عاش أيامه الأولى وطفولته في منطقة السالمية قريبا من أمواج البحر التي كانت تتلاطم وكأنما تنبئ عما تنطوي عليه الحياة من كفاح، لكن أهل النجاح والتميز لا يؤثر فيهم التلاطم بل هو دافع من دوافع النجاح والتميز. هكذا أحب ضيفنا البحر وكأنه ولد وفي فمه «ميدار» فكانت البداية نشاطات بحرية وأخرى رياضية وحب وتقدير للعمل بدت معه الحياة وكأنها خالية من كل شيء سواه.
تأثر ضيفنا أنور الرفاعي بوالده الذي كان يعمل في التجارة وجلب البضائع من الهند ورأى في هذه الحياة صورة من صور الكفاح واستفاد من ملازمته لوالده الكثير من أمور الحياة التي انعكست على شخصيته فيما بعد، فما كانت تلك المصاحبة إلا جملة من الدروس النافعة وهي التي فتحت أمامه آفاقا واسعة…بعد ذلك كانت شركة نفط الكويت هي التجربة الوظيفية الأولى والتي استمر فيها لمدة 20 عاما حقق فيها الكثير من الإنجازات حيث أشرف على حقول الإنتاج وآبار النفط بعد أن التحق بسلسلة من الدورات التدريبية، إلا أنه وبعد هذه الرحلة قرر أن يخوض تجربة جديدة لا يوجد فيها روتين ممل وتعطيه فرصة للإبداع والتميز.
كانت هذه التجربة هي الالتحاق بالعمل الخاص وهي الفكرة التي لايزال الرفاعي يشجع عليها لأنها تراعي طموحات وتطلعات الإنسان المحب للعمل والإنجاز. إلى جانب ذلك، لضيفنا العديد من التجارب في العمل التطوعي لعل أبرزها العمل كرئيس لفريق الموروث الكويتي، هذا الفريق الذي انطلق عام 2010 وبالرغم من أنه لم تمر فترة طويلة على إنشائه استطاع أن يساهم وبشكل جاد في المحافظة على التراث الكويتي وإبراز الجوانب المضيئة فيه، لتكون هذه المبادرة هي نجاح في حياة رجل طالما تمنى أن يقدم شيئا لوطنه الكويت.
المزيد من الضوء على مسيرة أنور الرفاعي رئيس فريق الموروث الكويتي للتراث ونائب رئيس مركز العمل التطوعي في هذا اللقاء من رحلة نجاح فإلى التفاصيل:
في البداية هلا حدثتنا عن طفولتك وبداياتك الأولى؟
٭ أود في البداية أن أتحدث عن امتدادي العائلي فاسمي أنور محمد السيد حامد السيد أحمد الرفاعي، ولدت في 9/7/1962م في منطقة الدمنة والتي تسمى اليوم السالمية، وكانت هذه المنطقة يسكنها أجدادي وبعض أهل الكويت وكانت أشبه ما تكون بمصيف في ذلك الزمان كما هو حال الشاليهات اليوم. وبالحديث عن السالمية فإنه لا بد من الإشارة إلى أنها كانت تعتبر المنطقة التجارية، ولكن نتيجة لتضارب أفكار التجار لم يكتب لمنطقة السالمية أن تحظى بهذا الأمر وانا حتى اليوم مازلت أعشق هذه المنطقة التي عشت فيها سنواتي الأولى.
ميول رياضية
وكيف كانت هواياتك والأنشطة التي مارستها في تلك الفترة؟
٭ الحقيقة في تلك الفترة كانت ميولي تجنح نحو ممارسة الرياضة، فقد مارست أكثر من نوع من النشاط الرياضي، حيث شاركت في نادي السالمية في عدة ألعاب. على سبيل المثال، لعبت كرة السلة وأيضا تنس الطاولة، كذلك شاركت في ألعاب القوى وسجلت لاعبا رسميا في نادي السالمية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه النشاطات الرياضية أكسبتني صداقات واسعة ومتعددة من أبناء المنطقة، وأعتقد أن الأنشطة مهمة لتنشئة الفرد تنشئة صحيحة. فهي إضافة إلى أنها تصقل الميول والقدرات فإنها كذلك تملأ وقت الشاب بشيء نافع ومفيد له صحيا وذهنيا وتبعده عن قرناء السوء.
ماذا عن نمط الحياة الاجتماعية والجيران في السالمية بذلك الوقت؟
٭ ذكريات رائعة لاتزال عالقة في مخيلتي عن هذه الأيام، فقد عشت سنوات جميلة في منطقة السالمية ولا أنسى جيراننا وأبناء المنطقة ومنهم بيت أبناء سليمان المسلم وبيت حمد الفارس وبيت الشيخ صباح السالم وابناء الشيخ سعود والشيخ فهد السالم والجناعات وغيرهم من الأسر الكويتية. وكنا جميعا نعيش وكأننا بيت واحد، وهذه هي صفة من صفات أهل الكويت فلم أشعر يوما من الأيام بغير ذلك، كما كان الترابط والحب والأخوة هي المشاعر السائدة في التعاملات فيما بيننا.
مشوار الدراسة
ماذا عن رحلتك الدراسية؟
٭ كانت أولى خطواتي في مشوار الدراسة في روضة السالمية والتي أقيم مكانها الجامعة الأميركية فيما بعد، ومن بعد الروضة انتقلت إلى مدرسة الرازي الابتدائية ومن ثم إلى مدرسة السالمية للمتوسطة وكانت هذه مرحلة مميزة فيها التنافس وفيها صقلت مواهبي وميولي.
وكيف كانت مرحلة الثانوية العامة؟
٭ قضيت مرحلة الثانوية العامة في مدرسة الرميثية واخترت الدراسة في القسم الأدبي، وكانت فترة مهمة في حياتي فيها تعرفت على مجموعة من الأصدقاء.
وبعد التخرج قررت أن ابدأ رحلتي الوظيفية حتى أعتمد على نفسي وحتى تكون لي تجارب في حياتي لأن التجربة تمنح الإنسان فرصة لصناعة المستقبل بشكل جيد.
هل كانت لك أنشطة وبرامج؟
٭ الحقيقية منذ طفولتي وأنا أعتقد أنني ولدت وفي فمي ميدار حداق، وربما أتى عشقي للبحر من جوارنا له في منطقة السالمية إضافة إلى أنني تأثرت بوالدي الذي تعلمت منه الكثير من أمور الحياة واليوم أدين له بالفضل بعد الله عز وجل، فكل ما فيني من إيجابيات هي بعض استفاداتي من الوالد الذي اعتبره رجلا مكافحا عمل في التجارة وكان من رجالات الكويت الذين ذهبوا للهند من أجل التجارة فكانت أسفاره درسا في الصبر وتحمل المسؤولية.
التخطيط للمستقبل
ماذا عن طموحاتك أثناء فترة الشباب وكيف كنت تخطط لمستقبلك؟
٭ طموحاتي كانت في وقت صعب للغاية من تاريخ الكويت حيث تعرضت الكويت لظروف صعبة كانت كفيلة بالإطاحة بأكبر الدول، إلا أننا خرجنا سالمين بفضل الله ثم عزم وصمود أهل الكويت الأوفياء. ومن هذه الأزمات نكسة المناخ وما صاحبها من مشاكل وكذلك الحرب العراقية ـ الإيرانية ومن ثم حدوث الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت. كل هذه الأزمات هدمت الكثير من المشاريع التنموية والبرامج والخطط التي كنا ننوي القيام بها، إلا أننا نهضنا من تحت ركام الشدائد لنواصل العمل من جديد، وهكذا أنا اليوم اسعى لتخطيط أهدافي فلم تكن طموحاتي مالية لأنني أؤمن بأن ما يأتي بعد الدينار هو صفر بل كانت أمنيتي أن أحقق شيئا يخدم وطني وأن تكون أعمالي محل فخر واعتزاز وأن أكون ابنا بارا لوالدي.
هل كان والدك يوجه لك نصائح معينة؟
٭ ينتمي أبي إلى جيل كان يقدم النصائح بطريقة عملية، لا عن طريق الكلام، فكنت تشاهد أفعالهم وتصرفاتهم ومن خلالها تتعلم وتجد فيضا من الدروس والحكم وكأنها نصائح وتوجيهات ولكن بطريقة غير مباشرة. وقد استفدت من ملازمتي لوالدي في رحلاته للصيد أو حتى في زيارات الدواوين وفي الأسفار، وهكذا وجدت أن عقلي أصبح أكبر من عمري وعرفت كيف أتعامل مع كبار السن وكانت الديوانية مدرسة تعلمت منها أدب الحديث واحترام الصغير والكبير وعدم نداء الشخص إلا بأحب الأسماء عنده وهذا الأمر يحث عليه ديننا الحنيف.
أول عمل
أين كانت تجربتك الوظيفية الأولى وماذا استفدت منها؟
٭ تجربتي الوظيفية الأولى كانت في شركة نفط الكويت حيث التحقت بها بعد التخرج من الثانوية العامة لأخوض سلسلة من الدورات التدريبية التي أفادتني في عملية الإنتاج والتصدير وقد عملت في دائرة الإنتاج لمدة 20 سنة نجحت فيها بالمساهمة ولو بالقليل في الإشراف على عمليات انتاج النفط والغاز والإشراف على الآبار وحقول النفط.
لماذا خرجت من شركة نفط الكويت؟
٭ انا أعتقد ان العمل الحكومي له فترة محددة يستطيع المرء العطاء فيها وبعد هذه الفترة لا يمكن له أن يبدع في العمل الحكومي. ولعل ذلك مرده إلى أن الروتين الحكومي قاتل، حتى أصبح التوجه أكثر إلى القطاع الخاص للقطاع الحكومي، والسبب أن العمل الحكومي وللأسف الشديد لا يساعد على الإبداع كثيرا. لذلك لو عادت بي الأيام لواصلت تعليمي ولن أتجه إلى التوظف في الحكومة.
كأنك تدعو للعمل الحر او العمل الخاص؟
٭ نعم لأن الإنسان لو فتح «بقالة» في بداية حياته واجتهد في عمله مع الأيام يجد هذه «البقالة» الصغيرة وقد اصبحت سوبر ماركت كبيرا بينما في العمل الحكومي لن يجد نفسه في نهاية المطاف إلا أمام عمارة واحدة وهي التأمينات الاجتماعية، وهذا الأمر غير مقبول لذلك اتمنى أن يتطور الحكومي ليوفر متطلبات الإبداع عند الموظفين.
أين اتجهت بعد تجربة العمل في شركة نفط الكويت؟
٭ بعد هذه التجربة بدأت عملي في القطاع الخاص وهي تجربة مميزة جدا فأنا أعمل مستشارا في شركتين استثماريتين والنجاح في العمل الخاص يتطلب جهدا ومتابعة وسرعة انجاز.
نصيحة للشباب
ما نصيحتك للشباب؟
٭ نصيحتي للشباب العمل من أجل خدمة الكويت الغالية لأنها وطنهم والتركيز على تحصيلهم العلمي لأن العلم سلاح ترتقي من خلاله المجتمعات وتتطور ونحن نعتز بالشباب الكويتي وما يحققه من انجازات في جميع المجالات.
ماذا عن فريق الموروث الكويتي؟
٭ لا شك في أن من المقاييس المهمة لدى الدول ما لديها من موروث تراثي وشعبي، وبالتالي من الواجب علينا أن نحافظ على تراثنا الأصيل وأن نعمل بكل ما لدينا من طاقات لعرض هذا التراث بصورة تليق بتاريخ ومكانة الكويت وأهلها وهو الأمر الذي كان دافعا لنا حتى ننطلق في فريق الموروث الكويتي والآن نسعى وبالتعاون مع الأجهزة الحكومية للحفاظ على هذا التراث وأفتخر بأنني حصلت على العديد من الوثائق والمخطوطات النادرة وجمعها كلفني وقتا طويلا وجهدا مضاعفا لكنني أجد في جمعها متعة كبيرة لأنها تحفظ تاريخ الكويت.
دواوين الكويت مدارس
لدى حديثه عن عضويته في مجمع دواوين أهل الكويت أكد الرفاعي أن للديوانية الكويتية تاريخا حافلا بالإنجازات كما أن للديوانية دورا كبيرا في احتواء الأزمات وكذلك في عرض وتقريب وجهات النظر وتبادل الأفكار، وقد استطاعت الدواوين الكويتية في الآونة الأخير أن تلعب دورا إيجابيا في خدمة الكويت وأهلها.
أخلاق وتواضع
أثنى الرفاعي على سمو الشيخ ناصر المحمد مشيدا بدعمه المستمر ومتابعته لكل الأعمال التي تصب في مصلحة المحافظة على التراث قائلا «لقد تعلمت من سمو الشيخ ناصر المحمد الكثير من الدروس من أبرزها الإخلاص في حب الكويت وهو الرجل الذي لم أعرفه إلا محبا متسامحا يسعى للخير وأعتز بان سمو الشيخ ناصر ابن عمتي».
مركز العمل التطوعي
تحدث أنور الرفاعي عن تجربته في العمل التطوعي قائلا «العمل مع الشيخة أمثال الأحمد في مركز العمل التطوعي يحملني مسؤولية كبيرة خصوصا أنها شخصية محبة للعمل وكثيرا ما تحرجني فعندما أشعر بالتعب أجدها تقول «ارتاح» وأنا أشتغل عنك ولذلك فعملي معها من أروع التجارب في حياتي».
الكويت الشركة الكبرى
في سياق حديثنا عن التجارب الوظيفية لضيفنا أنور الرفاعي أكد على أنه يعمل بالشركة الكبرى الكويت ولن يستقيل من هذه الشركة التي يسعى جاهدا لتمثيلها خير تمثيل في كل الأعمال التطوعية التي يقوم بها.
المحافظة على التراث وسر النجاح
أنور الرفاعي هو مؤسس فريق الموروث الكويتي للتراث والذي تأسس في عام 2010م ليحقق العديد من الإنجازات في محاولة جادة للمحافظة على التراث الكويتي في كل جوانبه ولعل هذه المهمة الصعبة تحتاج فريق عمل ناجحا وهو ما أكد عليه ضيفنا حيث اعتبر فريق العمل الناجح سرا من أسرار نجاح هذا الفريق.
العود حكيم
أكد رئيس فريق المورث الكويتي أنور الرفاعي أنه تعلم الكثير من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد قائلا «أعتز بكلمات صاحب السمو واهتمامه بي يشعرني بأنني أحد ابنائه واحتضانه لمشروعنا التراثي وسام أفخر به لأنه من رجل حكيم».
بيت العثمان قيمة تاريخية
بيت العثمان في شكله الحالي هو انجاز رائع يستحق أن يحظى بمساحة واسعة من الاهتمام خصوصا أنه باسم أحد رجالات الكويت وهو المحسن عبدالله عبداللطيف العثمان الذي يعتبر من أبرز رجالات الكويت وهذا النجاح في المحافظة على تاريخ هذا البيت وتحويله إلى متحف هو انجاز يضاف إلى سلسلة الإنجازات التي حققها فريق الموروث الكويتي بقيادة أنور الرفاعي.
ديوان الرفاعي علامة بارزة
حرص ضيفنا أنور الرفاعي على التأكيد على أن المحافظة على العلاقات الاجتماعية هو النجاح الحقيقي وهو الرصيد المهم في حياة الإنسان الناجح، معربا عن اعتزازه بعائلته عائلة الرفاعي والتي ترجع إلى موسى الكاظم عليه السلام، مؤكدا أن جميع أفراد هذه العائلة يعملون من أجل مصلحة الكويت وأن وجوده كأمين سر لعائلة الرفاعي يحمله مسؤولية كبيرة.
تجربة صحافية
تجربة العمل الصحافي هي تجربة من بين التجارب التي خاضها أنور الرفاعي في حياته المهنية، وكانت هذه التجربة من خلال كتابة صفحة اسبوعية عن البحر.
أمي أجمل الحكايات
عندما وصل الحديث عن ذكرياته مع والدته كان من الواضح أن مغالبة الدموع أمر صعب جدا على ضيفنا الذي قال «والدتي معها وجدت للحياة طعما آخر وبر الآباء مفتاح النجاح وطريق الجنة وأفخر بالقرب من كبار السن لأنهم عنوان الأصالة»
قم بكتابة اول تعليق