“ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الانفال 53).
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم أنه “لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.” فمن يستبدل حالته الطيبة بحالة سيئة وبمحض إرادته يبدو يحول النعمة إلى نقمة. ولأنه لم يستطع احتمال نعم الأمن والأمان والمعيشة المرفهة فسعى الى استبدالها بالفوضى والانفلات والاستعراضات المشبوهة, وفي سياقنا الديمقراطي المحلي من يسعى الى بث الفوضى والانفلات والتناحر في مجتمعنا المتماسك, ومن يسعى الى اثارة النعرات المختلفة على حساب التعايش السلمي والوحدة الوطنية يشوه بشكل أو بآخر وجه الحرية والديمقراطية. فإذا كانت الديمقراطية ترتكز على حرية الرأي والتعبير المسؤولة فهي أيضاً تتمثل في عدم اللجوء الى الفوضى واستفزاز المشاعر والخروج على القانون بزعم ممارسة حرية الرأي والتعبير. فلا يوجد حرية رأي وتعبير في محاولة ترسيخ الفوضى والانفلات عبر ممارسات مؤسفة تتجاوز حدود ما هو عقلاني, وما هو ديمقراطي, وما هو قانوني. فالخروج عن الثوابت الوطنية المشتركة مثلاً, والقيام باستعراضات مشبوهة والانشغال بالبهرجات الاعلامية والخطابية بهدف التكسب الانتخابي والشعبوي على حساب أمن الوطن واستقراره هي بشكل أو بآخر استبدال للنعم بالنقم.
والدعوة للفوضى والانفلات ومحاولة العبث بأمن الوطن واستقراره-حتى من دون قصد- لها تداعيات سلبية للغاية. فإقليمنا الشرق الأوسطي يمر حالياً بمراحل تاريخية حساسة للغاية تتطلب الحذر الشديد في عدم جر المجتمع الوطني الى صراعات مفبركة وفوضى وانفلات تضر ولا تنفع. فأمننا الوطني وتآخينا وتعاضدنا وتآلفنا فيما بيننا ككويتيين هي نعم وفضائل من الله عز وجل تستوجب الشكر والحفاظ عليها. وإذا كان مجتمعنا يرتكز أصلاً على الشورى وعلى المحبة المتبادلة وعلى حرية رأي وتعبير مسؤولة, فحري بعقلاء وحكماء هذا الوطن الغالي على جميع أبنائه وبناته أن يكافحوا مظاهر الفوضى والانفلات.
بل يتحمل كل مواطن كويتي مسؤولية الحفاظ على نعم الأمن والأمان والمعيشة الكريمة التي نتمتع بها نحن الكويتيين, فلم تدخل الفتن والقلاقل والفوضى مجتمعاً إنسانياً إلا حولته ساحة تنازعات وتناحرات عدمية يخسر فيها بخاصة من يصرون على تشويه وجه الحرية والديمقراطية في مجتمعهم. فاختلافنا في الرأي حول أي من قضايانا وتحدياتنا المشتركة ليس من المفترض أن يفسد الود والتراحم فيما بيننا. أمن وطننا أمانة في اعناقنا جميعاً. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق