عبدالله خلف: مجالس الأمة الأولى المتزنة

ليس في مجلس الامة فقط بل في معظم المؤسسات واجهزة الدولة تقدم العلم وتراجع الوعي وتدنت الاخلاق ابتداءً من المدرسة التي كان المدرس فيها له حرمة واحترام.. حتى فراش المدرسة الكويتي كان يعاقب الطالب ويشرف على حضوره وغيابه، ويتفقده رغم عدم تنظيم عناوين الطلبة في منازلهم وعناوين اولياء الامور.
المدرسة كانت حرماً من المحارم، لايحتج الطالب ولا ولي امره على اي عقاب يناله الطالب، الآن بعد ان صار مجلس الامة كالمخفر يلجأ اليه الموظف المحتج وتجد المدرس الذي يحمل شهادة مزورة ممن لا يتخذ التعليم العالي بشأنهم قراراً فيذهب وسطاء ذلك المدرس او المدرسة الى مجلس الامة ليثبتوه او يثبتوها في منصب التدريس الجامعي ومن يريد من الموظفين أن يتخطى زملاءه يقفز الى حيث شاء مديرا او وكيلاً مساعداً أو وكيلاً.. لذا نجد ان اصحاب الشهادات المزورة بالآلاف وتجد النائب بعد فوزه قد حصل على الدكتوراه مما دعا وزارة التربية والتعليم العالي الى النظر في امر تلك الشهادات المشتراة.. اطباء نالوا شهادات الاستاذية دون الذهاب الى البلاد التي باعت الشهادة – مكاتب في الكويت كانت تمنح الشهادات الثانوية والجامعية تهافت عليها وافدون قبل التسعينيات ولم يهتد اليها الكويتيون الا بعد ذلك.. نساء ورجال لايفقهون من العلم شيئاً تجدهم يدرسون في الجامعة ومعاهدها بلا علم وتجد الطالب يتخرج ايضا بدون علم.. وهكذا يستمر الامر فمجلس الامة هو الجسر الموصل الى أي طريق.. النائب يجلس في قاعة المجلس الى جوار الوزير المختص ليوقع له طلباته، والحكومة ارتضت ان يكون بعض الوزراء ملبين لطلبات اصحاب الخدمات حتي صاروا خداماً لنواب الخدمات.
اما المستوى الرفيع فتجده في المجالس السابقة فعندما يريد العضو ان يطرح موضوعا ولكي لايعارض القانون واللوائح المتبعة يقوم النائب من مقعده ويعرض موضوعه على المستشار القانوني، فيوضح له ان كان الامر الذي يتحدث فيه يوافق القانون ولوائح المجلس فان كان مخالفا رجع الى كرسيه وجلس واغلق ملفه وان كان صالحاً تحدث فيه.. الآن كل اعضاء مجلس الامة مستشارون قانونيون لايحتاجون الى مشورة قانونية كلهم قانونيون وكلهم اساتذة وخبراء ولايقبلون الرأي الآخر ويصدونه بالشتائم وسوء الأدب بعد ان ذهب الاحترام المتبادل الذي كان من سمات المجلس.
في السابق كان النائب يخاطب زميله النائب بقوله سعادة النائب المحترم حتى ان المغفور له الشيخ سعد العبدالله السالم خاطب يوما احد النواب وقال الاخ فلان فاعترض رئيس مجلس الامة المرحوم عبدالعزيز الصقر وهو يضرب بمطرقته قائلاً: من فضلك (سعادة النائب المحترم) فقال سموه: (آسف سعادة النائب المحترم).. ورغم بساطة النواب وتحصيلهم العلمي المتواضع الا انهم كانوا اصحاب خلق رفيع ويحدثون بعضهم بكل احترام.. وان خالف احدهم رأي الاخر لايشتمه ولا يتلفظ بحقه بكلمات نابيه كما هو حادث الآن.

عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.