أول العمود:
شيء إيجابي أن يوقع عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبدالله المطلق بالموافقة على تبرعه بأعضائه في حال الوفاة الدماغية، خاصة أن هناك فتاوى تحريم توقف تسيير هذا العمل الإنساني الذي يكتب حياة جديدة لآخرين.
***
أظن أن المعنيين بما يسمى بالحراك السياسي في الكويت قد اهتموا بحكم محكمة الجنايات الذي خص مسألة التغريد، وتحديداً “فهم القصد” منها إن جاز التعبير. وبموجب ذلك برأت المحكمة 5 مغردين الأربعاء الماضي “لم يعرف قصدهم” اتهموا بالعيب في الذات الأميرية.
هنا ألخص ملاحظات عامة على هذا التفسير القانوني، وهي كالتالي:
أولا: أن موضوع مساءلة المغردين مرشحة للتزايد مع مرور الزمن لسببين؛ أولهما أن موضوع التغريد في حد ذاته غير قابل للضبط بسبب نوعية الجمهور الذي يغذيه، فهو يشمل من لديه قضية ومن ليس لديه منطق حتى، إذ إنهم جمهور مختلط يختلف عن رابطة كتّاب مثلا أو أدباء معلومي الأسماء والمكان وحتى الفكر والتوجهات. والسبب الثاني يكمن في عدم وجود تشريع قانوني يعالج النشر الإلكتروني لا يستند إلى القانون الجنائي العام.
ثانيا: لا يزال– بعد حكم المحكمة- موضوع إعادة التغريدة أو “الريتويت” محل نظر القاضي في أي قضية مقبلة لأن الأصل فحص محتوى التغريدة المعادة، فعلى خلاف القاعدة المعروفة، ففي “تويتر” أو فضاء التغريد فإن ناقل الكفر كافر.
ثالثا: لا يزال موضع “السب في مكان عام” أو “إشاعة أخبار كاذبة عن البلاد” عصياً على الفهم في أجواء “تويتر”، فهذه التكييفات جاءت في قانون الإجراءات والمحاكمات الجنائية التي يجري تطبيقها على كيان إلكتروني مستحدث لا علاقة له بأجواء الكتابة على الورق أو الظهور في تلفزيون للمعارضة، فهل يعتبر القاضي “تويتر” مكاناً عاماً مع أنه مكان افتراضي!
رابعاً: ميز الحكم الصادر الذي جاء بمناسبة البت في قضية مواطنين بين الصراحة في القصد وباطن القول، وهذا عبء على المغردين وهم بالملايين، وبينهم أعداد مهولة لا تعرف خطورة الكلمة وما يترتب عليها من جرائم أو مساءلات قانونية، وسيكون لزاما على المغردين (في بلدي على الأقل) التفريق بين النقد المباح والإسفاف في القول حتى إن كان مبطناً بقصد.
خامساً وأخيراً: إن قرار المحكمة انتصر لحرية الرأي بشكل عام، لكن يبقى أن مسألة النقد يجب أن تكون أخلاقية بالدرجة الأولى.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق