إقبال الاحمد: بعد تهنئتك يا وزير الصحة

توجَّهَت إلى أحد المستوصفات في حوالي الساعة الثامنة مساء يوم الخميس الماضي.. وأخذت الرقم بانتظار دورها حتى يعاينها الطبيب المناوب.. جلست فوجدت باب غرفة المعاينة مفتوحاً والطبيب يفحص المريضة أمام كل المراجعين الذين يتيح لهم مكان جلوسهم رؤية حجرة الطبيب وهي مشرعة الأبواب.

استفسرت عن السبب.. فجاء الرد أن الطبيب العربي يرفض أن يغلق باب حجرة المعاينة عليه وهو والمريضة فقط.. لماذا؟ الله أعلم.

طلبت أن تغير الطبيب ليعاينها طبيب آخر، حسبما قالت.. وطلبت أيضا مقابلة أمين المستوصف لنقل الصورة غير الطبيعية، التي لم يتعودوا عليها في حياتهم كلها.. إلا أن الأمين غادر المستوصف، ولا يوجد أحد مسؤول مكانه.. فلم تجد من تشتكي إليه.

طبيب بشري يرفض إغلاق باب غرفة المعاينة الطبية كما يفعل كل أطباء العالم.. ويتيح لكل المراجعين رؤية ومشاهدة تفاصيل المعاينة والفحص الذي يقوم به للمريضة التي أمامه.. لماذا؟ لأنه لا يريد أن يغلق الباب عليه مع امرأة.. هل هذا تفكير طبيب.. أم تفكير مراهق متديّن يرفض أن يكون الشيطان ثالثهما هو وأي امرأة في مكان مغلق؟ حقيقة ظللت في حيرة من أمري أبحث عن سبب مقنع لهذا التصرّف الغريب.

يعرف الطبيب أن عمله الأساسي هو معاينة المرضى في العيادة واحدا واحدا في غرفة مغلقة، حيث يجري كل الفحوصات المطلوبة حفاظا على خصوصية المريض.. حيث توزع الأرقام وكل مريض يدخل في دوره.

ما هذه التقليعة الجديدة التي تقوم بنظري أنا، على عدم احترام خصوصية المريض أولا.. وعلى التفكير في أمور يجب أن تكون بعيدة جدا عن أي طبيب يحترم مهنته وقسمه الذي بدأ به عمله من جهة أخرى.

هل ستشرع أبواب العيادات في المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة حتى لا يختلي الأطباء مع المريضات ويكون الشيطان ثالثهما.. ويتم الفحص على مرأى ومسمع من كل المراجعين المنتظرين في الخارج.

هل ما قام به هذا الطبيب العربي تصرفا خاصا لينأى بنفسه عن أي تهمة يمكن أن تُلصَق به من أي مريضة ضده لحظة الاختلاء بها لفحصها… أم ما هو التفسير؟

إذا كان هذا الطبيب أو غيره يخاف أن تجمعه غرفة مغلقة بمريضة لأي سبب كان.. كان من الأجدى به أن يطلب أن يفحص الرجال فقط.. أو يعتذر عن العمل في المستوصفات التي يعاين الأطباء المرضى من الجنسين.. لأن الموضوع هنا موضوع طبيب ومريض، وليس موضوع ذكر وأنثى.

تصرفات غريبة بدأت تدخل على مجتمعنا الإسلامي المحافظ منذ أن نشأت هذه الدولة.. فلم نسمع بتاتاً من قبل أن طبيباً يصرّ على أن يفحص مريضته أمام الملأ لأي سبب أو حجة.. المهم أن ما حدث في ذلك المستوصف كان على مرأى ومسمع من الجميع هناك، ولم يبادر أحد المسؤولين بمساءلة الطبيب أو التوضيح له أن هذا التصرّف لم نتعوّد عليه، وهو مرفوض في ظل الثقة بالأطباء والتزامهم المهني الذي ينأى بهم عن أي أمور يجب ألا يفكر بها أي إنسان سوي في مثل هذه الظروف.

بانتظار التوضيح من أمين المستوصف أو أي مسؤول أكبر في وزارة الصحة.. والسؤال موجّه أيضا الى سعادة الوكيل ومعالي وزير الصحة الجديدين، بعد التهاني القلبية الخالصة لهما بالمنصبين الجديدين اللذين يستحقانهما، وهما أبناء «الصحة»، ومن ثم فهما أعلم بتداعيات تصرّف هذا الطبيب على مهنة الطب العظيمة والراقية والمتجرّدة من كل المشاعر والغرائز التي لا مكان لها خلال ساعات العمل حين يكون الهدف إنسانياً مائة في المائة، ولا شيء آخر غيره.

في حال الرغبة في معلومات حول الموضوع، فالسيدة صاحبة الشكوى مستعدة في أي وقت.

إقبال الأحمد

iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.