رأى خبراء وأكاديميون أن القانون الكويتي بحاجة الى سن تشريعات خاصة بمكافحة الجرائم الالكترونية التي تتم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي نظرا الى توسع انتشارها محليا.
وأجمع الخبراء والاكاديميون في لقاءات متفرقة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم على أهمية مواكبة التشريعات القانونية بخصوص التطور التكنولوجي المتسارع في وسائل الاتصال المختلفة حماية لحقوق الافراد ومصالح المؤسسات الخاصة و العامة من انتهاك خصوصيتها أو تعرضها لاي ضرر ما.
وقالت مديرة ادارة المشاريع في شركة (تساهيل الالكترونية المعلوماتية) الشيخة مريم صباح الناصر الصباح ان مستخدمي الانترنت على قدر عال من المهارة والمعرفة في مجال تكنولوجيا المعلومات لذا ينبغي أن تكون هناك حدود لا يمكن تجاوزها وهذا الامر لا يمكن لأي جهة تحقيقه إلا اذا كانت جهة حكومية.
وأضافت الشيخة مريم الصباح ان على الحكومة ان تسارع الى سن القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الجرائم الالكترونية والحد منها أيا كان شكلها ونوعها مع ضرورة تنسيق الجهود وفرض القواعد واللوائح لمكافحة الجرائم الالكترونية وعدم الاكتفاء فقط بتأمين الحماية الالكترونية بل لا بد من وجود طرف ثالث للمراقبة بغية ضمان المصداقية.
وطالبت المؤسسات الحكومية والشركات التي تعمل في القطاعات الحساسة لاسيما البنوك أو الشركات النفطية الى ضرورة فحص شبكاتها المعلوماتية دوريا واحداث قسم داخل المؤسسة يكون تابعا لادارة الانترنت تحت مسمى (أمن المعلومات).
وذكرت ان هذه القطاعات الحساسة لا بد أن تحرص على سرية معلوماتها وحماية البنية التحتية لنظم المعلومات “فهي بحاجة دائمة الى نظم تكنولوجية متطورة للتصدي للاختراقات وثمة ضرورة لفحص شبكاتها المعلوماتية بصفة دورية للتصدي للاختراقات المتزايدة للبنية التحتية.
وبينت ان الكويت تفتقر الى قوانين تنظيمية تفرضها على الشركات لتحثها على احداث ادارة مستقلة تتولى أمن حماية ملفاتها من الاختراقات الخارجية أو الداخلية على غرار دول العالم التي تلزم الشركات الحكومية والخاصة بقوانين تنظيمية تخص حماية شبكة معلوماتها من الاختراقات.
وشددت الشيخة مريم الصباح على أهمية التعامل السليم والذكي مع الحواسب وشبكة الانترنت الذي بات أمرا مهما وأساسيا لحماية البيانات والمعلومات من الاختراق والتطفل والتخريب.
وأشارت الى تسبب الجرائم الكترونية بعمليات غير شرعية وغير قانونية كاختراق مواقع المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى ما تسبب بقرصنة أنظمة الدفاع لديها والتسلل الى أجهزتها وسحب أو اتلاف الملفات والمعلومات.
ولفتت الى صعوبة تقدير حجم الخسائر بهذا الشأن في الكويت “خصوصا اذا ما قرأنا جيدا ما أشارت إليه أبرز المؤسسات المالية والاستشارية من أن جرائم الانترنت ازدادت بنسبة 17 بالمئة الى جانب غياب المنظمات المتخصصة في كشف ومكافحة هذه الجرائم”.
وقالت ان قراصنة الانترنت (الهاكرز) يستخدمون تقنيات ذكية للتعامل للتحكم بالأجهزة ولشن هجمات متطورة لكن يمكن للشركات اجراء عمليات تقييم “قابلية التأثر وتقنيات اختبار الاختراق” لتحديد المخاطر على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والتعرف على الخطر الحقيقي المنتظر قبل وقوعه.
من جانبه أكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت الدكتور محمد الفيلي الحاجة الى وضع لمسات قانونية تتناسب مع الواقع الجديد مع تطور وسائل التكنولوجيا والانتشار المطرد لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
وأضاف الدكتور الفيلي اننا بخصوص مسألة الانترنت نقف أمام عدد من الوقائع الجديدة التي تضع أمامنا بالضرورة مشكلة الاثبات وكذلك مشكلة تتعلق بمفهوم اقليمية القانونز واوضح انه في البداية كان يتم التعامل مع موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) بأنه فعل يؤتى في مكان خاص بين مرسل ومستقبل “قبل أن ننتبه الى أن العلاقة بين مرسل ومستقبلين ثم مرسل ومستقبلين ومعيدي ارسال وبالتالي مع غياب نص خاص حول الجرائم الالكترونية فقد استعان القضاء حيال اي مشكلة بهذا الصدد بتطبيق القوانين الخاصة بالمكان العام”.
ورأى ان القضاء وجد نفسه هنا بين واقع فيه جزء جديد وآخر قديم “وبات يعمل من باب الاجتهاد بغياب التشريع لان المشرع لا يستطيع أن يشرع عن كل جديد وبسرعة كما أن التشريع في هذا الجانب ليس حلا مسموحا به بالمطلق لأن التكنولوجيا سريعة بشكل لا يستطيع المشرع أن يدخل بسباق معها.
وبين ان المشكلة تكمن في وضع تشريع وفق منهجية سليمة واغفال أمور موازية وسابقة للتشريع وهي اعداد الإنسان أولا للتعامل مع هذه التكنولوجيا ثم اصدار تشريع له مشيرا الى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار هذه الأمور وقت التشريع ا”لذي يعتبر مهما لكن يجب الانتباه بأي طريقة يعد هذا التشريع لئلا يصبح هروبا من المسؤولية خصوصا ان وسائل الاتصال ليست واقعا قائما بحد ذاته بل هي أداة لفعل انساني”.
وقال الدكتور الفيلي ان سلطة القاضي مقيدة بما وضعه المشرع من حد أعلى وآخر أدنى للعقوبة على قاعدة ان تقييد القاضي بخيارين فقط “اما براءة واما ادانة” سيجعله خصوصا في قضايا التعبير الالكتروني ميالا الى البراءة لأنه عندما يبحث في سلوك ما فإنه لا يبحث فقط في اثبات او عدم اثبات بل في أثره على المجتمع وكانسان دون أن يشعر أو يتأثر بخطورة الفعل.
من جهته قال أستاذ الاعلام بجامعة الكويت الدكتور مناور الراجحي ان أدوات التواصل الاجتماعي باتت مهمة جدا في وقتنا الراهن ويمكن وصف (تويتر) بالديوانية الكويتية وان كانت في فضاء افتراضي يجمع بين فئات مختلفة من أبناء المجتمع وخارج هذا المجتمع.
وأضاف الدكتور الراجحي انه “لا يمكن الفرار من التطور التكنولوجي لانه أمر واقع يجب التعامل معه يوميا وبحكمة ولعل من أهم اسباب انتشار هذه الوسائل انها تعتبر تقنية سهلة وبسيطة جدا تسمح بالتواصل السريع في اي وقت وأي مكان وتعطي مساحات للحرية والتنفيس والتعبير”.
وأوضح ان سن القوانين وصياغة التشريعات لا يمكن ان يحلا من اشكاليات وسائل التواصل الاجتماعي “فالقانون لا يستطيع أن يلاحق أشباحا اذ انه مع التطور التكنولوجي قد يستطيع أي فرد ان يدخل باسم وهمي ويعلق بما يشاء.
وذكر انه لا يمكن بحال من الاحوال في ظل التطور التكنولوجي الحالي الحجر على الافكار أو تقييد حرية التعبير وفي الوقت نفسه لا يمكن بحال من الاحوال توظيف تلك الوسائل في تبادل الشتائم أو سرد الاكاذيب وتعريض الامن الداخلي الى الفرقة والفتنة لهذا فهي بحاجة الى قدر من الرقابة.
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور عبدالرضا أسيري ان وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية و(تويتر) في الكويت ساهم في رسم ملامح المشهد السياسي وما زال يؤثر على الرأي العام وباتت القضايا المطروحة على صفحاته الافتراضية “مفروضة على ساحات النقاش سواء على مستوى الرأي العام او على مستوى القيادات السياسية”.
وأضاف الدكتور أسيري ان حرية التعبير من أهم الحريات المكفولة للانسان يعبر من خلالها عن مطالبه وهي حق يستخدم دائما لتطور الشعوب وللتحول الديمقراطي ووسائل التواصل الاجتماعي لها دور فعال ومؤثر بهذا الشأن.
وأيد وجود قانون يحكم التعامل مع مستخدمي (تويتر) وفي المقابل يجب حماية حقوق المغردين فيكون القانون للتنظيم وليس للتضييق عليهم كما على المغردين انفسهم الالتزام بالقوانين الجزائية المعمول بها في الكويت وبالمقابل لا يجوز الادعاء على مغرد لمجرد انتقاده “لكننا في الوقت نفسه لا نقبل الدخول في الشتائم وجرح كرامات الناس”.
وأشار الى ضرورة وجود مشروع أدبي وانساني وأخلاقي قادر على أن ينمي في عقول الأجيال الصاعدة مفهوم التعبير عن الرأي ضمن اطار حب الوطن وترسيخ مفهوم الولاء له من خلال وضع المفاهيم والأطر السليمة التي تهتدي بها تلك الاجيال في التعبير عن الرأي بحرية.
قم بكتابة اول تعليق