حمد العنزي: ودي أصدق

ستبلغ ميزانية وزارة الصحة لهذا العام بحسب تصريح وزير الصحة الدكتور محمد الهيفي 1.5 مليار دينار تقريباً، وهو رقم قياسي في عالم الميزانيات الصحية لا أظن أن حكومة من حكومات العالم بلغ بها الكرم الصحي من قبل هذا المبلغ في “تدليع” مواطنيها ومقيميها كما ستفعل حكومتنا الجميلة هذا العام، فقياساً بعدد السكان الذي يبلغ الثلاثة ملايين و800 ألف نسمة تقريباً، فإن كل مواطن ومقيم ستصرف الدولة على علاجه ما يقارب الـ420 ديناراً هذا العام!
ولكي ندرك مقدار هذا الكرم الحكومي فإن علينا أن نلقي نظرة سريعة على ميزانيات الصحة في دول الخليج من حولنا؛ لنتيقن من أن حكومتنا الرشيدة تنوي أن تضع بيننا وبين الموت هذا العام سداً منيعاً، فكل الدول الخليجية الأخرى لا تصرف نصف ما ستصرفه على علاج مواطنيها ومقيميها، ففي المملكة العربية السعودية بلغت ميزانية وزارة الصحة 54 مليار ريال سعودي- 4 مليارات دينار تقريباً- على 28 مليون نسمة، أي 142 ديناراً كويتياً لكل مواطن، وفي قطر بلغت ميزانية وزارة الصحة ملياراً و290 مليون ريال- 100 مليون دينار- على مليون 850 ألف نسمة، أي ما يقارب 60 ديناراً كويتياً لكل مواطن، أما في الإمارات فميزانية وزارة الصحة قاربت 3 مليارات و400 مليون درهم- 270 مليون دينار- على 8 ملايين نسمة، أي ما يقارب 34 ديناراً كويتياً لكل مواطن!
والفارق كما ترون في المصروفات شاسع بيننا وبينهم ولا مجال للمقارنة أبداً، فقد وصل تقريبا إلى ثلاثة أضعافه في السعودية، وسبعة أضعافه في قطر، وأكثر من عشرة أضعافه في الإمارات، فهل الوضع الصحي لدينا مشابه لما لديهم؟ بل هل سيصل إلى نصف مستواهم؟! من لا يعرف الإجابة فإن عليه التوجه إلى أقرب مستشفى ليجد الإجابة عند عتباتها!
الوزير برر هذه الميزانية الاستثنائية والضخمة بأن: “الاعتمادات المالية في هذه الميزانية ركزت على إنشاء تسعة مشاريع لمستشفيات جديدة، وتوسعة مستشفيات قائمة عبر توسعة سريرية شاملة تصل إلى 5368 سريراً بما نسبته 80 في المئة من الأَسرة الحالية بمبلغ مليار وربع المليار دينار تقريباً، يتم بناؤها بنظام التصميم والبناء والتجهيز الطبي والصيانة خلال خمس سنوات”، وهو تبربر غريب للغاية، فسيادة الوزير يعلم قبل غيره أن ما ذكره عبارة عن مشاريع إنشائية تدخل ضمن ميزانية وزارة الأشغال لا وزارة الصحة!
ومع هذا، كلنا “ودنا نصدق” ونتمنى أن يفي الوزير بوعوده، لكن التجارب السابقة والأحلام الوردية التي قدمها من سبقوه من الوزراء تجعلنا في شك وريب كبيرين، وكل المشاريع الحكومية الكبرى المتوقفة منذ سنين دليل على تحول هذه الأحلام إلى كوابيس لا تنتهي، وعلى الأرجح سنصحو يوماً لنجد هذا المليار والخمسمئة مليون دينار “فص ملح وذاب”، كما حدث مع مليارات التنمية الأخرى التي لا ندري أين ذهبت وأين صرفت؟ فلا أثر لها في معمعة “المال السائب” الذي عَلَّم الناس السرقة دون أثر لبصمة واحدة تدل على الجناة الذين نسمع قهقهاتهم من بعيد دون أن نستدل عليهم أو نعرف اسم أحد منهم!
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.