وجه المحامي والكاتب احمد المليفي رسالة الى صاحب السمو الأمير قائلا «سر يا صاحب السمو، سر يا ربان السفينة، فكلنا معك، وليس هناك كويتي صامت بعد اليوم، وليس بيننا «قوم مكاري» وليست هناك أغلبية صامتة، وهذا عهدنا لك.ووجه رسالة الى من يستهزئون بمجلس الامة الحالي ويسمونه «مجلس الصوت الواحد» قائلا لهم «شئتم أم أبيتم فغدا أيضا سيكون نوابكم أعضاء «مجلس الصوت الواحد». ووجه رسالة الى كل الكويتيين قال فيها «أترك الجواب بشأن السؤال (ماذا بعد حكم المحكمة الدستورية المنتظر؟) لضمائركم فاختاروا ما شئتم.
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان «ماذا بعد حكم المحكمة الدستورية المنتظر؟» اقامها تجمع «عهد» مساء امس الاول في ديوان الكاتب الصحافي سعد المعطش بمنطقة الصليبيخات.
وقد استهل المليفي الندوة بالحديث عن الطعون الانتخابية على مرسوم الضرورة بشأن تغيير آلية التصويت من اربعة اصوات الى صوت واحد حيث قال: اطلعت على بعض الطعون المقدمة للمحكمة الدستورية وجميعها ارتكزت على نقطة جوهرية واحدة وهي مدى تحقق شرط الاستعجال أو الضرورة في المرسوم المطعون عليه وهذا يفرض علينا محورين من البحث، الأول يختص بشروط توافر أسباب ومبررات تطبيق المادة 71 من الدستور، والثاني موقف المعارضين من مراسيم الضرورة وأحكام المحكمة الدستورية السابقة التي كانت لصالحهم والذي يناقض مواقفهم اللاحقة.
واضاف: طبقا للمادة 71، اذا حدث بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز للأمير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون على ألا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها اذا كان المجلس قائماً وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي فاذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى اصدار قرار بذلك أما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون الا اذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر.
اوضح ان هناك شروطا واجبة منها الشرط الزمني لممارسة هذه السلطة التشريعية، في الفترة التي لا يكون فيها مجلس الأمة موجوداً، كما بينت المادة 71 (اذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حل..) وكذلك الشرط الاجرائي مع موافقة المجلس بنص المادة 71 (..يجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة..فاذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون..أما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون..) بالاضافة الى الشروط الموضوعية في ذات المرسوم، ألا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية..
اي ان مراسيم الضرورة لها قوة القانون وذلك ظاهر من عبارة (مراسيم لها قوة القانون) فقوة الزامها ترتفع الى مصاف القانون لا أكثر وبالتالي فانه لا يجوز لها ان تعدل أو تلغي مادة دستورية ولا القواعد القانونية التي ترتفع بقوة الدستور فوق القانون العادي كالقواعد القانونية التي يرفعها الدستور الى مرتبته (كالقانون رقم 4 لسنة 1964 بشأن أحكام توارث الامارة) لان لهذا القانون صفة دستورية فلا يجوز تعديله الا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور وفقاً لنص المادة الرابعة من الدستور التي نصت على الصفة الدستورية لهذا القانون حيث جاء فيها(الكويت امارة وراثية في ذرية مبارك الصباح..
وينظم سائر الاحكام الخاصة بتوارث الامارة قانون خاص تكون له صفة دستورية فلا يجوز تعديله الا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور).ولا يجوز لمراسيم الضرورة مخالفة التقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، فلا يجوز للسلطة التنفيذية بموجب حقها في اصدار المراسيم بقوانين مثلا نقل أي مبلغ من باب الى آخر من أبواب الميزانية، ولا يجوز ان تستخدم هذه السلطة لتجاوز الحد الأقصى لتقديرات الانفاق الواردة في الميزانية.
وآخر شرط هو توافر تدابير لا تحتمل التأخير في حال الضرورة.واوضح المليفي ان المبررات الشكلية القانونية الاجرائية لهذا الشرط تتبين من ان المادة 71 من الدستور لم تسم ولم تحدد ولم تصف بشكل قسري وحصري حالات الضرورة وتركت ذلك لتقدير السلطة التشريعية طبقا للمادة 51 من الدستور التي تنص على ان السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور.
والمادة 50 من الدستور تنص على: (يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور.ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور) في حين ان المادة 69 من الدستور الخاصة بالأحكام العرفية وخلافا لنص المادة 71 سمت هذه المادة بمرسومها (مرسوم ضرورة) بل وحددت حالات الضرورة حيث جاء فيها (يعلن الأمير الحكم العرفي في أحوال الضرورة التي يحددها القانون).
وقد حددت المادة الأولى من قانون الأحكام العرفية رقم 22 لسنة 1967 الأحوال التي يجوز فيها اعلان الحكم العرفي: اذا تعرض الأمن والنظام العام في الدولة أو جهة منها للخطر او حدث وقوع عدوان مسلح على الدولة او في حال الخشية من وقوع ذلك العدوان او كان وشيكاً بالاضافة الى وقوع اضطرابات داخلية او تأمين سلامة القوات المسلحة الكويتية.
جهل وخلط
ونبه المليفي الى وجود تشابه كبير بين المادة71 والمادة 69، وان ذلك هو ما ادى الى اختلاط الأمر على الكثيرين حيث ظنوا ان مرسوم الضرورة هو فقط ما يصدر في ظروف الحروب والكوارث «وهذا جهل وخلط بين المرسومين الدستوريين وكلاهما له ضرورته الخاصة وظرفه وكلاهما من حق الأمير دستوريا» ولكن يجب الانتباه الى ان أحدهما محدد بالوصف للضرورة والآخر ترك تقديره لسلطة الأمير التشريعية.واشار الى ان المبررات والتدابير الموضوعية التي لا تحتمل التأخير أدت لتعديل عدد الأصوات بالمرسوم الأميري.
وقال المليفي ان دواعي مرسوم الضرورة لمن استفسر عنها هي الطعن وتشكيك الأغلبية بحكم القضاء في قضية طعن الحكومة بالدوائر واعلان ومطالبة الأغلبية بتعديلات دستورية وقضائية وسياسية، «فقد طالبوا بسحب أغلب صلاحيات سمو الأمير الدستورية ومنها ما تمثل بالمطالبة بتسعة وزراء منهم في الحكومة وان على الحكومة ان تأخذ الثقة من المجلس وليس من الأمير قبل توليها»، بالاضافة الى عدم تصويت الوزراء المعينين داخل المجلس والمطالبة برئيس وزراء شعبي مع اخراج وزارات السيادة من آل صباح، وآخرها امارة دستورية، «وجميع ما سبق مخالف للدستور ويكفي مطلب واحد منها ليكون مبررا لحل المجلس وهذا هو بالضبط ما كان يسعى اليه البعض ليكون مبررا للتهديد بالربيع العربي، فالنية مبيتة.
واضاف المليفي ان الأحكام القضائية بشأن تقدير حالة الضرورة جاءت من خلال القضاء على ان تقدير حالة الضرورة من عدمه أمر متروك للسلطة التنفيذية.
ومضى قائلا ان لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية الكويتية رفضت ان تخضع السلطة التنفيذية لتوافر شرط الضرورة لرقابتها ففي حكم أصدرته بتاريخ 1982/6/28م ذهبت الى ان حالة الضرورة الموجبة للتشريع الاستثنائي هي شرط سياسي لا قانوني مما جعل تقديرها يعود للأمير كما أكدت في الحكم نفسه ان الرقابة على تقدير حالة الضرورة متروكة أصلاً للسلطة التشريعية دون القضائية، ومما جاء في الحكم (أما حالة الضرورة الموجبة للتشريع الاستثنائي فهي شرط سياسي لا قانوني) وهي بذلك تدخل نطاق العمل السياسي الذي ينفرد رئيس الدولة بتقديره، واذا كانت الرقابة على العمل السياسي متروكة أصلاً للسلطة التشريعية دون القضائية في الأحوال العادية ولا تدخل فيها الحالة المطروحة الا ان القانون المطعون فيه قد عرض على مجلس الأمة فأقره وبذلك يكون قد أقر أيضاً حالة الضرورة المبررة لاصداره.
موقف متناقض
وقال المليفي ان موقف المعارضة من الاحكام الدستورية متناقض، وان من يرفض اليوم تعديل النظام الانتخابي كان يطالب بتعديل الدوائر واصدار مرسوم ضرورة، وكان يؤكد بشدة ان الدوائر الخمس مرحلة انتقالية للدائرة الواحدة، وكان يحض القيادة السياسية على استخدام كل الرخص الدستورية لاصدار مرسوم ضرورة وفقا لنص المادة 71 من الدستور، وهذا بالضبط ما كان يطالب به النائب أحمد السعدون في 2008 كما ان النائبين أحمد السعدون وخالد السلطان ترشحا لانتخابات مجلس الأمة عام 1981 وفازا بالعضوية عبر مرسوم ضرورة بتعديل عدد الدوائر الى خمس وعشرين، ولم يعترضا على ذلك المرسوم بل ان أحمد السعدون ترشح للرئاسة وحين فشل في الحصول على رئاسة المجلس ترشح لمنصب نائب الرئيس.كذلك حين أصدرت المحكمة الدستورية حكمها عام 1996 لمصلحة أحمد السعدون بأحقيته برئاسة المجلس كان وقتها يطالب الحكومة باحترام القضاء ويقول انه لا يجوز الخوض في حكم المحكمة الدستورية ويجب احترامه وتنفيذه، أما اليوم فيقول عن الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية ببطلان اجراءات حل مجلس 2009 ومرسوم دعوة الناخبين ونتائج انتخابات 2012 انه انقلاب على الدستور!.

قم بكتابة اول تعليق