عبداللطيف الدعيج: الحرية للجميع ولا حجر على أحد

لا نريد من مجلس الأمة ولا اي مؤسسة أخرى اجراء أي تعديل على قانون الإعلام الموحد. فأي تعديل على هذا القانون المجنون يعني اضفاء مسحة جمالية عليه أو ترقيعا وربما تزهلقا له. تماما كما حدث مع القانون الاخرق الذي سبقه، قانون المطبوعات، الذي وضع البعض طعما لطيفا فيه، هو تكرم السلطة علينا بالسماح للبعض منا بالنشر وفق ضوابط مالية اعجازية، بالمناسبة تعد السلطة لإلغاء هذا السماح في القانون الحالي عبر فرض ضوابط خرافية للنشر.

لا نريد تعديلا ولا تذويقا لقانون الإعلام الموحد لسبب بسيط وواضح. لأن ذلك يفتح الباب واسعا امام السلطة للتحكم في الإعلام، وتوجيه المؤسسات ووسائل الإعلام الأهلية بما يتفق والرؤى المحدودة والمتخلفة بـ«الطبع» لمؤسسات الدولة والحكومة. نريد اعلاما شعبيا حرا، خلاقا، وحتى متمردا… فهذا هو الإعلام الحقيقي المسؤول أمام الناس وليس لدى وبين يدي الحكومات.

الإعلام الأهلي المسؤول لا يتوافر إلا بوجود حرية كاملة متوافقة ومواد الدستور. والحرية التي نعنيها ليست التمرد على السلطة أو تحدي أدوات الحكم فقط. بل الحرية الحقيقية الديموقراطية التي تتساوى أمامها كل الأطراف. تحتفظ فيه الحكومة والسلطات بهيبتها وحقوقها القانونية والدستورية، وتتوفر فيها لكل الناس.. حرية الرأي المطلقة، غير المقيدة بعادات أو تقاليد أو ذهنيات وعقائد طرف دون آخر.

نعم لإلغاء كل القيود المفروضة على حرية التفكير، القيود الاجتماعية والدينية بالذات، قبل قيود السلطة وموانعها، هي التي يجب ان تلغى وهي التي يجب ان تعدل. ان إعلامنا الحالي يُفضل، حسب التشريع المارق على المواد الدستورية، يفضل طوائف وجماعات اجتماعية ومذهبية على أخرى. بينما لا يتمتع المواطن غير المنتمي للطوائف الكبرى أو الناعقة والزاعقة بأي حماية ناهيك عن الحقوق. يتم سب وتحقير كل من يخالف أو يختلف في سلوكه أو طريقة تعايشه عن الاغلبية، ويوصف بالانحلال والفسق كل من يحاول التحرر أو قطع العلاقة السياسية أو الاجتماعية أو الدينية مع الذهنية الاجتماعية المسيطرة. ولا يتوقف الأمر عند هذا فقط إذ يبقى هو محرما من نقد الغير أو حتى من ابسط وسائل وحقوق الدفاع عن النفس.. لأن أي تعرض لعقائد أو مذاهب الاغلبية المحظوظة.. هو تعرض للوطن.. كله للدين كله.. للجنس البشري كله.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.