لم تكن أمامي خيارات كثيرة لردة فعلي، عندما سمعت خبر مناقشة مجلس الوزراء مشروع إطلاق قمر صناعي كويتي، سوى الضحك الهستيري أو الصراخ الاستنكاري أو بلغة العرب الاقحاح، وهو أن أفغر فاهي عجباً!، فبلد مشاكله متفجرة بصدامات تنم عن توتر اجتماعي غير مسبوق، وأفعال من فئات من المواطنين تنم عن تدني الولاء الوطني، وهما ما يتطلبان عمل الحكومة على مدار الساعة لإنجاز قانون يجرم خطاب الكراهية والفئوية والقبلية والطائفية فوراً لإنقاذ الوطن، ودولة كذلك شوارعها على مدار ساعات النشاط اليومي مغلقة بالزحام، بينما يقول المسؤول الأول عن تنظيم المرور “الزحمة نعمة”!… دولة تعيش كل هذا وقضايا كثيرة اقتصادية وبنيوية عديدة، بدلاً من أن تناقش حكومتها هذه القضايا المهمة وغيرها العشرات من المشاكل لإيجاد حلول لها، تفكر في إطلاق قمر صناعي لدولة مساحتها لا تتجاوز 18 ألف كيلومتر مربع، ومواطنوها لا يتجاوزون 1.2 مليون نسمة، في سماء من فوقنا مملوءة بالأقمار الصناعية التجارية.
الحكومة وكما ذكرت سابقاً ليست على مستوى الحدث، وخطورة ما يجري في البلد، ويبدو أن مشروعها هو البقاء لا غير، لأن هذه الحكومة المنوط بها دستورياً مسؤولية إدارة الدولة التي تتعرض لأخطار داخلية داهمة، تهرب إلى قضايا فرعية، وتتجاهل غياب حتى قانون لقياس خطة عملها التنموية السنوية، تفكر في إطلاق قمر صناعي في الوقت الذي تعد فيه الحكومة ذاتها لمرحلة خصخصة قطاع الاتصالات بالكامل! وهي كذلك شريك في مؤسسة عربسات للأقمار الصناعية، كما أن المعلومات التقنية توضح أن مساحة الدولة الصغيرة يمكن تغطيتها بيسر بشبكة ميكرويف ومحطات تقوية بسهولة فنية وتكلفة رخيصة، لكن القضية في الواقع ليست قمراً صناعياً بل قيمة الوقت الذي يهدره مجلس الوزراء في القضايا الجانبية في بلد تحوطه مشاكل خطيرة تتطلب قرارات كبيرة لا يبدو أن الحكومة الحالية راغبة في اتخاذها أو لديها الإرادة حتى لمناقشتها… لذلك فإن بيانات اجتماعاتها الأسبوعية بحد ذاتها بما تحتويه من مواضيع تشكل صدمة في خضم الأحداث الساخنة التي يعيشها البلد.
***
الأحداث الأمنية التي تواجه البلد، والجرائم المتتالية التي نسمع عنها يومياً تتطلب وعياً من المواطنين وتحركاً سريعاً من أجهزة وزارة الداخلية، لذلك فإن ما عرض مؤخراً على موقع “مزاد” الإلكتروني من أسلحة حربية وذخائر للبيع في الكويت، ووضع هواتف تجارها أو مقتنيها داخل الكويت صراحة، أمر بالغ الخطورة والجدية، ويتطلب من الأجهزة الأمنية سرعة التحرك، فوجود سلاح بهذه القدرات وانتشاره في ظل التوتر الاجتماعي القائم حالياً هو وصفة كاملة لخراب الديرة.
***
ما يحدث في قاعة عبدالله السالم من تجاوزات وشتائم وتهكم ومزاح واستهزاء مع كل استجواب أو مناقشة قضية كبرى في البرلمان هو عنوان فشل لحالة ديمقراطية رائدة في المنطقة، تحولت إلى واجهة للتخلف والتناحر العرقي والطائفي والفئوي، وفي هذه الظروف اسأل “حدس” ونصيرهم النائب فيصل اليحيى حارق المراحل بسرعة الضوء حتى وصوله إلى موقعه النيابي ومقعد رئاسة جلسة لمجلس الأمة بالإنابة، بعد أقل من 3 أشهر من دخوله العمل النيابي، وعراب التعديلات الدستورية الكبرى: هل تصرفات أغلبية بهذا الشكل تسمح بتغييرات دستورية تؤدي إلى تسلم الأغلبية البرلمانية إدارة شؤون الدولة، والحفاظ على السلم الأهلي، وحقوق الأقلية فيها التي تعتبر أهم مقومات الديمقراطية؟!
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق