أعتقد أن أهل العلم وعقول الأمة, وخصوصا الاكاديميين منهم, لا تؤثر فيهم الشعارات الرنانة ولا تستهويهم العبارات الزائفة وذلك لأن من المفترض أنهم يحللون الأمور والقضايا المحلية بميزان العقل والموضوعية. ومن هذا المنطلق, من المفترض أيضاً أن يستمر الأكاديميون وأهل العلم وعقول الأمة بتكريس الولاء والحس الوطني والتفكير العقلاني والمعتدل في بيئتهم المحلية. وأن يحاولوا تأسيس آراء عامة متزنة وعقلانية ويكشفون اللبس وخطأ التعميمات المبالغ فيها, ويطرحون حلولاً عملية وتوافقية لقضايا مجتمعهم. وإذا كان أهل العلم لا تستهويهم ولا تؤثر فيهم العبارات الزائفة, وخصوصا ما يتم بثه أحياناً من إشاعات وتشويه مفبرك لوقائعنا المحلية, فمن المفترض أيضاً أن يسعى أهل العمل والحكمة- من أبناء هذا الوطن الغالي على جميع أبنائه- إلى تشجيع أبناء وطنهم على الحوار الايجابي فيما بينهم للتوصل إلى توافقات فكرية ووطنية تحفظ مصالح وطنهم.
المواطن الكويتي المتعلم يحمل على عاتقه مسؤولية وأمانة وطن بأكمله وذلك بناءً على ما منحه الله عز وجل من علم وحكمة, وبعد نظر, وتفكير علمي وعملي. فأهل العلم هم صفوة ونخبة مجتمعهم ومن المفترض أن يستثمروا طاقاتهم الفكرية وعقولهم المتنورة لترسيخ مواطنة كويتية حقة تنهض بهذا الوطن الغالي على جميع أبنائه وبناته. فعقول الأمة من المفترض أن علمهم ثبت في قلوبهم ولهذا فهم يمتلكون رؤى حضارية نقية يترفعون بها عن الخطابات السلبية ويتجاوزون بحكمتهم وبعقلانيتهم خطابات تأجيج المشاعر. فالاكاديمي مثلاً يدرك أهمية تكريس حرية ديمقراطية مسؤولة في مجتمعه ويدرك أيضاً عواقب المماحكات والسجالات العقيمة.
ويدرك الأكاديمي عواقب التعميم في التهمة من دون دليل. ويستوعب كذلك وبشكل دقيق نتائج التأجيج واستفزاز المشاعر بقصد التكسب الانتخابي والشعبوي. فالأكاديمي وصاحب العلم يستمر الحارس الأمين لحاضر ومستقبل بلده, يبث التفاؤل في نسيجه الاجتماعي الوطني ويوضح الطرق والوسائل المناسبة لتكريس إصلاح فعلي. فالإصلاح الحقيقي الذي ننشده جميعنا ككويتيين من المفترض أن ينبع دائماً من ثوابتنا الوطنية ويرتكز على ولاءاتنا الوطنية المتفق عليها. ومن المفترض أيضاً أن يأخذ الاصلاح الحقيقي شكل المواطنة الكويتية الحقة والهادفة. فالعبارات الزائفة والشعارات الرنانة وتجاوز حرية الرأي والتعبير المسؤولة ومحاولة إثارة النعرات القبلية والطائفية والطبقية بقصد التكسب الشخصاني بعيدة كل البعد عن ما هو منطقي أو عقلاني أو هادف. فأهل العلم يستمرون الضمير الحي لأمتهم لا تؤثر فيهم الأهواء المتقلبة والمصالح الشخصية الضيقة.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق