أقر البرلمان الكويتي أمس مبدئيا قانونا يقضي بإسقاط فوائد القروض البنكية عن المواطنين الذين اقترضوا من البنوك المحلية خلال الفترة ما بين مارس 2003 إلى مارس 2008.
وأتت موافقة البرلمان المبدئية على القانون بعد أربع ساعات من سجال طويل بين النواب ووزير المالية من جهة، وبين النواب أنفسهم من جهة أخرى، وهو ما كشف حالة انقسام حادة بين مؤيدي ومعارضي القانون، قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق يقضي بتمرير القانون في مداولته الأولى بشكل مبدئي، وجاءت نتيجته بموافقة 33 نائبا، وامتناع 20 بينهم وزراء الحكومة، وعدم موافقة 3 نواب.
وسيتعين على الحكومة والنواب العمل على معالجة جميع الملاحظات والاختلافات التي شابت القانون، وتقريب وجهات النظر بين مؤيديه ومعارضيه قبل إقراره مجددا في مداولة ثانية، ليصبح بعدها نافذا متى ما حظي بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان الذين يبلغ عددهم 65 عضوا هم مجمل أعضاء البرلمان، 50 عضوا مضافا إليهم 15 وزيرا يمثلون الحكومة.
وأرجع مؤيدو القانون موافقتهم إلى وجود خلل برقابة بنك الكويت المركزي ساهم بتضاعف عدد القروض وارتفاع معدلات الفوائد المسجلة عليها، وأن هناك حالات احتسبت فيها فوائد الاقتراض بمبالغ فاقت قيمة القرض الذي حصل عليه المقترض كأصل للدين، وفاقت كذلك قيمة الفائدة التي تم الإقراض بموجبها نظرا لعدم ثبات معدلات الفائدة التي يضعها بنك الكويت المركزي بشكل دوري خلال تلك الفترة، ورأوا أن هذه القضية تحولت إلى قضية شعبية، لكون عدد كبير من المواطنين اقترضوا من بنوك تلاعبت بهذا الملف، مما ساهم في خلق حالة تستوجب المعالجة.
فيما أسند معارضو القانون وجهة نظرهم إلى أن مسألة وجود خلل في رقابة البنك المركزي على البنوك المحلية تتطلب من البنك المركزي أن يفرض غرامات وعقوبات على البنك المخطئ، لأن تصويب الدولة هذه الأخطاء باستخدام المال العام وضخها مجددا كسيولة نقدية أو تقليصا لمخصصات محجوزة سلفا في ميزانياتها لمعالجة مثل هذا الأمر، غير منطقي وغير مقبول، وكأن الدولة تكافئ البنوك المخطئة، ناهيك عن انعدام العدالة في معالجة أوضاع وتسويات هذه الشريحة، وعدم وضوح حجم الشريحة التي ستستفيد من هذا القانون، خاصة أن 90 في المائة من المقترضين سددوا ما عليهم من التزامات محتسبة كفائدة للقرض، وشرعوا الآن بدفع قيمة أصل القرض.
ومن جهته، أبدى وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي تحفظا حكوميا خلال جلسة البرلمان أمس، حينما قال إن مشروع قانون إسقاط فوائد القروض الذي يريد النواب تمريره «غير مدروس، وفيه خلل تشريعي ومهني؛ لأنه لا يحدد الشرائح المستفيدة منه، ولا يضع سقفا محددا لكل منها، ولا يقدر كلفة حجم المعالجة على المال العام».
وأضاف وزير المالية أن «حجم الكلفة التقديرية لهذا القانون قد تصل إلى 4 مليارات دينار كويتي (12 مليار دولار أميركي)، وهو رقم لم يكن محل اتفاق بين الحكومة والبرلمان».
أما رئيس اللجنة المالية البرلمانية يوسف الزلزلة فاستغرب اعتراض وزير المالية؛ حيث إن الوزير سبق أن أعلن الأسبوع الماضي وجود توافق بين الحكومة والبرلمان لمعالجة هذا الملف، «وإن كان هناك من لديه تحفظ أو تعديل على القانون الذي عملت على إنجازه اللجنة المالية البرلمانية فليقدمه، سواء من الحكومة أو النواب، لكن دعونا لا ننسف القانون».
ووسط حالة التباين في وجهات النظر تمكن مؤيدو القانون والحكومة من تمريره بالموافقة عليه مبدئيا، على أن تتم معالجة جميع الملاحظات التي ذكرها النواب المعارضون؛ ليخرج القانون بصيغة توافقية بين جميع الأطراف.
وفيما أعلن رئيس البرلمان الكويتي علي الراشد، احتمال التوصل لصيغة توافقية بين الطرفين خلال أسبوع، من شأنها حل هذا الملف وإقرار القانون، واعتبر الراشد أن امتناع الحكومة عن التصويت يوم أمس «موقف يحسب لها، وهذا نوع من التعاون».
وفي حال لم توافق الحكومة على القانون فإنه سيحتاج إلى موافقة 33 نائبا، وهو العدد الذي حققه أمس لمروره بالمداولة الأولى، إلا أن امتناع الحكومة ومعارضة عدد من النواب أسهما في تعقيد المشهد، خاصة في حال رفضت الحكومة القانون وردته على المجلس، وفقا لما تملكه من صلاحيات دستورية، ليحتاج بعدها إلى إجراءات تشريعية أكثر تعقيدا لتمريره، وحينها سيتوجب أن يوافق عليه 44 نائبا، وهو أمر يصعب تحقيقه في حال رفضت الحكومة تقديم أي تنازل في هذا الملف.
وبدورها استبعدت مصادر نيابية أن يرى القانون النور بسب وجود وجهتي نظر متقاطعتين، الأولى تسعى لمساعدة المواطنين ومعالجة تداعيات هذا الملف عليهم، والأخرى تهدف لدعم البنوك عبر ضخ سيولة حكومية تأتي اليوم على شكل معالجة لمشكلة ربما تكون انتهت فعليا عند بعض المقترضين.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن كثيرا من النواب أرادوا تعزيز شعبيتهم ورصيدهم في الشارع على حساب المال العام، من خلال تبينهم ورفعهم لشعار إسقاط فوائد القروض، بل إن بعضهم سعى كنوع من المزايدة لأن تتحمل الدولة من المال العام معالجة لفوائد المقترضين من غير الكويتيين، على خلاف ما كانوا يريدونه سابقا، وأن عددا من النواب المزايدين أراد إضافة البنوك التي تعمل وفقا لنظام التعامل المالي الإسلامي ضمن شريحة البنوك التقليدية لتوسيع الشريحة المستفيدة؛ بغرض زيادة شعبيته في الشارع، رغم وجود اختلاف جوهري بالتعامل المصرفي بين الجهتين.
المصدر الشرق الاوسط – السعودية
قم بكتابة اول تعليق