صلاح الفضلي: لن نسمح لك

كلمة مسلم البراك التي ألقاها في ساحة الإرادة يوم الإثنين الماضي التي خاطب فيها سمو الأمير بقوله «لن نسمح لك»، يجب أن تقرأ أبعادها بشكل واقعي بدلاً من الرد الانفعالي لمعرفة دلالات وأبعاد الموقف الجديد لكتلة الأغلبية. كلام البراك لم يكن رد فعل أو مجرد انفعال، بل كان كلاماً مقصوداً ومحدداً ولا أدل على ذلك من أن قسماً منه كان مكتوباً، بل إن ما صرح به محمد عبدالقادر الجاسم بعد ندوة النملان الأسبوع الماضي بأن «الشيوخ سوف يسمعون في ساحة الإرادة يوم الاثنين كلاماً لم يسمعوه من قبل» يدل على أن ما قاله البراك كان معداً منذ عدة أيام، وأن الجاسم كان على علم به، وإن كنت أعتقد أن الجاسم هو عراب هذا الخطاب، فبصماته فيه واضحة لا تخطئها العين.
ماذا يريد البراك من خلال مخاطبته للأمير بأنه «لن نسمح لك» ويرددها مرات عدة وبانفعال شديد؟ أعتقد أن الأمر لم يعد محاولة للضغط على الأمير حتى لا يصدر مرسوم ضرورة بتعديل نظام التصويت من أربعة أصوات إلى صوت أو صوتين، بل الأمر أبعد من ذلك، وحسب ما أفهمه فإن ذلك يسعى إلى استهداف هيبة الإمارة، وأن الرسالة الواضحة أنه إذا لم تستجب لمطالبنا فتوقع الأسوأ. لا أستبعد إذا ما صدر مرسوم الضرورة بتعديل نظام التصويت أن يطالب البراك ومن معه بتنحي سمو الأمير. قد يستغرب البعض ذلك أو يستبعده، ولكن المؤشرات عديدة في أن ذلك محتمل الحدوث، وما السعي الحثيث للتصادم مع رجال الأمن إلا خطوة في هذا الاتجاه.
ما قبل كلام البراك يوم الاثنين الفائت ليس كما بعده، وأغلب الظن أن الأمور متجهة إلى حالة دراماتيكية من الصدام الذي لا يمكن تجنبه بين السلطة وصقور الأغلبية، لأن من الواضح أن قسما من الأغلبية مغيب تماماً عن مطبخ صنع القرار. يمكن تقسيم كتلة الأغلبية إلى جناح قبلي وجناح حضري، ومن الواضح أن الجناح القبلي الذي ينتمي له صقور الأغلبية وقواعده الشعبية هو من يتبنى خيار الصدام مع السلطة، أما الجناح الحضري فيبدو أنه مرتبك أو أسقط في يده.
المسألة أصبحت معركة كسر عظم لا حلول وسطا فيها. بالتأكيد لا نتمنى أن يحصل صدام لأن ذلك يدخلنا في نفق مظلم لا يمكن التنبؤ فيما إذا كنا قادرين على الخروج منه أم لا، ولكن المعطيات المتوفرة جميعها تقول إن الأمور تتجه باتجاه طريق واحد لا رجعة فيه، شعاره «يا غالب يا مغلوب»، أو «يا خال يا بوثنتين». على الجميع أن يحزموا أمرهم ويتدبروا خياراتهم فلم يعد في الوقت متسع للتفكير، ولم يعد الأمر يحتمل التسويف أو الانتظار، فالقطار على وشك الانطلاق، وهو لن ينتظر المترددين، الأيام القادمة سوف توضح من الذي «لن يسمح» للآخر.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.