إذا ما اعتمد التوافق الحكومي النيابي بشأن إسقاط فوائد القروض، فهل يحق لنا أن نتوقع اهتماماً أفضل بالأولويات الاقتصادية في الكويت؟ هناك العديد من المراقبين من يعتبرون أن هذا التوافق يؤكد أن الأولويات مقلوبة لدى المجتمع السياسي في البلاد. هل يملك أعضاء مجلس الأمة والوزراء رؤية بشأن التنمية الاقتصادية المستدامة التي تعتمد على تطوير النظام التعليمي والرعاية الصحية وتوفير الإسكان للمواطنين بموجب معايير عصرية وواقعية وبما يساهم في الحفاظ على المال العام وتوظيف مختلف الإمكانات والقدرات الوطنية؟ لم نلحظ حتى الآن، ومنذ انتخابات مجلس الأمة في ديسمبر (كانون الأول) 2012، وبعد تشكيل مجلس الوزراء الحالي، لم نلحظ اهتماماً بمسألة النهوض بدور العمالة الوطنية والارتقاء بالقدرات المهنية، وتعزيز عملية الإصلاح التعليمي على أسس راسخة. صحيح تم اعتماد قانون «المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، ولكن لم يصاحب ذلك وضع تصورات لتوظيف أموال ذلك الصندوق من أجل تعزيز المبادرات الخاصة في مجالات عمل حيوية وجديدة وقادرة على المساهمة بحيوية في الناتج المحلي الإجمالي، وفي الوقت ذاته تكون قادرة على جذب العمالة الوطنية بعد تأهيلها مهنياً. بتقديري، أن مسألة التنمية البشرية تستحق أن تكون أولى الأولويات في عملية التنمية في البلاد، حيث إن مجتمعنا السكاني هو مجتمع شاب لا تقل نسبة من هم في سن أقل من الثلاثين عن 70 في المائة من المجتمع السكاني الكويتي.
هناك، أيضاً، قضية التخصيص والإصلاح البنيوي في الاقتصاد، فلا يجوز في عصرنا هذا أن تستمر الدولة في تملك وإدارة المنشآت الخدمية والمرافق وبشكل غير كفوء وبتكاليف عالية دون الارتقاء بمستوى المنتجات والخدمات التي تقدّمها. هناك تدهور في الرعاية الصحية وعجز في توفير السكن للمواطنين وتآكل في البنية التحتية، ناهيك عن المشاكل التي تواجه مرافق الكهرباء والمياه والهاتف. هناك العديد من المناطق الجديدة التي يظل السكن معطلاً فيها نتيجة للمشاكل الناتجة عن عجز المرافق. ألم يحن الوقت للاستفادة من قدرات وإمكانات القطاع الخاص للمساهمة في معالجة هذه الاختناقات؟ إذاً، فإنه من المطلوب أن يركز مجلس الأمة، وقبل ذلك مجلس الوزراء، على مواجهة متطلبات التشريع التي تساعد على خلق بيئة اقتصادية وإدارية تمكن من توظيف الموارد على أسس مواتية لمتطلبات التطور الاقتصادي ومواجهة مشاكل البشر على أسس واقعية؟ يضاف إلى ما سبق ذكره أن الحكومة ومجلس الأمة مطالبان بتطوير عمل الشركات وتحسين أداء عمليات تداول الأصول المالية والعينية. ولذلك، فإن إنجاز ما ورد في قانون «هيئة أسواق المال» بات مستحقاً، ومن ذلك الإسراع في عملية تخصيص سوق الكويت للأوراق المالية واعتماد قانون واضح المعالم للإعسار والتفليس لتحرير السوق من الأعباء الناشئة عن وجود العديد من الشركات المثقلة بالديون والتي تعاني من تراكم الخسائر. هذه أولويات مهمة يجب الانتباه إليها بدلاً من إضاعة الوقت في البحث عن حلول لمشكلات غير حقيقية ومحدودة الأثر على الحياة اقتصادية، ويمكن معالجتها من خلال القانون الجاري.
عامر ذياب التميمي
(باحث اقتصادي كويتي)
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق