فقدت الكويت بالأمس احدى أبرز نسائها في تاريخ الكويت المعاصر، والتي عاشت فترة ما قبل وبعد الاستقلال والدستور، وعاشت مرحلة النهضة، وكانت أول امرأة تتقلد منصب رئيس تحرير في الكويت، وهي السيدة غنيمة فهد المرزوق رحمها الله.
والى جانب العمل الاعلامي، اهتمت الفقيدة كثيرا في العمل الخيري، ولها بصمات كثيرة على التعليم في الخارج، ومنحتها جامعة قرقيزيا درجة «الدكتوراه الفخرية» لأعمالها في مجالات الخير في قرقيزيا.
وقد تم تكريمها من قبل الأمانة العامة للعمل الخيري بجمعية الاصلاح الاجتماعي تقديرا لجهودها ومساهماتها وتبرعاتها السخية في مختلف المجالات الخيرية في الكويت وخارجها، ولحصول جامعة محمود قشغري بجمهورية قرغيزيا – التي تبرعت أم هلال ببنائها – على جائزة دولية لمساهمتها في تطوير التعاون بين أوروبا وآسيا، ولتقوية العلاقات الاقتصادية والثقافية بين الدول بنتائج نشاطها على مدار 11 سنة منذ تأسيسها، وذلك في اطار لقاء «قمة رؤساء أكسفورد» في بريطانيا في عام 2010م، فتعدى أثرها العمل الخيري والتعليمي الى الأثر الاقتصادي والثقافي الدولي.
وكان الحفل برعاية المستشار راشد الحماد نائب رئيس الوزراء ووزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الاسلامية، ومن اللطائف كلمة الشيخ د.جاسم مهلهل الياسين التي قال فيها: لغنيمة المرزوق من اسمها نصيب، فهي «غنيمة» للعمل الخيري ولبلدها ولشعبها وأولادها وأرحامها، و«مرزوق» بأن جعلت الدينار في مكانه ومحله، وهذا بتوفيق الله يوفق الانسان في اسمه وعمله.
أما نائب سفير قرقيزيا في السعودية فقد قال: أنا أحد خريجي الجامعة الكويتية القرقيزية، التي أنشئت على يد من يعشقون البذل في ميادين الخير، وأهل قرقيزيا أحبوا أهل الكويت في الله، وأولهم أمنا غنيمة فهد المرزوق..أم هلال، بل أم القرقيزيين جميعا.
وأذكر بعد وفاة أخي الحبيب الكاتب الصحافي عادل القصار، ان اتصل بي أ.محمد مرعي من طرفها حيث كانت مريضة، وذلك بعد مقال كتبته عنه، وأبدت استعدادها جزاها الله خيرا لتحمل تكاليف طباعة كتاب يحمل سيرته وأبرز مقالاته.
خالص العزاء لآل مرزوق وآل فجحان المطيري بوفاة السيدة غنيمة المرزوق، التي ستكون باذن الله غانمة للخير، وأسأل الله عز وجل لها المغفرة والرحمة، وأسكنها فسيح جناته، وأن يخلف في أهلها وذريتها خيرا.
٭٭٭
من آخر المقالات التي كتبتها أ.غنيمة المرزوق رحمها الله والذي انتشر كثيرا، والذي يمثل نتاج خبرة حياتية وعملية طويلة هذا المقال..
«عيب أنتِ بنت» كلمة سمعناها كثيرا في طفولتنا، ورددتها «أغلب العجائز» آنذاك. كنا نرى الولد يحظى بكل أنواع المتعة من مأكل وملبس ولعب وسيارات، كان قلبنا يحترق، نريد ان نلعب بالفريج، ولكن الحكارة لنا بالمرصاد، وكلمة عيب..عيب، كان كل شيء عيبا، ولا نعرف ما معنى عيب، وببراءة الطفولة سألت جدتي «كيف أصبح رجلاً؟»، فردت بدهاء: «حِبي كوعك»، والكوع هو العظم الذي يفصل الذراع عن الزند.
حاولنا مراراً مع بنات الفريج دون جدوى، كبرنا وكبرت آمالنا وتطلعاتنا، نلنا كل شيء، نهلنا من العلم والمعرفة ما يفوق الوصف، أصبحنا كالرجال تماما، نقود السيارة، نسافر الى الخارج، نلبس البنطلون، ارتدينا الماكسي الشبيه بالدشداشة، والحجاب الشبيه بالغترة، أصبح لنا رصيد في البنك، أصبح لنا رجل يحمينا ويعطينا كل شيء دون قرقة أو نجرة، وصلنا الى المناصب القيادية واختلطنا بالرجال، ورأينا الرجل الذي أخافنا في طفولتنا.
أصبحنا نحن النساء رجالا وبدأت تعتري أجسادنا الأمراض، وأصبنا كما يصاب الرجل نتيجة تحمل المسؤولية بالسكر وتصلب الشرايين، بدأ الشيب يغزو الشعر الأسود، وبدأ الشعر الكثيف الذي كأنه ليل أرخى سدوله بالسقوط، وبدأت الصلعة تظهر نتيجة التفكير والتأمل والذكاء!! الرجل كما هو، والمرأة غدت رجلا تشرف على منزلها وتربي أطفالها وتأمر خدمها، وتقف مع المقاولين، وتقابل الرجال في العمل، وكثرت هذه الأيام ظاهرة العقم عند النساء، وعن سؤال وجه لاختصاصي كبير في الهرمونات قال: ان هناك تزايدا في هرمونات الذكورة عند النساء في الكويت، وقد يكون سببها البيئة!! هذه حقيقة ذكرها طبيب عريق في مجال العقم.
وبعد ان نلنا كل شيء، وأثلجت صدورنا انتصاراتنا النسائية على الرجال في الكويت، أقول لكم بصراحتي المعهودة: «ما أجمل الأنوثة»، وما أجمل المرأة..المرأة التي تحتمي بالرجل، ويشعرها الرجل بقوته، ويحرمها من السفر لوحدها، ويطلب منها ان تجلس في بيتها، تربي أطفالها، وتشرف على مملكتها، وهو السيد القوي.
نعم..أقولها بعد تجربة، أريد ان أرجع الى أنوثتي التي فقدتها أثناء اندفاعي في الحياة والعمل، ان الذكاء نقمة في بعض الأحيان، وأغلب الأمراض الحديثة نتيجة ذلك، وما أجمل الوضع الطبيعي لكل شيء، لقد انفتح المجال أمامنا بشكل أتعبنا جميعا.والآن..لو تيسر لنا فعلا وبالآلات الحديثة «حبة الكوع» فلن أفعل هذا العمل اطلاقا، ولن أخبركم بالسر، ولكن سأحتفظ به لنفسي.
د. عصام عبداللطيف الفليج
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق