“هل بدأت العاصمة تشهد بوادر انفراجة لأزمة أبراجها التجارية؟!” .. هذا ما بدأ ملاك الأبراج يتلمسونه منذ بداية العام الحالي عقب ابتكار مجموعة من الحلول للخروج من الكبوة التي غرق فيها قطاع العقار التجاري، حيث بدأت الشركات تبحث عن ثغرات في قرارات بلدية الكويت تستطيع من خلالها تأجير اكبر قدر ممكن من الطوابق في أبراجها.
ملاك أبراج في العاصمة كشفوا لــ “القبس” عن ان البلدية باتت تسمح لهم بتأجير الطوابق كاملة ولاستخدامات مختلفة، بمعنى أنه يتم تأجير طابق لمطعم وآخر لناد صحي وثالث لمقهى، وهكذا وفقا للتصنيف التجاري، حيث يشيرون إلى أن الباب الآن بات مفتوحا للأبراج التجارية لتأجير عدد كبير من الاستخدامات التي تندرج تحت المسمى التجاري.
وأكدوا أن هذا التوجه أصبح طوق النجاة لكثير من الأبراج من أزمة الشاغر التي أربكت القطاع على مدار السنوات الثلاث الماضية، حيث ارتفعت نسب الاشغال في بعض الأبراج بنسب مقبولة نتيجة لتطبيق تلك السياسات الجديدة.
على صعيد متصل، بدأ السوق يشهد عمليات طرح الطوابق والمساحات الإدارية للتمليك المباشر أو الإيجار المنتهي بالتملك، وبالفعل كان هناك إقبال على الشراء، لا سيما على الأبراج الذكية التي تنفرد بمميزات خاصة، وتوفر لمستخدمي البرج مختلف الخدمات بداية من مواقف السيارات التي باتت تشكل الهم الأكبر أمام الشركات، مرورا بالمساحات المناسبة وخدمات الانترنت والأمن والاستقبال والمراقبة وغير ذلك، حيث شهدت بعض الأبراج إبرام عدد من الصفقات لشراء ادوار كاملة لمصلحة شركات كبرى لها وزن في السوق.
الجدير بالذكر، وما يؤكد أن هناك سمة تغيير واضح في سياسة التسويق للأبراج التجارية من قبل ملاكها، سواء كانوا أفرادا أو شركات، وكذلك مرونة في التعامل من قبل بلدية الكويت، أن هناك شركات عقارية كبرى باتت تطرح أبراجها للتمليك كسكن خاص، وأخرى باتت تطرح طوابق كاملة للتأجير كشقق سكنية بنظام الغرفة والصالة والغرفتين والغرف الثلاث، وبالفعل أصبح لديها قوائم انتظار للموافقة على التأجير، حيث ترغب إدارة تلك الشركات في انتقاء المستأجرين بكل دقة، نظرا الى أن العدد المطروح لديها يقل كثيرا عن الرغبات في التأجير أو الشراء.
وبينما تتسابق الشركات المالكة للأبراج التجارية الآن على توقيع عقود مع شركات لإدارة الفنادق لتحويل عدد من طوابقها إلى فنادق من فئات خمس وأربعة وحتى ثلاث نجوم، وذلك في إطار الهروب من ترك الأدوار للتأجير كمكاتب إدارية في ظل تدني الطلب في السوق عليها، حيث يتفاوض حاليا عدد من الشركات لاستقطاب شركات عالمية لإدارة الفنادق وتسعى لتجهيز عدد من طوابقها لتتناسب مع هذا الغرض.
إلى جانب ذلك، تحرص الشركات المالكة للأبراج الآن على عمل تصاميم داخلية لتخصيص طوابق محلات تجارية والاستفادة من الطلب الكبير على تأجير المحلات التجارية داخل العاصمة، حيث يتم عمل أكثر من ميزانين، بالإضافة إلى الأرضي والسرداب واستخدام عدد من السلالم المتحركة والمصاعد البانوراما، لمراعاة سهولة التنقل الداخلي في المراكز التجارية المُصغَّرة التي يتم تنفيذها داخل الأبراج.
ملاك الأبراج أكدوا لـ ”القبس” أنه عقب إجراء مثل هذه التعديلات على سياساتهم وخططهم التسويقية، بات هناك فارق كبير في الإيرادات المتوقعة من الأبراج، بزيادة تتراوح بين 30 و40 في المائة، خاصة وأن هناك هجرة تتم حاليا لبعض النشاطات من البنايات الاستثمارية في المناطق المحيطة في العاصمة وشرق مثال بنيد القار ودسمان، وكذلك حولي والسالمية إلى الأبراج التجارية داخل العاصمة، لا سيما مع تراجع معدلات الإيجارات بين 5 و7 دنانير للمتر، وهو ما يعني أن الفارق بين الإيجار في الاستثماري والتجاري لم يعد كبيرا، مع الأخذ في الاعتبار حيوية مواقع الأبراج التجارية، وما تقدمه للمستأجرين من خدمات لا تتواجد في البنايات الاستثمارية.
ووفقا للإحصاءات الصادرة عن وزارة العدل قسم التسجيل العقاري، فإن صفقات العقار التجاري قد ارتفعت خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة فاقت 63 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2011.
أما بالنسبة إلى معدل إيجار المتر التجاري للدور الأرضي، فقد استقر ليتراوح متوسط الإيجار بين 14 و30 دينارا للمتر المربع، ويصل إلى 35 دينارا في المواقع المتميزة، ويتراوح معدل إيجار المتر المربع في المكاتب بين 5.5 و8 دنانير لمختلف المناطق في الكويت، لتصل إلى 6.5 دنانير لمتوسط المتر المربع في العاصمة، أو ما يزيد على ذلك وفق الموقع ونوعية التشطيب، وما يقدمه من خدمات للمستأجرين ورواد العقار، بينما تطرح في السوق نوعية جديدة من المكاتب الذكية، والتي تعتبر مكاتب يتم تجهيزها بالكامل ويتم تأثيثها وتزويدها بكل التقنيات والامتيازات والسكرتارية، وذلك لاستخدامها لفترة مؤقتة، وخصوصا لفئة الشركات الأجنبية والتي تؤجر لفترات متقطعة، فقد وصل سعر المتر المربع التأجيري لهذه المكاتب إلى 8 دنانير للمتر المربع.
إن إجمالي المساحات الإدارية الجديدة التي يتم الآن تسويقها في السوق المحلي بلغ نحو 366.8 ألف متر مربع، لعدد يصل إلى حدود 15 برجا تجاريا في مناطق متفرقة من العاصمة، وهي شرق والقبلة والمرقاب، وهي مساحات تعود أغلبها لأبراج تم الانتهاء من ورشة بنائها، وجار الآن تشطيبها أو الانتهاء من الأعمال الأخيرة للديكورات الداخلية، حيث ينتظر أن يتم افتتاح نسبة تفوق 95{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca} منها خلال العام الحالي.
وعن أسعار الأراضي التجارية في العاصمة، يؤكد ملاك العقارات أن متوسط سعر المتر بات يتراوح ما بين 5 و5.5 آلاف دينار، حيث لم تعد العاصمة تشهد الأسعار التي كان يتم التداول بها خلال السنوات التي سبقت الأزمة المالية العالمية، والتي كان سعر المتر في منطقة مثل القبلة قد بلغ 12 و13 ألف دينار، وكذلك 14 ألف دينار في شارع أحمد الجابر، حيث شهدت الأسعار تراجعا، مقارنة مع ذلك الوقت بنسب فاقت 60 في المائة.
المصدر: جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق