صالح الشايجي: “جويهليون” بأزياء مختلفة


كان على المندهشين مما حدث من النائب محمد الجويهل في جلسة الخميس الماضي توفير الكثير من دهشتهم أو توفيرها كلها والنظر للحادث باعتيادية باردة!
مشكلتنا التي تتفاقم وتكبر وتحمل وتلد أننا لا ننظر إلى الأمور بواقعية ولا موضوعية ولا نحمل أنفسنا عناء التفكير والاستنتاج الصحيح والسليم والعلمي، فما حدث هو إفراز طبيعي للواقع الذي تعيشه البلاد ولهشاشة الفكر السائد وتدني مستوى التعاطي مع الأمور وتحول الأمور الجوهرية إلى تسالٍ وألعاب ولهو مرير ولغو سقيم جعل العاقل يعف حتى عن معرفته ومتابعته.

«الجويهل» ليس حالة «جويهلية» بل هو حالة كويتية، وكلنا بصورة أو أخرى «جويهليون» ولكن بأزياء مختلفة، ولكن «الجويهل» أكثرنا صراحة وقدرة على التعبير عن حالتنا، ونحن أكثر قدرة على التخفي والتلون والتمتع بالتعقل المصطنع لو عدنا إلى الوراء سنوات قليلة فقط، لنسترجع حالتنا ونتذكر القضايا التي تثيرنا وتسبب الاحتقانات وصخب الشارع والضجيج المثار هنا وهناك والاصطفافات في فسطاطين فسطاط هنا وفسطاط هناك، وتذكرنا واقع البلاد خلال تلك الفترة، فلن يستغرب أحد ما حدث في جلسة الخميس الماضي، نسينا أننا ابتلعنا الوطن ووأدنا مستقبلنا قبل أن يولد من أجل مصالح دونية قد تكون فردية أو فئوية، ونسينا أننا أعلينا قدرنا على قدر الوطن، ونسينا أننا ذوبنا القوانين ومسحنا المنظومة الأخلاقية وصار نوابنا يتضاربون بالأيدي ولم نجد في ذلك إهانة أو تعديا واعتبرنا الشتيمة وحدها هي الإهانة وكأنما الضرب تكريم للمضروب لا إهانة له.

نسياننا لكل ذلك هو الذي جعلنا نفاجأ بـ «الفاجعة الجويهلية» وكأنها ليست بنتا شرعية ولدت على فراش القيم السائدة في مجتمعنا.

وللتأكد من الأزمة الأخلاقية التي نعيشها، فإن علينا مراجعة تعقيبات السادة النواب على حادثة «الجويهل» والتي جاءت لابسة الحالة «الجويهلية» نفسها ولكن بنسيج آخر، شتائم وسباب وتشف وتدن في التعبير والازدراء ليتحول المنبر الديموقراطي والذي يفترض فيه أن يكون زبدة المخ الكويتي إلى منبع جهل وتجهيل ومذبح للأخلاق الكويتية!

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.