الغبرا محذرا: تكرار مشهد القوات الخاصة يقودنا إلى مرحلة عدم الاستقرار

حذر استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د . شفيق الغبرا من وصول الاختلاف السياسي الى منزلقات تحمل في طياتها مخاطر عديدة ، مبينا اننا إذا تعودنا في الكويت على مشهد القوات الخاصة بالشارع فإن الكويت ستدخل بنفق مظلم لان هذا المشهد سوف يعني التوسع أفقيا وعمودياً وإعادة تحالفات وبناء أشكال من المعارضة ليست بالطريقة المتعارف عليها في تاريخ الكويت بل الولوج الى مرحلة عدم الاستقرار، مستدركا بان في الكويت من الحكمة والآراء والتنوع ما يسمح بان لا ندخل في طريق اللاعودة.

 جاء ذلك في حديث الغبرا مع برنامج الحصاد على قناة اليوم.. وهنا تفاصيله:

 

س /

        دكتور بداية بعيداً عن التعليق على أحكام القضاء التي نحترمها ، كيف قرأت ردة الفعل التي تلت الحكم بالسجن على النائب السابق مسلم البراك ؟

د. شفيق الغبرا /

        قرأت ردة الفعل كما شاهدتها خلقت غضباً بين فئة كبيرة من الناس وانتشر هذه كالنار بالهشيم وهذا الغضب طال فئات عديدة وكانت هذه الفئات فئات اجتماعية كبيرة أو كانت هذه الفئات فئات حقوقية أيضاً وفئات وسطية في تفكيرها تجاه الشأن السياسي الكويتي الحالة بالتالي لم تعد احتقان بل اعتقد أنها بدأت تتجاوز الاحتقان كما شاهدتها وكما قرأتها وأتمنى أن تكون هناك طريقة لإبقاء الصراع السياسي ضمن أطر لا تتعدى الأطر السياسية وان لا تنتقل الصراعات السياسية الى الحدة التي وصلت إليها ، بالمحصلة نحن أمام حالة رأي قد تتفق وقد نختلف معه وسجن وهناك إشكال اليوم ليس فقط في البلاد العربية ليس فقط في الكويت بل بالعالم كله حول الرأي والسجن ، الرأي يرد عليه برأي ، الرأي يرد عليه بوسائل عديدة ، يرد عليه برأي عام ، يرد عليه بنقاشات واسعة في المجتمع ، يرد عليه بوسائل عديدة ولكن ليس بالسجن هذا يثير ردود فعل لأنه يتحول الى سجن لفئات اجتماعية أكبر تشعر بأنه صاحب هذا الرأي حمل رمزية .

س /

        كيف تنظر وأنت قارئ للوضع السياسي في الكويت المشهد قبل حكم السجن على البراك وما يدار من المعارضة وبعد السجن والى أين سيصل مدى هذا الأمر برأيك ؟

د. شفيق الغبرا /

        قبل الحكم كأنك تتحدث عن ساحة صراع بانوراما صراع مفتوحة لا أريد أن أشبهها بمسرح عمليات لكن كانت مسرح عمليات هادئاً نسبياً كان مسرح العمليات يميل الى الأخذ والعطاء ، كان هناك دعوات للحوار ودعوات لرؤى جديدة واجتهادات مختلفة ثم جاء هذا الأمر ورفع الدرجة ورفع الحرارة ثم جاء الاقتحام فأوصلها إلى حالة من الغليان ألان يبدو لي أنها تعود إلى مرحلة يعني كل مرة ترتفع الحالة وتعود إلى الأهدأ لكننا لا نعود إلى ما كنا عليه قبل 4 شهور نعود إلى مرحلة أعلى من الضغط وعدم التنفيس وهذا يخيفني لأنني اقرأ فيه أموراً قد تتجاوز المنطق وقد تتجاوز ما اعتادت عليه الكويت في تاريخها كان الأمل ان الكويت تستطيع ان تسير ، أن تتعامل مع الاستحقاقات السياسية مع الاختلاف السياسي دون ان تدخل بهذا المنزلق لان هذه المنزلقات تحمل في طياتها مخاطر عديدة على المجتمع على الدولة ، على النظام السياسي وعلى الشعب .

س /   يعني نحن الان بنقطة اللا عودة … ؟

د. شفيق الغبرا /

        لا اقصد أننا بنقطة اللا عودة أنا لا أرى انه من السهل أن تصل الأمور إلى اللا عودة ولكن اعتقد أن هناك في الكويت من الحكمة وهناك من الآراء والتنوع مما قد يسمح بان لا ندخل في طريق اللا عودة ، أملي أننا لم ندخل في طريق اللا عودة ، وأن طريق اللا عودة صعب الوصول إليه ولكن المزيد من الإجراءات المزيد من الأحكام المزيد إلى أخره يخلق ما لا تعلمون ولهذا أخشى من هذه الإجراءات .

س /   شاهدنا في الأيام القليلة الماضية اقتحام ديوان البراك وهذا التصرف والإجراء ربما رأيناه من قبل القوات الخاصة في ديوان الحربش وتلته أزمة سياسية كبيرة بعد ذلك ألان يكرر هذا السيناريو وهذا المشهد رأيناه جميعاً وبعده كانت هناك أيضاً مسيرة في اليوم الثاني وكانت هناك مصادمات هل سنتعود على هذا المشهد بالشارع الكويتي ؟

د. شفيق الغبرا /

        إذا تعودنا على هذا المشهد بالشارع الكويتي دخلت الكويت بنفق لان هذا المشهد سوف يعني الانتقال إلى مناطق أخرى ، سوف يعني التوسع أفقيا وعمودياً سوف يعني إعادة تحالفات وبناء أشكال من المعارضة ليست بالطريقة المتعارف عليها في تاريخ الكويت هذا سيعني الدخول في مرحلة عدم الاستقرار وهذا لا يتمناه أحد لا المعارضة ولا النظام السياسي إذن هناك منزلق يختلف عن التاريخ يختلف عما تعود عليه الكويت وبالتالي يجب البحث عن مخارج أخرى ، ما شهدناه يجب ألا يتحول الى أسلوب يكفي أن نتعلم من هذا لكي نستنتج معنى المخاطر ، يجب أن لا نمر بالمخاطر حتى نعرف طبيعة هذه المخاطر .

س /

        نحن لسنا بمعزل عن العالم شاهدنا في الأيام الأخيرة خروج الآلاف بالأرجنتين يطالبون وينددون بتسييس القضاء وفي مصر أيضاً هناك مطالبات بتطهير القضاء هذه الأفكار التي ربما استسقى منها بعض المعارضة في الكويت ألا تعتقد إنها لها ردة فعل على الجانب الكويتي وممكن أن تطرح هذه الأفكار بشكل أو بأخر أو هناك خطر فعلياً على المجتمع الكويتي ؟

د. شفيق الغبرا /

        طبعاً تختلف الأوضاع وتختلف الأمور من الأرجنتين إلى مصر لكن جوهر المسألة مرتبط باستقلال القضاء والاهم من استقلال القضاء قناعة المواطن أن القضاء مستقل يعني ليست المسألة فقط هل القضاء مستقل أم غير مستقل لنأتي ونقول أن القضاء مستقل هل المواطن مقتنع أم غير مقتنع هو السؤال إذن الضمان بأن يكون المواطن مقتنع بهذا الاستقلال أساسي لكيفية رؤيته للقضاء وكيفية تعامله مع أحكام القضاء عندما تقع سلسلة من الأحكام وعندما تقع حالة تؤدي إلى نظرة مختلفة لدى قطاع كبير من المواطنين علينا أن نتساءل لماذا أصبحت النظرة بهذا الشكل وان نعيد النظر أيضاً بما يساعد على حماية القضاء لان القضاء بالمحصلة هو حصن في غاية الأهمية لكل نظام سياسي وهو حصن يجب أن يبقى مقبولاً لدى الجمهور يجب أن يبقى مقبولاً لدى الرأي العام والشعب ولكن ليكن هذا على الناس أن تشعر بمدى المصداقية وبمدى الدقة وبمدى القانونية وبمدى الرحمة وبمدى …. وبمدى … عناصر كثيرة يجب أن تكون متوفرة وبالتالي العدالة .

س /   عودة للحكم بالسجن مرة أخرى هناك من يطالب بتطبيق الحكم على البراك وبحزم إذا أخذنا هذا على سبيل المثال خاصة الأصوات داخل قبة عبد الله السالم هل تعتقد أن سجن البراك بهذا الوقت بالذات يحل المسألة أو يحل الأزمة أم يزيد المشهد تعقيداً ؟

د. شفيق الغبرا /

        الإجابة سجن البراك لا يحل المشكلة أنت تتحدث لو أخذناها بالمعنى الأعمق سياسياً أنت تتحدث عن صراع نخب ، البراك هو أحد أقطاب النخبة السياسية بالكويت يمثل قطاع وتيار شعبي مهم يطلق عليه زعيم المعارضة بين قوسين الى درجة كبيرة.

س /   وضمير الأمة والكثير من الألقاب .

د. شفيق الغبرا /

        إذن أنت تأتي وتسجن أنت عملياً النخبة سجنت قطاعاً أخر من النخبة كونك اعترفت بنخبويته وبأنه شريك معك ويمثل قطاع كبير أم لم تعترف هذا يتحول إلى فارق سياسي والى أزمة الصراع في المجتمعات الديمقراطية هو أيضاً صراع نخب ولديها اهتمامات سياسية 10 % من السكان تتوزع وتتصارع والقطاعات مختلفة من الناس وليس الكل مهتماً بان يكون زعيماً سياسياً ويريد أن يلعب ويتصدر المشهد وبالتالي تتفق الدول الديمقراطية على أنه مرة هذا ومرة ذاك هنا التداول على السلطة وهنا معنى الحكومات التي فيها انتخابات وتداول على السلطة وحكومات منتخبة شعبياً ، في حالتنا أنت عندما تسجن جزء أخر من النخبة وقطاع مؤيد له وقطاعات أخرى فأنت عملياً نقلت الصراع إلى سجن وشارع ، عندما يأتي مجلس امة يمثل جزء ولا يمثل فأنت أيضا بنفس الوقت نقلت الصراع إلى الشارع إذن ألان الصراع بين قطاع من الدولة والشارع وقطاع من الشارع والشارع وتدخل المسألة بمأزق وبالتالي عندما تسجن البراك السؤال سيخرج من السجن إلى ماذا كما نشاهد في المشاهد السياسية في العالم .

س /   أو سيدخل إلى السجن الى ماذا أيضاً … ؟

د. شفيق الغبرا /

        لو دخل الى السجن سيخرج السجين الى ماذا ؟ وإذا دخل السجن ماذا سيحصل في الحراك السياسي معطياً أن أشخاصا بوزنه قادرون على ضبط وقيعة الصراع السياسي بين الصعود والهبوط وبالتالي أنت بحاجة لهذه الشراكة بكل الأحوال لاستقرار الحياة السياسية بالتالي هذه الأمور لا تحل إلا على شراكة حقيقية ورؤية صائبة باتجاه كيف ننتقل سياسياً في إطار احتياجات الترميم والتنظيم والإصلاحات في النظام السياسي الكويتي .

س /   إذا آمنا بمبدأ وفكرة النخب السياسية أنت تريد أن تقول أن هناك نخبة سياسية تريد إقصاء نخبة سياسية أخرى لتتفرد هي وحدها في المشهد السياسي بالكويت هذا الإقصاء هل هو جزء من العملية الديمقراطية التي من المفروض أن نعيشها ؟

د. شفيق الغبرا /

        أنا لا أريد أن أقول أن هناك نخبة سياسية بالمطلق تريد إقصاء نخبة سياسية بالمطلق أيضا لكن ربما ما أراه أن هناك نخبة سياسية تعتقد أن هناك أطراف أخرى لا يستحقون لقب النخبة السياسية ولا يستحقون لقب المشاركة ولا يستحقون لقب … الخ … بنظرة محددة تجاه طبيعة العمل السياسي لان هناك أيضا في مجتمعاتنا حتى ألان وأنا لا استطيع أن أقول أن هذا يختص فقط ، هذا يختص في المنظومة العربية وبالعالم العربي حتى عندما تقع الثورة تأتي المنظومة الجديدة تفكر ، هذه طريقة التفكير السياسة العربية النخبة السياسية التي تمتلك حد محدد أو درجة عالية من الشرعية السياسية ترى الأمور كما تريد وتسعى لان تفرض الرؤية التي تحملها وبالتالي عندما يتحداها طرف أخر لا تشعر أن هذا لديه الأرضية ، لديه الحق لديه المجال فتقع حالة الإقصاء وهناك بطبيعة الحال قوى مستعدة دائماً لتدعيم رؤية الإقصاء ، أقولها ألان نحن ندخل مرحلة جديدة بالعالم العربي نحن ندخل في مرحلة جديدة في الكويت الدور يتزايد بشكل كبير للرأي العام للشارع ، للناس ، للمجتمع ، للأفراد ، للتويتر ، للحركات الشبابية للحركات المجتمعية بلا هذه الشفافية في التعامل مع كل هذا وبلا إعادة استيعاب وتوسعة الإطار الذي نعرف من خلاله النظام السياسي على أرضية الإصلاح لن يكون هناك استقرار.

س /   فكرة الأحكام بالحبس على قضايا الرأي الى أي مدى يكون لها نتائج على المجتمعات برأيك ؟

د. شفيق الغبرا /

        برأيي لا نتائج لها ، أمسك التاريخ كله النتائج أنها تزيد قوة الفكرة التي سعيت لحبسها لان الأفكار لا تحبس حتى لو كانت خاطئة .

        الأفكار الخاطئة تواجه بأفكار اصح منها ، الأفكار التي تنحو باتجاهات تختلف معها تواجه بأفكار تنحو باتجاه أنت تتفق معها ، دع مائة فكرة تتصارع ومائة فكرة تتواجه واترك الموضوع للمجتمع ليقرر المجتمع ، المجتمع لديه حس وسطي ، المجتمع لديه حس الاستقرار المجتمع يصحح الأفكار وبالتالي عندما نسجن فكرة أو تسجن أسلوب أو تسجن طريقة أو …. أو …. الخ .

        لأنها لم تأخذ أكثر من أنها عبرت عن نفسها بفكرة فنحن نزيد من انتشارها ونحول موضوعها صغير الحجم أو متوسط الحجم الى موضوع كبير ما كان يجب أن يصل الى هذا .

س /   ربما بعض الممارسات فسرها الكثير من المراقبين بعض الممارسات من الحكومة أججت الوضع يعني خاصة إذا ما نظرنا بعين فاحصة لمجريات الأحداث يعني في البداية صدر الحكم على البراك وأتوا للبراك بعد الحكم بقيادة مدير إدارة تنفيذ الأحكام وقال أنا ليس لدى ورقة والأمر منشور بتويتر وهذا ما أثار استهجان الناس كثيراً أتوا في اليوم الأخر ولم يأتوا وقت الظهيرة أو الصباح أو حتى بعد المغرب أتوا وقت احتشاد الناس وهذا ما أثار الناس واتوا ثالث يوم واقتحموا الديوان – هذه الممارسات بهذا الشكل ألا تعتقد أن الشارع ربما هنا لا يلام على بعض ممارساته

د. شفيق الغبرا /

        للشارع ردة فعل على ما رأى وبالتالي الشارع لا يجيز القانون ، الشارع لا يجيز استخدام القوة بحق المواطنين ، الشارع لا يجيز الدخول الى ديوانية ، الشارع لا يجيز انتهاك حرمة منزل ، الشارع لا يجيز هذه الأمور وأنا متأكد أن هناك أيضا أطرافاً أساسية في الإطار السياسي والرسمي لا تجيز هذا كل الذي استطيع أن أقوله أن هناك غموض في الطريقة التي حصلت فيها هل هناك اختلاف في الرؤى في التعامل وانتهت إلى سياسة مباشرة سريعة ردة فعل عصبية أيضا من القوة التي جاءت لكن ما هكذا تدار الأمور وهذا يعكس نقاط ضعف .

س /   لكن علامات الاستفهام حاضرة بقوة في المشهد السياسي الكويتي خاصة هذه الأيام ؟

د. شفيق الغبرا /

        وهي حاضرة بقوة بالمشهد السياسي الكويتي لكن بالمحصلة المشهد السياسي …

س /   لماذا ؟

د. شفيق الغبرا /

        لان المشهد السياسي يحتمل الإصلاح والمشهد السياسي ذات طابعاً مدنياً تاريخياً والمشهد السياسي لم يعتد على هذا النوع من الإقصاء والهجوم الشخصي والاهانة ولكتل شعبية كبيرة لم يعتد عليها المشهد السياسي ألان تتراكم وتتراكم وتجد لها تنفيس في خروج الناس باتجاه دون أخر وهناك عصبية في المشهد الأمل أن يتم التوقف عن كل هذا والبحث عن السبل التي تسمح بأخذ الكويت باتجاه الإصلاح وباتجاه الرحمة ، التسامح ، العدالة .

س /   ما الذي يفرضه الواقع الحالي ما هي متطلبات المرحلة القادمة برأيك ؟

د. شفيق الغبرا /

        المتطلبات كثيرة ولكن كلما تأخرنا يصبح الثمن للوصول لهذه المتطلبات أكبر ، تصبح النفوس مجروحة اليوم أنت في الكويت هناك نفوس مجروحة ، في السابق كنا نقول احتقان ، ألان عندما أتحدث مع بعض الناس اشعر بمشاعر أقوى بنفوس مجروحة ، اشعر بكراهية أيضا وهي بازدياد وأنت تعرف هذا عندما تتحدث مع العديد من الناس من الجيل الشاب أو من غيره هذا يجب أن لا يستمر إذن بداية يجب إيقاف الوسائل الأمنية في التعامل ، يجب إيقاف الوسائل القمعية يجب خلق حالة من انتهاء تلبد الغيوم السوداء فوق سماء الكويت وامتصاص هذا الشعور بالغبن وهذا بداية فقط للتعامل مع الاستحقاقات التي هي اعتقد معروفة في الشارع ومعروفة في الواقع السياسي الكويتي .

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.