خالد الجنفاوي: “الطنازة” آفة اجتماعية وإحساس بالنقص

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (الحجرات 1).
إذا كان ثمة آفة اجتماعية ترسخ الأنانية والشخصانية في المجتمع وتؤدي إلى نشر اللامبالاة وانعدام الحس بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية فهي اعتناق أساليب وخطابات الطَنْزُ والسخرية والتهكم وإتخاذها كأسلوب حياة وسلوك يومي Cynicism)) ! فالولع الغريب لدى بعض الساخرين بجهود أبناء وطنهم ومن يشككون بدوافعهم الحقيقية ويعيبون في قدراتهم وجهودهم المخلصة وينتقدوهم بشكل ساخر فقط لأن المخلصين يعتنقون حساً وطنياً بناءً وتفاؤلاً بما يمكنهم كمواطنين صالحين أن يقدمونه لمجتمعهم ولوطنهم هي آفات بطر ونقمة على الفرد وعلى المجتمع. فما إن تروج خطابات التهكم والسخرية في المجتمع(الطنازة) وبخاصة ضد المسؤولين أو ضد المؤسسات الحكومية الوطنية أو تجاه كل من يحاول الايفاء بمسؤولياته الوظيفية والوطنية, انما يدل ذلك على عبث وإستهتار “المُتطنز” الساخر بأسس ومبادئ الحياة الانسانية البناءة. فالبديل للجدية في العمل وإتقانه والحرص على الايفاء بمتطلبات الحياة الانسانية البناءة, هو التسيب الوظيفي والاستهتار وعدم الاكتراث بواجبات وبمسؤوليات المواطنة الهادفة. “والطَنْزُ” هو السُخرية ويقابلها في اللغة الانجليزية ” Cynical ” وهي تشير إلى ذلك الشخص الفاشل في حياته والناقم على فضائل أو أمانة الناس الآخرين. فالمتطنز يظن أن كل البشر مثله وتدفعهم وتحركهم فقط الأنانية والمصالح الشخصية, وليس رغبتهم مثلاً في الاخلاص في العمل أو إيمانهم الشخصي بمسؤولياتهم وبواجباتهم الاجتماعية الوطنية استناداً الى إيمانهم بمشروعيتها الأخلاقية !
فمن لا يخرج من فاهه اليابس وقلمه المعوج سوى تهكم مقيت على الآخرين يشعر بالنقص الشخصي تجاههم. فشتان بين من يحمل في قلبه وفي ذهنه إيماناً وإخلاصاً صادقاً بأهمية العمل الجاد بهدف بناء الفرد والمجتمع وبين من تملأ قلبه الغيرة الغبية والإحساس بالنقص الشخصي ضد من هم أكثر إلتزاماً منه أو أكثر تصديقاً بهويتهم الوطنية أو أكثر احتراماً لقوانين بلادهم. وبالطبع, في آخر المطاف سيجد المتطنز والساخر نفسه مضطراً الى الإجابة على الأسئلة التالية: من سيحقق النجاح آخر الأمر ? ومن سيتغلب على معضلاته وتحدياته? ومن هو الذي عاش حياة إنسانية هادفة ومثمرة وبناءة ارتكزت على الاخلاص في العمل والايمان بالمواطنة الكويتية الحقة?

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.