اليوم، يروي تفاصيل أيام، عاشها الأجداد، في ذاك الزمن.
خلف الأبواب الخشبية القديمة، من سوق التجار، الذي طالما ضم دكاكين باعة الجملة ومكاتبهم، الى نهاية السوق الداخلي، حيث ساحة الصرافين، المحاطة بدكاكينهم، تفرّعت الأروقة بطابعها التراثي المميز، بأسقفها المطعمة بالجندل والباسجيل، وزواياها المعرّشة بجريد النخيل المجدول، لتضم عدداً من الأسواق، المطلة على بعضها البعض، كل منها له ما يميزه عن دونه، فسوق الذهب يزدان بأقدم المصوغات الكويتية من الذهب الأصفر، أما سوق العبي والبشوت فيزهو بأصالة التطريز الكويتي، بينما الحلويات والتمور تلفها النكهة الكويتية، اللحوم والاسماك الكويتية والخضار الطازجة، البهارات الكويتية بألوانها وأنواعها، والعطارة القديمة التي لايزال هنالك من يبحث عنها، وأجود أنواع البخور والطيب الكويتي المعتق، حتى الكتب والمطبوعات القديمة، كان لها مكانها في مكتبة الرويح، أقدم مكتبة في السوق الداخلي.
كشك الشيخ مبارك، شاهد معماري بطرازه القديم، على ذاك الزمن، قابع وسط المباركية، بمقتنياته القديمة، التي تعددت فيما بين دفاتر الحسابات، هويات السفر، ورسائل وبرقيات بريدية، ومخطوطات ووثائق أصلية، يعود تاريخها لذاك الزمن.شيد الكشك الشيخ مبارك في أيام حكمه للكويت، ليكون اول محكمة تشريعية مستقلة، ثم اتخذ مقراً لمتابعة التجارة، ومتابعة شؤون الرعية، والنظر في نزاعاتهم والتشاور معهم.كما كان مقراً لمكتب البريد، وصيدلية اسلامية للأدوية، ومن ثم مكتبة عامة.
في ظل التطوير الذي طال سوق المباركية، تم اغلاق شارع الصرافين، والتقائه مع شارع احمد الجابر، وفرعي شارع احمد الجابر، القادم من تقاطع الدروازة، باتجاه شارع الصرافين ذاته، ليعقب ذلك اغلاق شارع فلسطين، عند التقائه بشارعي احمد الجابر وعبدالله السالم، عند نهاية شارع الغربللي.الأمر الذي أفضى الى خلو الطرقات، الا من المقاهي ذات الطابع الشعبي، التي ترامت على أطرافها، لتقدم الأطباق والمشروبات الكويتية الأصيلة، وتحاكي بطيب عبقها المطعّم بالهيل والزعفران، أجواء الأصالة التي طالما احبها روّاد السوق.
تبقى حكاية المباركية، بتفاصيلها القاطنة وراء أبواب دكاكينها الخشبية القديمة، وتحت أسقفها المعرّشة بالجريد، ووجوه الباعة المسكونة بروح ذاك الزمن، أحلى حكايا زمن الماضي، تروي الأروقة سطورها لمرتاديها الذين لا ينفكون بحثاً عن ما وراء تلك الأبواب من تفاصيل الحكاية.
مريم حسين مكي الجمعة
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق