في البدء يجب الاشارة الى ان هذا ليس نقدا او محاولة لتصغير النائب مسلم البراك، فأنا اعتقد ان النائب البراك جاد ومخلص في ما يتبناه، وان كان ينحرف كثيرا او يبالغ بشكل ممجوج. مسلم البراك متحمس، وملتزم اكثر من اللازم، ومن لا يصدق فعليه ان يراجع الفيديو المشهور، فيديو الحلاق، الذي حرص فيه النائب البراك على ان يستثمر وقت الحلاقة في الترويج للحراك والتحريض على السلطة والنظام. ولكن طبعا واضح مدى القصور الفكري والمبدئي ليس عند مسلم البراك وحسب، بل مجمل متصدري الحراك والمعارضة هذه الايام.
اذا سلمنا بوجود هذه العفوية و«البساطة» لدى مسلم البراك وحتى بقية قادة الحراك، فهل من الممكن تصور ان يكون مسلم البراك «ضميرا للامة»، ومخزن عدتها وعتادها؟! اعتقد جازما ان ضمير الامة كبير جدا، وجدا على مسلم البراك وحتى على مجموع ربع المليون المزعوم مشاركتهم في احدى طلعات الحراك. ضمير الامة لا يؤهل من يتمتع فقط بالاخلاص او الجدية ليكون كذلك. فالشباب الذين واجهوا السلطة واعتقلوا وسجنوا وربما ضربوا نتيجة اخلاصهم وجديتهم في تبني قضايا الحراك اكثر تأهلا واولى بتمثيل الامة او النيابة عنها من مسلم البراك الذي كان محتميا ولا يزال، بالامس خلف الحصانة النيابية واليوم خلف القبيلة.
في رأيي، النائب البراك بالكاد يتوافق كي يكون ضميرا للمناطق الخارجية، ولكن ليس للامة جمعاء. فالمناطق الخارجية عانت من نوابها «الموالين» والتابعين للسلطة طوال الفترة النيابية التي سبقت التحرير. بل انه عند اجراء انتخابات المجلس الوطني كان ابناء المناطق الخارجية انفسهم، مرشحين وناخبين، من المؤيدين والموالين للسلطة. لهذا كانت المعارضة الجادة والمستمرة للنائب مسلم البراك مفاجأة او خروجا عن المألوف، وكسرا للرتابة التي تعوّد عليها ابناء المناطق الخارجية والمتجلية في الولاء غير المشروط الذي اشتهر به نوابهم قبل ذلك. لقد رافق او ربما سبق النائب البراك بعض النواب المعارضين في المناطق الخارجية. كنواب الاخوان المسلمين والسلف. لكن معارضة هؤلاء لم تكن جادة، بالاضافة الى انه في بداية التسعينات تم نبذهم من قبل ابناء القبائل.
لهذا كسب مسلم البراك قلوب ناخبي المناطق الخارجية، واثارت معارضته المتواصلة انتباههم واعجابهم، بحيث اضحى ضميرا وناطقا باسمهم.. لكن ليس للامة كلها، فكثير من الامة سبق مسلم وحراك مسلم في المعارضة الجادة وفي تلمس طريق الصواب والخط المستقيم.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق