حكم المحكمة بحبس مسلم البراك بالتأكيد صار منعطفا جديدا وأضاف ألوانا جديدة لم تكن موجودة على وجه العلاقة بين السلطة والمعارضة. لهذا توجد ملاحظات على المعارضة والسلطة ينبغي الالتفات إليها.
تتحدث المعارضة عن أهمية الحراك السلمي، وتتحدث عن أهمية استقلالية السلطات، وتتحدث عن أهمية التمسك بنظام الحكم، لكنها في الوقت ذاته تضرب كل ذلك بعرض الجدار بالنظر إلى تصرفاتها.
حكم المحكمة الصادر بالحبس بالنهاية هو حكم قضائي وصادر عن سلطة مستقلة يجب أن نرفعها عن اللعب السياسي والشد والجذب الحاصل بين الاثنين. لذا ليفهم المعارضون أنه يوجد مستويان من الحديث حول هذا الحكم، جانب يخص القرار نفسه وجانب آخر يخص الشكل الدستوري للدولة. المعاندة التي يبديها البراك مقابل إلقاء القبض عليه ورفضه تسليم نفسه هي بالنهاية رسالة لجمهوره وللشعب بجواز التمرد على أحكام القضاء. هذا التمرد والعناد لن يُفضي بالمحصلة إلا لنشر ثقافة التمرد الاجتماعي على الدولة وتمييع هيبتها. يفترض في شخصية سياسية ووطنية كالبراك أن تقدر مدى الضرر الناجم عن تصرف كهذا والذي قد يتسبب بمواجهات بين جمهوره ومؤيديه ممن يحتمي وراءهم ويقدمهم كدروع بشرية، وبين سلطات الامن التي فجأة بدت تريد أن تنفذ القانون وبقوة!
أما الامر الاخر فيتوجب على الحكومة أن تقدر الوضع السياسي الذي تمر به المنطقة. نعم أتفهم أن القضية قانونية بحتة، لكن التقدير السياسي في رفع الشكاوى هي بالنهاية خطوة حكومية. ليس هذا فحسب، فلو ظلت القضية مقتصرة على جانبها القانوني البحت ومن دون مشاكل كثيرة تعاني منها الحكومة نفسها لقلنا لا بأس، لكن أن تشتعل الحرب بينها وبين المعارضة وهي أصلا تعاني من فقر إداري وأطنان من ملفات الفساد والتجاوزات والفشل، هذا الوضع يجعلها متكئة على بيت العنكبوت أمام من يتهمها بالتراجع. فكما أننا لا نريد أن تضيع هيبة الدولة، كذلك نريد من الدولة أن تحافظ هي بنفسها على هيبتها قبل أن تطلبها من الاخرين وتفرضها عليهم!
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق