في ندوة «حراك أمة» بديوان رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون، هدد النائب السابق محمد هايف القضاء بمعركة جماهيرية شرسة، إن أصدر حكما يخالف توجهات ما يسمى بـ «الأغلبية البرلمانية»، ورغبتها في بقاء نظام الأصوات الأربعة للناخب، وهو بتلك الخطوة يفضح حقيقة أن الفكر الذي ينتمي له ـ ولا أقصد الدين الإسلامي ـ يكره المؤسسة بشكل عام، وبالتبعية لا يحترمها.
في فكر محمد هايف البدائي لا مكان للمؤسسة، سواء أكانت تلك المؤسسة سلطة تنفيذية أو تشريعية أو قضائية، ولم يكن يعبأ يوما من الأيام فيما إذا كان هناك دستور ينظم عمل الدولة، فالسلطة لديه تتمحور حول شخص، بغض النظر عن مسماه، فالخيارات واسعة، ومادامت هناك ثغرات كتلك التي يزخر بها نظامنا الديمقراطي، فليس هناك ما يعرقله، حتى لو كان القضاء.
هايف الذي تطاول على القضاء، سبق أن هدم جسرا من جسور الوحدة الوطنية، رغم ادعائه غير ذلك، وهو نفسه شن حربا لا هوادة فيها على مكون من مكونات المجتمع الكويتي تحت ذرائع كثيرة، وشكك في ولائهم لوطنهم، وكل ذنبهم أنهم ولدوا وهم يحملون مذهبا إسلاميا غير مذهبه، ولا يتفق مع توجهاته، ولم يعد ذلك هدما لشرط من شروط الديمقراطية حينها.
التطاول على القضاء ليس جديدا على فكر استمرأ التكسب على حساب الثوابت الوطنية، فالغاية في ذلك الفكر تبرر الوسيلة، وما يمكن أن يقربك من مصالحك ينبغي التشبث به، حتى لو كان ذلك على حساب العقل والمنطق، فلا مكان لهما في مثل تلك الملحمة البدائية الممتدة، والتخلي عن رفاق اليوم، من أجل رفاق الأمس، جدلية تنتج نفسها عند كل منعطف من منعطفات المصلحة الذاتية، حتى لو غلفت بأكثر من غلاف.
لم يبق سوى القضاء يمكن أن يلوذ إليه المواطن، بعدما هدمت كل تلك المؤسسات، وتحولت أثرا بعد عين، فلا السلطة التنفيذية بقيت كما هي، ولا السلطة التشريعية كذلك.. ولولا تدخل سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وحكمته، لما استرجعنا بعضا مما فقدناه في معركة التخلف والردة عن المشروع الديمقراطي، والآن يهدد النائب السابق محمد هايف القضاء بمعركة طاحنة، إذا خرج عن طوعه ورغبته وأصدر حكما لا يتوافق مع مشروعه، فماذا بقي من مؤسساتنا؟!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق