فاطمة حسين: السرقة الحلال

هي مجرد سويعات من زمن طويل بليد ممل مرهق مزعج ومتعب، محاط بسلاسل من القلق على الماضي والحاضر والمستقبل صنعته لنا فئة من ابنائنا واخواننا ممن اسموا انفسهم (الاغلبية) ركبت رؤوسها – كالاطفال – وحجبت عنا الرؤية الا ما تراه هي سبيلا لكرامة الوطن وحفظا للدستور، ما عدا حفاظها على مقاعدها وبالصورة التي تؤمن لها – ولها فقط – هذا الحفاظ وديمومته.
هروب – نعم – وسرقة – اقتطعتها من ذاك الجو من اجل استراحة مستحقة – رغم قصرها – في المدينة التي احب (لندن) وفي أتعس مواسمها تماما كمن يستجمع طاقته في سرقة وردة من حقل الاشواك، وكمن يقطف ثمرة ناضجة من شجرة عصف بها الخريف.
اسبوع فقط مجرد اسبوع اليوم هو منتهاه، خلعت فيه ثوب متابعة السياسة المحلية وما تدور فيه رحى الاعلام المحلي من اقوال هؤلاء واقوال أولئك وتهديد هذا، ووعيد ذاك وبين مشجع على المشاركة في صياغة المجلس الجديد والذي ننتظره بفارغ الصبر والأمل للحصول على مبتغى الوطن من مشرعين ومشرعات مصدر عزة واعتزاز لنا كمواطنين وللوطن.
آخذة بنصيحة شاعرنا الجميل مبارك بن شافي الهاجري واقتراحه على الحكومة الجديدة ان تهتم بالثقافة، فهذه الاخيرة هي التي يمكن ان تأتينا بساسة جدد، تعمل الموسيقى في صياغة صبرهم على الاستماع للآخرين، ويعمل المسرح في تبصيرهم على حقيقة الحياة من حولهم، ويعمل الشعر في انهاض ملكة الابداع في اختيار لغة حوارهم، وتعمل القصة القصيرة والرواية في تعريفهم على المجتمع من حولهم ليزدادوا يقينا بأنهم ليسوا الوحيدين الذين يعيشون على سطح هذه الارض، فالناس من حولهم اجناس واصناف وألوان ولغات وحضارات وعادات وتقاليد والكرة الارضية وحدة واحدة وما نمثل نحن منها الا ربما موقع شكة الابرة أو دبوس قد يرى وقد لا يرى قد يلتفت اليه وقد لا يلتفت اليه.
نحن جماعة لابد وان تنظر لنفسها وما تحت قدميها قبل ان تطلق اعناقها باتجاه السماء طموحا نؤدي دورنا الحضاري مثل غيرنا من الشعوب بالتواضع الذي يحكمه وجودنا.
هذا التواضع يفرض علينا ان نستمع للأخ قبل الصديق وللصديق قبل الجار ونتفاعل مع صدى الشارع من حولنا دون ان نفرض أو نفترض قيادتنا له… فقد يكون اليوم في الجيب ولكنه قد لا يستمر ولاؤه مع انكشاف امر الخدمات الخاصة ذات السبيل اللا منتهي.
من اجل تلك النصيحة الذهبية احتمل الصقيع لأحظى بدفء العقل والقلب الممسكين بدفة المزاج العام..
ألم اقل لكم إنها سرقة من النوع الحلال.. نعم سرقت الزمن. ما سرقت (الوطن)، كما حاول البعض وما سرقت (الدين) كما يحاول آخرون بل سرقت النظر واستنهضت المزاج وهذا حق مشروع – رغم وصفه بالسرقة – ولما كانت السرقة بالمعنى العلمي هي استحواذ الحصول على امر لا نملكه ولا يحق لنا ان نملكه فهذه السرقة التي امارسها هي الحلال الوحيد لأن عقوبتها لا تأتي بقطع اليد وان اتت فإنها تأتي بالمجاز – كما يجب ان تأتي شرعيا.. في زمن لا مكان فيه للوعي الذي غيب المجاز – كما ينظر له الشيخ محمد عبده.
< ملحوظة: تحية من القلب لكل امرأة تقدمت لترشيح نفسها في هذه الاجواء التي ملأها (الربع) بالغبار وتحية ايضا – ولكن اصغر منها – لكل رجل تحلى بالشجاعة ورشح نفسه، الكويت تستاهل!!!

فاطمة حسين
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.