وعينا جميعاً ظهر الثلاثاء الفائت على هزة خفيفة شعرنا بها ونحن في مكاتبنا أو منازلنا، وكانت ارتداداً طبيعياً للزلزال الذي ضرب الأراضي الإيرانية، نسأل الله لهم ولنا السلامة من كل شر، والرحمة لضحاياه.
إن أثر هذه الهزة لم يقتصر على حركة الأرض من تحت أقدامنا، ولكن أصداءها بالتأكيد أثارت الخوف في نفوس الكثير منا، أو ربما الأغلبية من أبناء الكويت، حيث بدأت الهمسات السابقة تتعالى عندما استيقظت مشاعر القلق لما نلمسه من قصور في استعداداتنا لمواجهة مخاطر الكوارث الإنسانية أو الطبيعية إن ألمت بنا وهي ماثلة الآن أمامنا ومن حولنا في هذه المنطقة.
لقد وضعتنا هذه الهزة في مواجهة عجز أجهزتنا في التعــامل الجـــاد مــع مصـــادر الخطر، خصوصا لا قدر الله إذا كان الخطر هو الإشعاع والتسرب النووي لمفاعل بو شهر الذي يقع كما يقول العرب «حذفة عصا» من الأراضي الكويتية ومن مصدر الحياة والماء لنا.
لقد فجرت هذه الهزة الخوف الكامن في نفوسنا، خصوصا حينما تزامنت مع ارتدادات الاحتقان السياسي الخانق للساحة المحلية التي بدأت مظاهرها منذ فترة، وأدت إلى انصراف الجميع عن العمل الجاد لبناء الوطن وحماية أجياله من هذه المخاطر والكوارث إلى صراع وجدل سياسي متواصل، عطل كل مظاهر التواصل السياسي الفعال، وأوقف بل شل عملية النمو والنماء في البلد. ذلك الصراع الذي عجزت – مع الأسف – الحكومة عن التعامل معه بحكمة، بل هي غذته بتباطئها عن الإنجاز الحقيقي وانتقائها غير الموفق لمعاركها الخاسرة شعبياً وفي الوقت الخطأ، ذلك الصراع الذي أشعله وأججه فريق المعارضة بتجييره المستمر للشارع وضربه المثال للخروج على النظام العام ووضع نفسه أو أغلب تابعيه تحت طائلة القانون الذي يحكم على الأفعال دون المقاصد.
كما زاده حدة أداء مجلس الأمة الحالي الذي أصبح يبحث عن دور فلا يجد ما يغطي به عجزه إلا مشاريع البذخ السياسي وتبديد الأموال العامة لشراء الرضا.
لقد كشفت هذه الهزة أن أغلبنا في هذا الوطن أصبح كلعبة الأطفال (الدوامة) تدور حول نفسها إن حركها حدث خارجي أو كارثة، ولكنها سرعان ما تعود إلى السكون القاتل إذا انتهت آثار الحدث لتستقر في مكانها دون إنجاز. هذا هو حالنا اليوم فنسألك اللهم اللطف بنا وأن تقينا يا الله من شرور أنفسنا، ونسألك اللهم الهزة لضمائرنا وليس لأرضنا لنصحو على حقيقة أوضاعنا حتى نعمل لنحمي وطننا ومستقبل أجيالنا، إنه سميع للدعاء مجيب.
أ. د. موضي عبدالعزيز الحمود
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق