• قانون الإعلام معيب وفي غير محله أو زمانه، فالقوانين في الدول الحديثة تنظم ولا تخرب، وتعدل ولا تظلم، ولا توضع للانتقام ولا للكيدية أو الاستفزاز.
نحن ورغم سنوات الثراء فيما يخص التجربتين السياسية والديموقراطية، فما زال هناك من ينظر إلى مبدأ حرية التعبير والنقاش حوله، وضبط معايير الدولة المدنية الحديثة في هذا الموضوع على اعتبار أنه منّة وفضل، علينا نحن – المواطنين – أن نصلي شاكرين لمنحنا هذا الحق! أقول عيب عليكم «يا حكومة» وعار على كل إنسان، علا أو صغر شأنه كذلك، أن يرى خيراً في الانفلات في التعبير، كلاهما على خطأ. واعتقد أن طرح الحكومة النقاش حول هذا الموضوع في هذه الفترة الحساسة سياسياً واجتماعياً ليس له ما يبرره سواء من ضرورة أو حاجة، وهذه قناعتي الشخصية ليس إلا.
فبمجرد أن لوّحت الحكومة للشارع الكويتي بما سمي بقانون الإعلام الموحّد وبنوده الـ 99 حتى هاج وماج الجميع! ولا أقول إن الجميع مخطئ، بل إنني ككاتبة صحفية أتفق مع العديد ممن رأوا في عدد من بنود القانون ما يعتبر مقيداً للحريات، وقاسياً في العقوبات، بل يعتبر انتقامياً وخبيثاً في بعض بنوده!
لكننا في هذه المرحلة المتقدّمة لسنا بصدد الحكم على صلاحية هذا القانون، وكم من التعديلات التي نحتاج إلى إضافتها أو المطالبة بإزالتها، فهذا شأن نواب المجلس، ولا شك لدي في أنهم سيبذلون جهداً في التنقيح والدراسة والنقاش في هذا الأمر، وهذا واجبهم وليس منّة ولا فضلاً.
الواقع أن قانون الإعلام المطروح ليس بقانون زراعة ولا صناعة، بل هو نظام جديد للدولة بصيغة قانون سيرسم شكل البلد دولياً وحالة الشعب سياسياً واجتماعياً، ويمس الحريات العامة ومبادئ قد تم تحصينها إنسانياً ودينياً ودستورياً ولا شك. وهذا خطورة الموقف، فأنا أعترض على توقيت طرح الموضوع وليس بنوده، ولا أعلم ما حجة الحكومة في استعجال هذا الموضوع الآن، في ظل استمرار المحاكم المدنية النظر في عدد من القضايا الشبيهة كالمغردين وغيرهم، وهذا لم يكن أمراً مستهجناً لسبب بسيط هو أن الحريات العامة والشخصية مكفولة، وباب التقاضي مفتوح، كما أنني لا أعرف الأسس التي تسببت في إغراء الحكومة لطرح تمرير هذا القانون الآن، ومَن وراؤه، ومَن المستفيد؟ إنها أسئلة يحق لي ولغيري من الناس أن نتساءل وأن نكتب عنها؟
الآن، الحكومة فكرت وقررت أن ترمي الكرة في ملعب المجلس، وهو قانون قد طال أمد النقاش حوله، واختلف الأحباب والأصحاب ما بين مؤيد ومعارض!
كلما تطلعنا نحن الشعب نحو ما يجمعنا جاء ما يفرقنا، هذا ما اعتقد رسالة الحكومة الآن، وقانون الإعلام يبدو كدليل على أن الحكومة إن كانت ترى أن هذا القانون أولوية قصوى الآن، فماذا عن الأمن والصحة والتعليم والبيئة؟ عيب عليكم، ارحمونا وارحموا أهل الكويت.
منى علي الفزيع
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق