
لابد من العمل على فك الارتباط والتشابك الذهني والمعرفي والعقدي بين العامة والدهماء وبسطاء الناس وبين من يسمون برجال الدين وعلماء المسلمين والمفتين والمشايخ ـ الفضائيون منهم والأرضيون ـ وذلك من باب الحرص على مصالح الأمة العليا المتمثلة في عقول ابنائها وعقيدتهم المتينة المبنية على الفهم الواعي والصحيح لأمور الدنيا وإدراكهم للمعنى الحقيقي للدين وتأطير الدين في أطره الحقيقية التي تثبت الإيمان ولا تزعزعه أو تقلبه تقلب الهوى في قلب المسلم.
إن الدين في الأصل هو الإيمان ولا شيء غير الإيمان، وما زاد عن ذلك لا يصلح من شأن المؤمن ولا يدفع إلى تقوية إيمانه، والحديث هنا عن الدين حديث مطلق وغير محدد بدين بعينه وإن كنت مهموما بالطبع بالحديث عن الدين الإسلامي بحكمي مسلما وأنتمي لهذه الأمة التي أعتلي بقدر علوها وأهبط معها حيث هبطت.
وتلك النوافل التي نراها سداحا مداحا وتأتي باسم الدين وينطق بها رجال معممون أو مسدولو أغطية الرؤوس أو ذوو قلنسوات وما شابه ومحقونو الجبهات مكدوموها، والذين يكشفون في معظمهم عن حالات جنونية مؤكدة ومؤصلة لا تخطئها عين رائية ولا بصيرة ثاقبة، يتعين أن توقف فورا وتدق أعناق قائليها أو يجري تعزيرهم لما ينطقون به من هوى نرجو ان يهوي بهم على رؤوسهم في جهنم خالدين فيها، لجرأتهم على الدين وتلبيسه خرافات قد تكون نتاج مخرفين سابقين أرادوا ان يصبغوا الاسلام بصبغة الجهل ليمتطوا ظهور العامة والجهلاء، فإن جاز هذا في أزمنة غبراء، فإنه لا يجوز في زمننا هذا الذي نشهد فيه معجزات العلم وخوارق البشر من حولنا ونحن في سبات يشبه الموت، ولا تسمع آذان أغلبنا سوى هرطقات هؤلاء المتطاولين على جلال الدين وقدسيته.
لقد أوقف العراق مؤخرا عديدا من القنوات التلفزيونية التي دأبت على إذكاء الخلاف وإشعال الفتنة، ومن باب أولى فإن على الدول جميعها إيقاف قنوات الجهل وتسطيح عقول العامة وجعلهم أسرى الخرافة، ليكونوا وقودا لكل فتنة، فالفتنة والتعصب منبتهما الجهل والعقول الخاوية، أما العقول الناضجة الرزينة فلا تهزها فتنة مهما بلغت شرور مطلقيها.
وإن كانت الفتنة أشد من القتل، فإن الجهل أشد من الفتنة.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق