تحل اليوم الجمعة 5 ابريل الذكرى الخامسة والعشرون لاختطاف طائرة الخطوط الجوية الكويتية(الجابرية) عام 1988 التي كانت متجهة من بانكوك إلى الكويت.
ورغم مرور 25 عاما على الحادث الأليم الذي راح ضحيته الشهيدان عبدالله الخالدي وخالد أيوب، لايزال الانقسام والجدل على أشده بين صفوف الكويتيين بين مؤيدي حزب الله وإيران الذين ينفون ضلوعهما في الحادث ، والمؤمنين بما أثبتته شهادة الشهود والأدلة من تورط القيادي السابق في حزب الله عماد مغنية ورفاقه في هذه الجريمة البشعة للضغط على حكومة الكويت من أجل الافراج عن المجرمين المتورطين في محاولة اغتيال سمو الامير الراحل جابر الاحمد طيب الله ثراه.
بدأت تلك المحنة عندما أقلعت الطائرة (الجابرية)وهي من نوع جامبو (بوينغ 747) من مطار بانكوك في تايلاند فجر يوم الخميس الخامس من ابريل عام 1988 ثم أعلنت مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية عن انقطاع الاتصال بينها وبين الطائرة التي تحمل على متنها 98 راكبا من مختلف الجنسيات إضافة إلى أفراد طاقمها البالغ عددهم 15 شخصا بعد نحو خمس ساعات من إقلاعها وكان بين الركاب عدد من المواطنين الكويتيين بلغ عددهم ثلاثين شخصا كان مقرر لرحلتهم التي تحمل رقم 422 ان تصل مطار الكويت الدولي عند السابعة والربع صباحا بتوقيت الكويت.
مطار مشهد
وفقا لما كان من احاديث الركاب المفرج عنهم بعد محنة استمرت اياما ثقيلة كانت الامور تسير بشكل طبيعي حتى حدث مالم يكن في الحسبان حيث اقتحم رجل في أواخر الثلاثينيات من عمره كابينة القيادة وهو يحمل في يده قنبلة يدوية قام بسحب صمام الأمان منها وصاح في الركاب قائلا (أتعرفون ماذا سيحدث لو انفجرت الطائرة على ارتفاع 35 ألف قدم) ثم ظهر رجل آخر يحمل بيده مسدسا وطلب فورا تغيير اتجاه الطائرة ناحية إيران وبالتحديد إلى مدينة مشهد تحت تهديد السلاح وصاح احدهما قائلا لاتحاولوا عمل أي شئ لأننا نسيطر على الطائرة سيطرة كاملة وبالفعل استجاب طاقم الطائرة لطلبات الخاطفين الارهابيين لأنه لم يكن في الإمكان التعامل مع هذا الموقف الخطر سوى بالهدوء حتى لاتزداد الأمور خطورة وهبطت الطائرة في مطار مشهد في إيران في تمام الساعة السابعة وعشر دقائق بعد أن تحدث الخاطفون مع برج المراقبة مطالبين بوقود للطائرة.
استهداف الكويتيين
وفي هذه الأثناء قام الخاطفون بإنزال جميع الركاب الأجانب فقط من الطائرة ولم يبق سوى الرهائن الكويتيين والعرب فظلت الجابرية جاثمة على ارض مطار مشهد لمدة أربعة أيام متواصلة شهد خلالها الرهائن صنوفا من الاهانات والمعاملة القاسية غير اللائقة والخالية من كل معاني الإنسانية وبعد مفاوضات مع الجانب الإيراني وافقت السلطات الإيرانية على تزويد الطائرة بالوقود وغادرت الطائرة مطار مشهد في الثامن من ابريل في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر بتوقيت الكويت ثم طلب الخاطفون من طاقم الطائرة ان يكون خط السير بين تركيا وإيران وروسيا
وبعد مرور فترة من تحليق الطائرة طلب الخاطفون التوجه إلى بيروت إلا أن برج مطار قبرص خاطب الطائرة موضحا عدم امكانية هبوط الطائرة في قبرص او بيروت الا ان الخاطفين اصروا على الهبوط في مطار بيروت مهما كانت النتائج مما دفع سلطات مطار بيروت الى اطفاء انوار المطار حتى لا تستطيع الطائرة الهبوط.
وبعد ذلك حدثت انفراجة في الموقف بعد ان علمت سلطات مطار قبرص بقرب نفاد وقود الطائرة وكعمل انساني بحت وافقت السلطات القبرصية على هبوط الطائرة في تمام الساعة التاسعة والعشرين دقيقة مساء
وبعد هبوط الطائرة في مطار قبرص قام الخاطفون بتلغيم الطائرة بالمتفجرات ثم ارتدوا ملابس بيضاء مكتوبا عليها نعشق الشهادة ثم طلبوا التزود بالوقود تمهيدا لمغادرة قبرص مرة اخرى.
استشهاد الخالدي وأيوب
وفي هذه الاثناء والطائرة رابضة على ارض مطار لارنكا في قبرص اقدم الارهابيون على عمل جبان حيث قاموا باقتياد الشهيد عبد الله الخالدي وقتلوه بدم بارد والقوا بجثته من على سلم الطائرة في مشهد تقشعر له الابدان ليثبتوا لسلطات المطار جديتهم ليوافقوا على طلباتهم،وفي اليوم الثالث وبنفس الطريقة قاموا ايضا بقتل الشهيد خالد ايوب.
التوجه للجزائر
بعد ان تفاقم الموقف وازداد صعوبة سمح للطائرة بالمغادرة باتجاه الجزائر، وهناك بدأت المفاوضات مع الخاطفين وكانت مفاوضات طويلة وشاقة مع هذه المجموعة الارهابية والتي انتهت الى خروجهم صفر اليدين بعد ان رفضت الكويت الخضوع والاستسلام الى طلباتهم بالافراج عن مجموعة من المسجونين في سجونها لتنقشع الغمة في اليوم العشرين من شهر ابريل من عام 1988 لتقلع الطائرة متجهة الى الكويت بعد طي صفحة ستة عشر يوما من المعاناة الرهيبة.
وفي مشهد لن ينساه التاريخ خرجت الكويت كلها وفي مقدمتهم امير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد وقتها سمو الشيخ سعد العبد الله الصباح وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار رجال الدولة لاستقبال ركاب الطائرة الذين وصلوا بسلام الى ارض الكويت.
عماد مغنية
وقد تناولت وسائل الاعلام العالمية في حينها الحديث عن عماد مغنية (الذي تم اغتياله في سوريا في الثاني عشر من فبراير 2008 في حادث تفجير سيارة في دمشق) باعتباره من كان يقود عملية اختطاف الطائرة الجابرية وهو ما اكدته ايضا شهادات لشهود رأوه وتعرفوا عليه في حينها وكان منهم مضيف طيران مصري على متن تلك الرحلة واخرون من الركاب.
حادث التأبين
أدى مهرجان التحالف الوطني الاسلامي لتأبين عماد مغنية بعد اغتياله في العام 2008 الى ان تطل الفتنة برأسها على الكويت، بين مؤيديه الذين يبرئونه من حادث الجابرية ،ومعارضيه الذين يؤمنون بتورطه في الحادث وفق الادلة والشهود ، فظل هذا المهرجان الذي بات معروفا بحادث التأبين محل استهجان شعبي ونيابي كبير، حيث استنكروا تحدي منظمي الحفل وعلى رأسهم النائبان عدنان عبدالصمد واحمد لاري، لمشاعر الكويتيين، ووحدتهم الوطنية وانتمائهم وولائهم للكويت وقيادتهالاسيا بعد ان كشفت جهات أمنية ان مغنية مطلوب لجهاز امن الدولة وهو المتهم الرئيسي في حادثة اختطاف الطائرة الجابرية، بناء على امر النيابة، وهو ما ينفي ما ذكره عبدالصمد: «مغنية لا علاقة له بالجابرية.. فهو شهيد وبطل ولم يسئ الى الكويت».
ووقتها شن نواب هجوما على المهرجان ومشاركة عبدالصمد ولاري فيه، مؤكدين ان مهرجان التأبين”اساءة للكويت”، مما كان تبعات على الحسابات السياسية ، فانشق عبدالصمد ولاري عن التكتل الشعبي ، وخرجا من جلباب المعارضة ودخلا في عباءة الحكومة، وارتفع النفس الطائفي منذ ذلك الوقت الى مستويات غير مسبوقة.
قم بكتابة اول تعليق