لا أدعي فهمي وإلمامي بتفاصيل وحقائق كاملة عن فضيحة «الداو».. ولا معلومات لدي عن المتسبب الرئيسي والحقيقي فيها.. قد يكون مسؤولاً كبيراً.. قد يكون من المعارضة.. وقد يكون من الموالاة.. وقد لا يكون من هذا ولا من هؤلاء.. قد يكون من التجار، وقد يكون من الشيوخ.. قد يكون ممن يسمون إسلاميين أو ليبراليين.
لكني بالتأكيد أشعر بمرارة وألم لجسامة الخسارة التي دفعت كتعويض جزائي على إلغاء عقد الداو الذي سيكون من حساب التنمية او احتياط الأجيال القادمة.
الصورة التي نشرت لرئيس مجلس ادارة شركة الداو ورئيسها التنفيذي اندرو ليفريز وهو مغتبط بعد أن انتشل الشرط الجزائي الذي دفعته الكويت (2.2 مليار دولار) شركته من أزمة مالية حين عادت توزيعات أرباح الشركة على مساهميها لمستويات ما قبل الأزمة.. لخصت تداعيات تلك المصيبة علينا كدولة وعليهم كشركة.
هم استغلوا هفواتنا ولا مبالاتنا وقصورنا وعجزنا وسوء إدارتنا وكل علة فينا ليطبقوا القانون علينا.. ولأننا، ومنذ زمن لم نعد نعترف بشيء اسمه قانون ونتحداه ونخرج للشوارع نعبر عن تحدينا.. لتخضع الحكومة وتلغي ما تلغي.. لنأكل نحن الشعب الحصرم.. فقد لسعتنا نار عدم احترام القانون وأحرقنا لهبه.
مثل ما قال الأستاذ الكبير فخري شهاب.. البليّة الكبرى ليست الغرامة الفادحة، بل النظام الذي تم بموجبه اختيار المسؤولين عن الشركة.. وأنا أزيد هنا معايير اختيار نواب الامة ومسؤولي الدولة كلهم.. لأننا كشعب للاسف لم نصل الى درجة من الوعي نتجرّد فيها عن كل المصالح الخاصة، ونختار من أجل الكويت فقط.. الكويت فقط.
والاختيار لاجل الكويت فقط.. لا يكون إلا بتجرد كامل من الطائفية والقبلية والمذهبية والاسرية.. وهذا بالفعل ما يطلق اليد للمسؤول أو النائب ان يفعل ما تمليه عليه مصلحة الوطن.. لا الطائفة او القبيلة او المذهب او علاقات الاسرة او المصالح الاقتصادية.. ولان قوة القانون غائبة، فقد حلّت محلها قوة الطائفة او المذهب او القبيلة او العائلة او المصلحة الخاصة.. فالشيء الذي لا احصل عليه بقوة القانون احصل عليه بقوة اخرى.
2.2 مليار دولار تقدّم وتدفع تطبيقا لقانون تم الاتفاق عليه بيننا وبين شركة الداو.. دفعناه صاغرين خانعين لأننا خلفنا اتفاقا.. هذا القانون الذي نحترمه بالخارج شأن أي كويتي يسافر يلتزم فيه غصبا عنه.. ليعود الى بلده ويقصقص فيه كيفما يشاء غير مبال أو مهتم بأي تداعيات عليه في حال الإخلال به.. هذا انعكس على موضوع الداو، فاعتقدنا أن إلغاءه امر عادي لن يقدم او يؤخر شيئا، اما جهلا او تجاهلا.. ولكنه انقلب على رأسنا… فدفعنا ثمن ذلك من حق ابنائنا.. الذي يعني لهم مبلغ 2.2 مليار دولار الشيء الكثير.. تنمية في كل مجالات الحياة.
أتمنى من كل قلبي ان تكون الخطوات المتخذة حاليا في سبيل فرض القانون بالشارع والوزارات والهيئات.. خطوات جادة لا تراجع فيها ولا تراخٍ… حتى نتعلم معنى القانون كما يعرفه العالم كله.. لأنه عندما ضاع منا.. ضاع معه احترامنا.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق