ما عاد للمهن والمواهب خصوصيتها ومهابتها بعد أن أصبح كل أمر سهل المنال ومشاعا للعالمين، فكل من جاء ورغب في النجارة نجر وأصبح نجارا حتى لم يتبق في الوادي شجر، ذلك أن العصر ديموقراطي بامتياز، فالغناء والعلاج والكتابة والسياسة والشهادات العلمية وسائر المناشط والمهن والألقاب متوافرة للجميع دون استثناء، فما أكرم هذا العصر وما أكثر تفاهته.
انه عصر الأبواب المفتوحة وسقوط المهابة والخصوصية والاتقان. مزارع يعيش في بيت قروي ليس فيه تمديدات صحية أو كهربائية يقرر الرحيل إلى المدينة أو الهجرة إلى الخارج ليعمل سباكا أو كهربائيا يعيث فسادا في بيوت الناس. انتشرت الفضائيات والصحف الالكترونية فأصبح الجميع يعملون مذيعين وكتابا وشاعرات ومحللين سياسيين.
من حضرت دورة تدريبية في مجال ما صارت تنظم دورات في المجال ذاته حتى أمست الدورات في البلاد أكثر من دورات المياه. شخص يضرب لك موعدا في الصباح ليأتيك في المساء لتقرأ في صحف الغد إعلانا عن محاضرة يلقيها الأخ بعنوان: «كيف تستفيد من تنظيم وقتك» وأخرى تقدم نفسها للحضور بأنها مصممة أزياء وهي ترتدي زيا يذكرك بـ «أم الخلاقين».
بالتعبير المصري الشهير يمكن القول إنه عصر «الأوَنْطَة».
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق