اقتصر الحضور الكويتي على قائمة أكبر مئة شركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث القيمة الرأسمالية التي نشرتها مجلة «ميد» أخيراً، على ثلاث شركات فقط. فهل هي إشارة ضعف للاقتصاد الكويتي أم أن الآخرين ينمون بوتيرة أسرع؟
وحلّت 12 شركة كويتية على القائمة ككل. وعلى غير خلاف المتوقع، حل بنك الكويت الوطني في المركز الأول كويتياً على هذا الصعيد، والثامن على مستوى المنطقة، بقيمة رأسمالية تبلغ 15.38 مليار دولار (كما في تاريخ إعداد التقرير)، وحلت خلفها «زين» في المركز الثاني محلياً والثالث عشر على مستوى المنطقة بقيمة سوقية مقدارها 12.19 مليار دولار، ثم بيت التمويل الكويتي، في المركز 24 إقليمياً بقيمة سوقية مقدارها 8.4 مليار دولار.
ودخلت في قائمة الشركات الخمسين الأكبر في المنطقة، شركة الوطنية للاتصالات، في المركز 49، بقيمة رأسمالية مقدارها 3.4 مليار دولار.
وتستدعي قائمة «ميد» ملاحظات عدة حول موقع الكويت على خريطة الشركات الكبرى في المنطقة، منها:
1- لا شك أن القطاع الخاص الكويتي يثبت، مرة أخرى، نفسه بين الكبار. إذ إن الشركات الخاصة الكويتية تفرض نفسها في مبارزة قوية مع شركات تقف خلفها العضلات الحكومية في كثير من الحالات، سواء في الخليج أو إيران. ففي قائمة الشركات العشر الأكبر مثلاً، يبرز عملاق البتروكيماويات السعودي «سابك» على رأس القائمة، إلى جانب «صناعات قطر» الثالثة، وبنك قطر الوطني الرابع، والاتصالات السعودية الخامسة والكهرباء السعودية العاشرة. وليس في هذه الملاحظة انتقاص من الشركات، بل نقطة تُسجّل في صالح الحكومات التي تنشئ كيانات ضخمة، ويتيح لمواطنيها التداول بأسهمها.
2- إلا أن ذلك لا ينفي أن القطاع الخاص ما زال يعاني. ولا يمكن تجاهل ملاحظة أن نمو الشركات الكويتية من حيث الحجم لم يعد بالوتيرة التي كان عليها سابقاً، وهذا عائد أساساً إلى ضعف النمو الاقتصادي محلياً وعدم فاعلية الإنفاق الاستثماري الحكومي، فضلاً عن مشكلات أسواق الائتمان محلياً وخارجياً، التي أفرزتها الأزمة قبل خمس سنوات ولم تنتهِ تداعياتها بعد.
وليس أدل على ذلك من ضعف نمو أرباح الشركات المدرجة الذي لم يتجاوز 10 في المئة العام الماضي.
3- فيما كانت الشركات الكويتية الكبيرة تجاهد للاستمرار في مسار النمو، انتهزت دول أخرى في المنطقة الفرصة لتحقق قفزات كبيرة بأحجام شركاتها، لا سيما قطر.
وتستأثر السعودية بثلث المراكز على القائمة (33 شركة) محتلة المركز الأول، تليها الإمارات بـ15 شركة، ثم قطر بـ13 شركة، ثم الكويت بـ12 شركة، ثم إيران بعشر شركات، يليها المغرب ومصر بخمس شركات لكل منهما.
ومن بين العشر الكبار، تحتل السعودية ست مراكز، تليها قطر بمركزين (الثالث والرابع)، ثم أبوظبي بمركز واحد (الخامس)، والكويت (الثامن).
وما زالت دول مجلس التعاون مسيطرة من حيث عدد الشركات الكبيرة، فمن بين الشركات المئة هناك 76 شركة خليجية.
4- ولا شك أن الشركات الكويتية الكبرى عانت من انخفاض البورصة في السنوات الماضية، ما أثر سلباً على قيمها السوقية. ولا حاجة للتذكير بأن البورصة الكويتية كانت من الأقل تعافياً في سنوات ما بعد الأزمة حتى الصيف الماضي.
وربما بدأ هذا الواقع بالتغيّر مع موجة الارتفاع المستمرة منذ نوفمبر الماضي.
5- يُثبت «الوطني» مرة بعد أخرى أنه الرقم الكويتي الصعب إقليمياً، فهو احتل المركز الثالث بين بنوك الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، والثاني بين البنوك التقليدية، على الرغم من الظروف الصعبة التي أحاطت بالبيئة التشغيلية محلياً في السنوات الماضية، ومع أنه ينافس بنوكاً عديدة مملوكة لصناديق سيادية.
6- لكن باستثناء «الوطني»، من الواضح أن مواقع البنوك الكويتية تراجعت على قائمة الشركات الكبرى في المنطقة خلال السنوات الماضية، وساهم في ذلك ضعف نمو أرباح البنوك بسبب الاستمرار ببناء مستويات مرتفعة من المخصصات، ما جعل مكررات أسعارها السوقية مرتفعة أكثر مما تعكسه ربحيتها قبل المخصصات.
ولذلك لا يظهر في قائمة الشركات الخمسين الكبرى إلا بنكان كويتيان، هما «الوطني» و«بيتك»، لكن ربما تنعكس الصورة في السنوات المقبلة، حين تبدأ المخصصات الكبيرة تتحرر وتظهر آثارها في قوة الميزانيات العمومية.
7- المفاجأة الكويتية الأبرز، كانت في احتلال بنك بوبيان المركز 51 إقليمياً والخامس محلياً (الثالث بين البنوك)، متجاوزاً عتبة الأربعة مليارات دولار.
ولا شك أن استحواذ «الوطني» على حصة السيطرة فيه، ونجاح إعادة هيكلته كانا وراء هذه القفزة.
-8 ربما تكسب بعض الشركات مراكز إضافية على القائمة في حال كانت مكررات الأسعار متكافئة. في حين يبلغ مكرر سعر سهم «الوطني» إلى ربحيتها المتوقعة للأشهر الـ12 المقبلة 13.23 ضعف، حسب قائمة «ميد»، يبلغ مكرر سعر سهم «المملكة القابضة» (السابعة على القائمة) 36.75 ضعف.
-9 الملاحظ أن العديد من الشركات العملاقة بمقاييس المنطقة ما زالت تقييماتها السوقية منخفضة، فمكرر سعر سهم «سابك»، لا يتجاوز 9.87 ضعف، ومكرر «الاتصالات السعودية» يقل عن 8 مرات، ومكرر «صناعات قطر» وبنك قطر الوطني يقل عن عشرة أضعاف.
وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن الأسهم القيادية في المنطقة ما زالت مهيأة لاجتذاب محافظ المستثمرين.
قم بكتابة اول تعليق