وليد الجاسم: التعليم.. والخطر الحقيقي

أعجبني التحذير الذي أطلقه أمس وزير التربية والتعليم العالي الدكتور نايف الحجرف عندما دعا الى إبعاد السياسة عن التربية والتعليم وأكد ان أكبر خطر يهدد الكويت هو إقحام السياسة في المجال التربوي الذي يجب أن يكون بعيداً عن أسلوب التجمهر والاعتصام.
ونحن مع ما يقوله د.الحجرف وندعوه الى الثبات في الأمر وعدم الرضوخ، و.. «عندك إياهم» من فضّلوا الوسائل السياسية واللاتربوية للتفاهم.
وأزيد الدكتور الحجرف من الشعر بيتاً عندما أقول له إن الخطر الحقيقي الذي يهدد التعليم في الكويت هو مجلس الأمة لأنه هو الذي أصاب بعدواه قطاع التربية والتعليم، وهو الذي يحاول أن يفرض عبر نوابه نسب القبول في الجامعات والمعاهد، ويتدخل في المناهج، ويدعم أساليب التمرد وسلاطة اللسان سواء عند الطلبة أو المعلمين الذين أصيب عدد منهم بالعدوى مع الأسف، بينما تحول آخرون الى جواسيس على معلميهم يسجلون لهم بالصوت والصورة أي نقاش يدور وسرعان ما يسيئون استخدامه عند أول نائب طائفي مستعد لتلقفه والاتجار به بحثاً عن حفنة أصوات ولو كانت على حساب مصلحة التعليم في البلاد.
ولم ينجُ من هذا الداء مع الأسف إلا من رحم ربي من المعلمين والعاملين في المجال التربوي.
نعم يا دكتور نايف.. الجسم التربوي يجب أن يبعد عن السياسة وعن أساليب الاعتصام والتجمهر، وأولى خطوات النجاح في ذلك تكون عبر إبعاد تدخلات مجلس الأمة عنه إبعاداً قسرياً، وتعزيز دور المجلس الأعلى للتعليم ليكون هو المهيمن الأول على الشؤون التعليمية، وليكون هو المسؤول الأول كذلك عن رسم السياسات التعليمية، وهو من ينتقي الوزراء القادمين للتربية والتعليم العالي من القادرين على التزام خطه ومنهجه ويبعدون بذلك التعليم عن أساليب التجربة والخطأ التي دمرته، وينأون به عن الاضطراب في الخطط والتردد في التنفيذ والمزاجية في القرارات.
ويبعدون كذلك بالتعليم عن اجتهادات الوزراء والوكلاء والمسؤولين الذين مارسوا الكثير من التجارب المتناقضة، فكانت النتيجة وجود جسد تعليمي مهزوز يترنح، ومخرجات تعليمية تشكو من ضعفها المرحلة اللاحقة لها بسبب رداءة التعليم والمناهج، بينما لو كان هناك منهج واضح وخطة محددة يلتزم بها الجميع لتغير الحال.
أيضاً نتمنى أن ينجح الوزير الحجرف في إبعاد الانتهازية التجارية عن التعليم، ويفرض بعض الصرامة على المدارس الخاصة التي انفلت عقال رسومها حتى صارت كلفة طفل في الحضانة أو الروضة في الكويت تضاهي كلفة تعليم طالب في إحدى الجامعات المتوسطة المستوى في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، وبالمقابل تجد رداءة في مباني هذه المدارس وسوءاً في اختيار بعض المعلمين والإداريين.
معالي الوزير.. نعم.. لا مجال للسياسة في التعليم.. ولا مجال للمزايدات والتكسب الديني والسياسي والانتخابي والطائفي والفئوي، ونتمنى لك النجاح في إضفاء قدسية خاصة واستقلالية تربأ بالتعليم عن كل تلك المثالب، والمزايدات، فهل أنت فاعل؟!

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
انستغرام: @waleedjsm
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.