وليد الجاسم: استراتيجية النهضة الصحية … “لله يا محسنين”

في الوقت الذي أعلنت فيه أمس نتائج استطلاع الرأي على أولويات المواطنين واهتماماتهم، والذي أجري لصالح مجلس الأمة رغبة في التعرف على الأولويات التي تشكل هاجساً للمواطنين، والذي تبيّن منه أن الخدمات الصحية تأتي في المرتبة الثانية من الأولويات وتشكل هاجساً كبيراً وبفارق مشهود عن الاهتمام الثالث، ما يعكس قلقاً وخوفاً من تردّي هذه الخدمات الهامة جداً.
في هذا الوقت، كان وزير الصحة، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح يشكر المتبرعين والمحسنين الذين يقدمون المساعدات لوزارة الصحة، بل ويقول «إن وزارة الصحة لا تستطيع العمل بدون كرم المتبرعين سواء الأفراد أو الشركات الخاصة والعامة، وآمل أن يزداد هذا النهج في العمل التطوعي».
وقد قال ذلك الوزير خلال افتتاحه جناحين جديدين في مركز حسين مكي الجمعة تم تأهيلهما بتبرع كريم من شركة «ايكويت» بمبلغ 400 ألف دينار.
والحقيقة أنني ارتبكت قليلاً وظننت انه تصريح لوزير الصحة في جزر القمر، ثم أدركت أنه الوزير الكويتي ولكن لم أدرك إن كان الوزير يعني ما يقول ويعلن عجز وزارته عن أداء دورها إن توقف «المحسنون» عن مد يد العون وتقديم صدقاتهم ومساعداتهم للوزارة، أم أن ما قاله ليس أكثر من مبالغة في المجاملة التي يعرف عن الوزير أنه من محترفيها، حيث نعرف عنه حلاوة اللسان والقدرة على احتواء الغير بكلماته اللطيفة وجمله الراقية ومجاملاته التي لا تعرف الحدود.
ولكن يا معالي الوزير المجاملات و«الكلام الحلو» لن يخلق خدمات صحية كفؤة ولن يطمئن المواطنين الذين تبيّن من الاستطلاع مدى قلقهم تجاه الخدمات الصحية التي نحتاجها جميعاً وبشكل دائم، ولولا هذا القلق لما احتلت ثاني درجات سلم الأولويات بعد الهاجس الأكبر.. وهو الخدمات الإسكانية.
نحن لا نقلل من شأن التبرعات ولا نحث على عدم التبرع، بل نشد على أيادي المتبرعين والمحسنين ومن يستشعرون المسؤولية الوطنية ويرغبون في رد شيء من جميل هذا البلد عليهم ونشكرهم وندعو الله أن يكثر أمثالهم.
ولكن، نتساءل: هل أفلست الحكومة والدولة..؟ هل عجزت وزارة الصحة ليقول الوزير هذا الكلام على تبرع يبلغ 400 ألف دينار فيما الدولة تصرف مئات الملايين بالداخل والخارج وتدفع التعويضات بالمليارات لشركات عالمية دون أن نسمع عن محاسبة مسؤول واحد في الكويت أو تحميله الخطأ!
لو أرادت الدولة النهوض بالخدمات الصحية، ولو امتلكت الإرادة الحقيقية لذلك، فهي قادرة على تحويل الكويت الى مدينة طبية عالمية المستوى فوراً، فليس هناك أسهل من شراء المعدات الطبية واستقدام الفرق المحترفة وتشغيل المستشفيات وغرف العمليات وعيادات الأسنان وغرف الأشعة ليلاً ونهاراً بنظام «الشفتات»، فتختفي ظاهرة المواعيد البعيدة وترتقي الخدمات وتتحسن، ومن السهل وفي ظل إمكانيات الدولة الهائلة أن يختفي هاجس الخدمات الطبية والصحية من اهتمامات المواطنين، ونتوقف عن البحث عن واسطة لإيجاد غرفة خاصة وواسطة لإدخال مريض بسرعة الى غرفة العمليات وواسطة لإجراء أشعة يحتاجها مريض بشكل عاجل، ولكن مثلما قلنا يجب أن تمتلك الحكومة الإرادة أولاً والرغبة ثانيا.. وتتخذ القرار.
أما عن أسلوب «لله يا محسنين» فإنه لن يؤدي الى أي تحسن.. والله المستعان!

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
انستغرام: @waleedjsm
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.