
بدأت أجراس الانتخابات البرلمانية تقرع مجدداً، بعدما بدأت بوادر التهدئة تلوح في اجواء كويتنا الحبيبة التي ظلت تعاني في قلب عاصفة سياسية عاتية، ملأت عيني الوطن بالغبار الكثيف، حتى ظن البعض ان السفينة سيعتورها العطب، وربما يطيح بها «التأزيم» في دوامة الخطر، لا محالة، لكن الآمال عادت تملأ الاشرعة مرة جديدة بحكمة النوخذة الحاذق، الذي يبذل كل ما يستطيع ليرسو بالكويت على شاطئ المستقبل، غير ملتفت لصرخات بعض الركاب الذين ربما دفعهم الملل أو التسرع أو قصر النظر الى تعجل الوصول أو تغيير الاتجاه!!
الآن، بدأنا نقترب بسرعة من الانتخابات التي ينظر اليها اغلبية الكويتيين بوصفها اشراقة الشمس بعد فترة طويلة من عتمة الغبار.. ولعل هذه المناسبة الوطنية تفرض على كل منا باختلاف الوان طيفنا، ان يتحمل قسطه من المسؤولية، من اجل ان تعكس الصناديق الانتخابية رغبات الجمهور من ناحية، وترسم الملامح الزاهرة المأمولة لمستقبل الكويت من ناحية اخرى.
ولعل من البديهي ان مسؤولية الجهات المشاركة في الانتخابات يمكن وضعها جميعاً في كفة، في حين يجب وضع مسؤولية «المواطن / الناخب» وحدها في الكفة الاخرى!!
فالناخب هو المسؤول ليس فقط عن اعطاء صوته «الثمين» بوصفه حقاً دستورياً وواجباً وطنياً وامانة دينية للمرشح الجدير به، وحجبه عن المرشح الذي لا يستحقه، بل الأهم من ذلك ان الناخب هو الحائط الاخير لاسقاط «الآفات الانتخابية» التي يشكو الكثيرون من تفشيها بصورة تؤثر سلبياً في نتائج الانتخابات وتزور ارادة الناخبين وتدخل الى قاعة عبدالله السالم الموقرة اناسا لا يستحقون شرف تمثيل الكويتيين!
فالناخب مسؤول في هذه الانتخابات، اكثر من اي وقت مضى، عن اغلاق سوق الرشوة الانتخابية، التي يمد فيها بعض ضعاف النفوس ايديهم ليقبضوا حفنة من الدنانير الحرام مقابل اصواتهم، غير مكترثين بأنهم يضرون بأبنائهم قبل اي شخص آخر، ويتعين على الناخب نفسه ان يقاوم بعض المرشحين الذين يتعاملون مع العملية الانتخابية بوصفها صفقة «غير شريفة» يعقدها مع كتلة تصويتية او اكثر بحيث يقتنص الاصوات الفاسدة مقابل هدايا عينية لمحركيها، ومناصب عليا في الدولة لغير المؤهلين لها ووظائف مرموقة للترضية فقط!! لتتحول الانتخابات من «جسر» يقودنا نحو المستقبل الى منزلق يهبط بنا صوب الفساد والتخلف، بعد ان تضع الانتخابات اوزارها لنجد في الوزارات المختلفة جيشاً من المستشارين والموظفين عينوا بلا داع، وليس لهم من عمل الا تقاضي رواتب والتمتع بمزايا تمثل عبئا باهظاً على ميزانية الدولة، ومن دون مقابل، فهل لهذا تدار الانتخابات التي هي ابرز وسيلة لخدمة المجتمع والوطن؟!
ايها السادة اذا كانت هذه هي ديموقراطيتنا فليس لنا ان نلوم الا انفسنا، فإما الفلاح واما السقوط، وعلينا نحن الاختيار والانتخابات مقبلة.. لعن الله من افسدها.
أ. د. معصومة أحمد إبراهيم
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق