أطلق رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة الخطوط الجوية الكويتية سامي النصف أول من أمس جملة مواقف ومعلومات حول عملية خصخصة الشركة، خلّفت تساؤلات لدى المراقبين حول مسار العمليّة قانونياً وإجرائياً.
وتناولت ملاحظات المراقبين الذين تحدّثت إليهم «الراي» نقاطاً كثيرة، وجدوا فيها «مغالطات» فنية واقتصادية منها:
– يتحدث النصف منذ الآن عن عدم كفاية رأس المال المرصود لـ«الكويتية»، والبالغ 250 مليون دينار، ثم يعرض لصعوبة الحصول على تمويل، وضآلة المبلغ مقابل ما تحتاجه الشركة من مبالغ لاستئجار طائرات، ليجاهر في النهاية بأن الشركة ستطلب المزيد من الأموال «لتغطية العمليات بحسب الحاجة»! بأي منطق يتفق ذلك مع التوجه للخصخصة؟ هل تريد الدولة بيع الشركة حقاً أم استثمار مليارات الدولارات مجدداً في مشروع يكبد المال العام خسائر هائلة منذ عقود؟
– رد النصف على من يقترح بيع الشركة بحالتها الراهنة بأن أحداً لم يتقدم لشرائها «لأن رأس المال جبان». لكن الواقع الذي يعرفه المتابعون جيّداً أن هناك شركات أبدت اهتمامها بالاستثمار وتقديم عروض للحصول على حصة الشريك الاستراتيجي في الشركة بحالتها الراهنة، بل إن المنطق يقول إن القطاع الخاص يفضّل أن يتولى بنفسه عملية التطوير والتحديث، بدلاً من أن تُفرض عليه عقود مليارية وفق خطة وضعها سواه.
– يقول النصف أيضاً إن مصانع الطائرات مزدحمة بالطلبيات، وإن الحصول على طائرات جديدة يتطلب الانتظار لنحو ست سنوات. برأي المراقبين، هذا سبب آخر وجيه للإسراع في خصخصة الشركة، وترك شأن تحديث الأسطول للقطاع الخاص الذي سيتثمر فيها.
– كشف النصف أن «الكويتية» اختارت عرضاً من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) إعادة هيكلتها. ومعلوم أن «الكويتية» كانت قد كلّفت «سيتي غروب» و«سيبيري»، وقد تم تقييم أصول الشركة في ذلك الحين ووضع دراسة لإعادة هيكلتها، فإن ذهبت تلك الدراسات؟ ولماذا العودة إلى نقطة الصفر؟
– يقول رئيس مجلس إدارة «الكويتية» إن مستشاراً أبلغه أن المؤسسة (قبل خصخصتها) كانت ستربح مليار دولار لو لم تتوقف خطة تحديث الأسطول في 2007. حبذا لو يعلن النصف اسم هذا المستشار والدراسة التي أجراها ليعرف المختصون كيف وصل إلى هذا الاستنتاج!
– يتحدث النصف عن «حماس» القيادة السياسية للغاية لعملية الخصخصة، ويقول إنها «اختارت (الكويتية) كتجربة أولى لعملية الخصخصة»، وكأن الكويت لم تعرف الخصخصة من قبل! كما لو أن خصخصة ثلثي محطات تسويق الوقود لم تتم، ووكما لو أن «أجيليتي» لم تصبح شركة خاصة، وكما لو أن شركتي بوبيان للبتروكيماويات والقرين للبتروكيماويات لم تُطرحا أصلاً!
وكان النصف قد تحدث في لقاء مفتوح مع الصحافيين عقب جولة واسعة شملت زيارة مرافق الشركة ومطار الكويت الدولي ومرافق شركة كاسكو التابعة لها وإدارة العمليات بالشركة وقطاع الهندسة ومطبخ كاسكو، بصحبة كبار المسؤولين في الشركتين اول من امس.
وكشف خلال اللقاء ان الشركة اختارت العرض المقدم من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) من بين اربع جهات تقدمت بعروضها لاعادة هيكلة شركة الخطوط الجوية الكويتية للعمل على النهوض بها من جديد، نافيا نيته الاستقالة من منصبه على خلفية اعتراض قيل انه أبداه على حجم رأسمال الشركة الذي حُدد بـ 250 مليون دينار».
واشار إلى ان مجلس الادارة رسم خارطة طريق لعملية الخصخصة بالاستعانة بتجارب شركات طيران عالمية، ونوه بأن «الكويتية» لم تنصف وهي الشركة الوحيدة التي لم تعوض عن خسائرها جراء الغزو، وعلق بالقول على من اقترح بيع الشركة بحالتها الراهنة بانه لم يأت احد لشراء الشركة «لأن رأس المال جبان» منوها بان دور مجلس الادارة الحالي ينتهي بمجرد الانتهاء من عملية الخصخصة، وكشف عن دراسة اجرتها جهة عالمية عن الخطوط الكويتية بينت انه لو لم تلغَ صفقة شراء الطائرات لكانت الخطوط الكويتية حققت ارباحا تصل الى مليار دولار الى الآن.
واعتبر النصف أن «أياتا» قدمت افضل الاسعار وحازت على أفضل تقييم نتيجة لخبراتها الواسعة وهي تتمتع بخبرة كبيرة ولها تجربة واسعة قامت خلالها بإعادة هيكلة الكثير من شركات الطيران في العديد من العالم. مشيرا الى أن «أياتا» تعتمد على نحو 94 في المئة من ايراداتها عبر تقديم مثل هذه الاستشارات.
ولفت النصف الى انه لا يجوز اختزال شركة الخطوط الجوية الكويتية في أشخاص بعينهم واعتبرها انها اكبر من الاشخاص كونها مؤسسة ضخمة وعريقة تعمل منذ عام 1954 ويستمر بها العمل على مدار الساعة.
وشدد على ان «الكويتية» أكبر من أن يسمح لها بالسقوط «فهي مثل الكثير من شركات العالم الكبرى التي حافظت عليها دولها خلال الأزمة المالية العالمية»، مشيرا الى أن الشركة تحمل موروثا امتد لعشرات السنوات وهو ما شكل عبئا كبيرا في طريق الخصخصة.
ولفت سامي النصف الى انه لا ينبغي مقارنة «الكويتية» بشركات طيران مملوكة لدول ثرية تدعم شركاتها طوال الوقت أو بدول تعتمد على السياحة ويزورها سنويا أكثر من 90 مليون سائح، منوها بأنها الشركة الوحيدة التي لم تنصف في الكويت وتعتبر القطاع الوحيد في الدولة الذي لم يعوض عن خسائره خلال فترة الغزو عام 1990 وهو ما دفعها للاقتراض من البنوك وأوقعها في دوامة الخسائر السنوية، مشيرا إلى أنه وطوال السنوات الماضية كانت تعلق الحسابات الختامية والميزانيات السنوية وهو ما دفع الشركة للجوء إلى الاقتراض لتغطية الالتزامات المالية.
وتطرق النصف الى الجهود التي بذلت من اجل تحديث اسطول الشركة، مبينا أنه في العام 2007 كان عضوا في مجلس إدارة الخطوط الكويتية، حيث رأى المجلس حينها ضرورة أن يقوم بتحديث الاسطول لاسيما أن هناك بعض الطائرات مر عليها أكثر من 15 سنة، لكن حدثت اعتراضات على هذا التوجه وتم على اثرها إلغاء صفقة شراء طائرات جديدة الامر الذي أثر سلبا على الشركة.
وقال سامي النصف ردا على سؤال انه لا يوجد غير مصنعين على مستوى العالم لتصنيع الطائرات التجارية وهما مرتبطان بطلبيات كبيرة للتسليم في اوقات محددة ولهذا على المشتري ان ينتظر فترة قد تصل الى ما يقارب 6 سنوات حتى يحصل على الطائرات التي تعاقد عليها.
وأشار الى أن هناك من رفع شعارا خلال الفترة الماضية بأن «الكويتية» ستنتهي من عمليات الخصخصة في غضون 8 او 10 أشهر، موضحا ان ذلك غير واقعي لأن الخطوط الجوية البريطانية وغيرها استغرقت اكثر من 6 سنوات لإتمام عملية الخصخصة ووضعها على المسار الصحيح وتنتقل الى تحقيق الربحية.
وأشار النصف الى ان هناك من قدم نصائح تدعو الى التخلص من «الكويتية» بحالتها الراهنة وما فيها من خسائر والتزامات مالية مع اشارة هؤلاء الى ترهل إدارة الشركة وأسطولها القديم، واعتبر ذلك أمر غير صحيح لأن رأس المال «جبان» بدليل أنه لم يأت أي أحد للشراء «فلن يشتري المستثمر شركة خاسرة».
وقال ان دور مجلس الإدارة الحالي يتحدد في وضع الشركة على الطريق الصحيح نحو الخصخصة وسينتهي دوره بمجرد إتمام هذه العملية، مشيرا الى ان الشركة تكبدت خسائر بمئات الملايين على مدار السنوات الماضية نتيجة التأخر في تحديث الاسطول، مضيفا ان إحدى شركات الطيران المصنعة أجرت دراسة حديثة على أوضاع (الكويتية) وخلصت الدراسة إلى أن الشركة لو كانت حدثت اسطولها الجوي في عام 2007 لحققت أرباحا تقارب المليار دولار.
وبين سامي النصف ان القيادة السياسية اختارت «الكويتية» كتجربة أولى لعملية الخصخصة، موضحا ان مجلس الإدارة الحالي رسم خارطة طريق لعملية الخصخصة بالاستعانة بتجارب شركات الطيران العالمية التي قامت بتنفيذ مثل هذه الخصخصة وسيتم عرض هذا التصور على القيادة السياسية لأخذ القرار النهائي.
وأشار الى ان مرسوم الضرورة الذي صدر بخصخصة الخطوط الكويتية مستحق لما آلت إليه أوضاعها من تقادم أسطولها الجوي وكثرة الأعطال الفنية التي أصابت بعض طائراتها نتيجة قدمها ما أعاق عمل «الكويتية» على الوجه الأمثل.
وذكر ان مرسوم الضرورة تضمن ان تتولى الحكومة تغطية خسائر الخطوط الكويتية المتراكمة منذ سنوات وذلك وفقا للمادة 13 من القانون رقم 21 لسنة 1965، مضيفا انه الى الآن لم تتسلم الشركة أي دينار واحد لدفع الدين الذي يقارب الـ 200 مليون دينار معظمه للبنوك واستحقاقات لشركات البترول والأغذية.
وقال ان الأموال التي استردتها الكويت من الخطوط الجوية العراقية كتعويض عن اضرار الغزو كان يفترض ان تصل الى الخطوط الكويتية ولكن هذا الأمر لم يحدث والمنطق يفرض على اللجنة المالية في كل من مجلسي الوزراء والأمة دراسة هذا الأمر وإعادة الـ500 مليون دولار إلى الشركة.
وذكر ان القيادة السياسية متحمسة للغاية لعملية الخصخصة مشيرا الى وجود أمور إجرائية طويلة ودورة مستندية ترهق الشركة في حين انه ينبغي لتصحيح مسار الشركة استبدال الطائرات القديمة اعتبارا من الآن، وأكد ان الطائرات الجديدة تحتاج الى أموال، موضحا انه حتى إذا تم تسلم المبلغ الذي خصص كرأسمال للكويتية والبالغ 250 مليون دينار سيذهب منه 200 مليون دينار للديون وسيكون المبلغ المتبقي غير كاف لتغطية عمليات التأجير.
وذكر ان الشركة ستلجأ للاقتراض من البنوك، لافتا الى انه تمت مخاطبة أكثر من بنك، موضحا ان عملية الاقتراض ليست سهلة كما يتوقعها البعض، وان اختلاف انواع طائرات الأسطول هي احدى المشاكل التي تواجه الشركة حاليا ما يزيد العبء بخصوص الطيارين والمهندسين، مشيرا الى انه لا يمكن ان ترشد الإنفاق بطريقة صحيحة في وجود طائرات قديمة تستهلك كما هائلا من الوقود إضافة الى لجوء الطائرات لعمليات الصيانة المتكررة، فهذه الأمور تعتبر عائقا أمام ترشيد الإنفاق.
وتحدث النصف عن الهدف من الخصخصة مستشهدا بتجارب شركات أخرى سارت في هذا الاتجاه «وتمت الخصخصة بعد تحقيق ارباح أو احتفظت الدولة بملكية تلك الشركات بعد تحقيقها أرباحا كبيرة». وقال ان الخصخصة اما ان تكون بهدف توفير المال او تحسين الاداء او إدخال مستثمرين جدد بهدف جلب تكنولوجيا جديدة ومتطورة إلى البلاد.
رأس المال
وحول الموافقة على 250 مليون دينار من اصل 900 إلى مليار دينار كرأسمال طالبت به الشركة مجلس الوزراء، قال النصف إن الشركة سئلت عن حجم رأس المال لإعادة الهيكلة فقامت بطرح هذا المبلغ كرؤية، وأكد ان مجلس الوزراء هو جهة سيادية له القرار المناسب والمطلق قال «سنعمل يدا بيد مع الحكومة لأنها في النهاية لن تتخلى عن الشركة في حالة نهاية رأس المال البالغ 250 مليون دينار» وستطلب الشركة أموالا اضافية لتغطية العمليات بحسب الحاجة.
ولفت الى ان هناك التزاما من الحكومة بالوفاء بجميع الجوانب المالية التي ستحتاجها الشركة متمنيا ان تؤدي في الوقت المناسب وقال ان «الحكومة وعدت بعدم التخلي عن الشركة أبدا ولذلك هي بعيدة عن السقوط، وأكد ان الحكومة ماضية في تنفيذ الرغبة السامية بتحويل الكويت الى مركز مالي، موضحا ان من بين تلك الاستحقاقات الضرورية لتنفيذ خطة التحول هذه وجود أسطول طيران متكامل على درجة كبيرة من الحداثة.
جولة داخلية
وكان سبق اللقاء الصحافي مع الادارة العليا في شركة الخطوط الكويتية جولة داخل مرافق الشركة وشركة كاسكو اطلع خلالها الصحافيون على سير العمل داخل ادارة العمليات التي تضم مركز التحكم وقطاع الهندسة حيث تمت زيارة عنابر الصيانة للطائرات إضافة الى مطبخ الشركة الكويتية لخدمات الطيران (كاسكو).
قم بكتابة اول تعليق