ناصر العبدلي: الفرق بين النضال والتمرد

هناك فرق كبير بين النضال والتمرد، فالنضال هو قول «رأي» أو عمل «ندوات واعتصامات»، الهدف منه الدفاع عن الحقوق التي كرسها الدستور، ويفترض أن يكون للنضال مرجعية دستورية، أما التمرد فهو مجموعة أفعال تهدف إلى تدمير سلطة أو إحلال سلطة محل سلطة قائمة، ويمكن من خلال التطورات على الساحة السياسية في الفترة الماضية أن نحدد ما يجري وما وجه الاستفادة؟!
هناك مجموعة كبيرة من المواطنين رأت أن هناك تجاوزات حكومية كبيرة في الفترة الماضية على نصوص الدستور من جهة وعلى المال العام من جهة أخرى، ولابد من تحرك لإعادة الحكومة إلى الخط الذي رسمه لها الدستور، ومادام هذا الأمر جرى في وجود مجلس أمة منتخب يفترض أن يكون هذا التحرك من خلال الأدوات الدستورية التي حددها الدستور، وهو
ما حصل بالفعل من بعض النواب.
الحكومة بالتعاون مع بعض الأقليات النيابية حالت دون استخدام النواب لأدواتهم الدستورية لمعرفة ما يجري وما هي أسباب تجاوز الحكومة على النصوص الدستورية وعلى المال العام، ولم تعرف أنها بتلك الخطوة تدق آخر مسمار في نعشها، لكن هذا ما حصل، مما اضطر بعض النواب إلى النزول للشارع مع بعض الحركات الشبابية، حتى انكشف ملف الإيداعات المليونية وطوي ملف الحكومة السابقة.
حُلَّ مجلس الأمة، وانتخب مجلس أمة تغيرت الخريطة فيه إلى حد كبير عن سابقه، وكلفت حكومة جديدة كانت متعاونة إلى أبعد الحدود، ولم يكن هناك ضرر من أن يكون بعض أعضائها من الحكومة السابقة، فالمعيار الوحيد الذي يمكن قياس أدائها عليه هو الإنجاز، وذلك يحتاج إلى فسحة من الوقت حتى يمكن الاستدلال عليه، لكن هل هذا هو ما حدث؟! بالطبع لا.
ما حدث لم يكن عملا سياسيا ولا برلمانيا، فقد استخدمت مجموعة من النواب تجمعت على كره الحكومة السابقة، لتشكيل أغلبية داخل البرلمان لم تكن تملك تصورا تنمويا
أو حتى تطويريا للواقع الذي نعيشه، بل وتحمل من المتناقضات فيما بينها أكثر مما تحمله قصائد المتنبي، وكان بعضها له حسابات طائفية يريد تصفيتها وآخر لديه حسابات مناطقية يريد تصفيتها، وبعضهم أداة لهذا الطرف أو ذاك يهمه إفشال التجربة برمتها.
هل من الممكن أن نصدق أن من يحارب الحريات ويحجر على الإنسان يفكر في أن يكون مدافعا عن الدستور وهو الذي كان يريد تفريغه من محتواه من خلال تكبيله بتعديلات تتناول كل مجريات الحياة؟ هل من الممكن أن نصدق أن من خاض الانتخابات الفرعية، وهي انتخابات يجرمها القانون، سيكون يوما ما مدافعا عن حرية أحد غير قبيلته التي يمثلها في مجلس الأمة؟! هل عرفتم الفرق بين النضال من أجل الدستور والتمرد عليه؟
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.