حسن كرم: أزمة المويزري..!!


اذا لم تكن الحكومة تنوي الاستقالة فان الوزير شعيب المويزري سيعجل باستقالتها.
ليس أمام المويزري من حل الا ان يقلب الطاولة على الجميع ويصير اللي يصير أو ان يُعجل هو بتقديم استقالته والعودة الى المقاعد الخلفية وكفى المؤمنين شر القتال.
المويزري بالصدفة اختير نائبا عن دائرته او عن قبيلته وبالصدفة اختير وزيرا، والصدفة أحيانا قد تلعب مع المرء أدوارا ناجحة، وقد ترميه الى الاسفل، لذلك أتصور ان السيد شعيب المويزري حتى الآن لم تحدد الصدفة له قرارها ان كان أعلى او اسفل بسبب منطقي ان نجاحه لم يتقرر حتى اللحظة، فلا هو كان نائبا لامعا ولا هو وزير انجز شيئا، وخلافه مع اركان وزارته مثلا او مع مدير بنك التسليف ليس قطعا انجازا حتى ان وقف الحق بجانبه، وانما هو دليل على فشل في ادارة الازمات.
فعندما يركب الوزير رأسه ويتحدى الجميع ويقول انا القانون والقانون بصفي وبيني وبينكم القضاء، هذا ليس اسلوبا في الادارة، وانما قد يحدث في سوق حراج السيارات على سبيل المثال عندما ينشب خلاف بين البائع والمشتري والدلال فلا سبيل لحل الخلاف الا اللجوء الى المخفر او المحاكم، والواقع هذا ليس انقاصا بحق الرجل، ولكن عندما لا تكون الاختيارات على مبدأ الرجل المناسب للمكان المناسب، فكل الاحتمالات واردة بمعنى هذا مرض اداري كويتي عام، وليس مرض شخص، واذا كان ثمة وهن او فساد او فوضى في جسد الادارة الحكومية الكويتية والكل يشكو منها فابحثوا عن كوامن العلة وهي السياسة، فالسياسة أفسدت النفوس السليمة وأفسدت الادارة وأفسدت المجتمع، ولذلك فعندما يتحدث المصلحون عن الفساد ليعلموا انه لا امل بالقضاء على الفساد الا باصلاح الوضع السياسي، وعندما يتحدثون عن الشفافية، فالشفافية لا تتحقق الا في جود النور، والنور لا ينبلج الا بزوال الظلمة، فالعفن يتراكم في اماكن مظلمة، وهكذا فنحن ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها الا بوجود الارادة الوطنية المخلصة، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
أزمة الوزير المويزري مع قيادات وزارته ليست بالمصادفة الاولى، فللازمات مع الحكومات الكويتية منذ الستينيات من القرن الماضي تاريخ طويل، وقد دشن اول الازمات المرحوم خالد المسعود بعدما تولى ولأول مرة حقيبة التربية خلفا للمرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح فانفجر خلاف شديد بينه وقيادات التربية «الوكيل والوكلاء المساعدين» وكان له ما اراد حيث نقل الوكيل فيصل الصالح المطوع والوكيل المساعد عيسى الحمد الى ملاك وزارة الخارجية فيما نقل المرحوم أحمد العدواني الى وزارة الاعلام، ثم تلاه خلاف بين الوزير المرحوم صالح عبدالملك الذي وزر على البريد والبرق والهاتف «المواصلات حاليا» والوكيل عبدالله السمحان، وأما ثالث الازمات فكانت بين الوزير عبدالله العوضي الذي استوزر على الصحة ووكيل الوزارة برجس البرجس والوكيل المساعد للشؤون الادارية المرحوم نايف المعوشرجي، فاخذ المرحوم الشيخ جابر العلي البرجس حيث عينه مديرا لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ونايف المعوشرجي الى لجنة المناقصات، ثم كان الخلاف بين وزير المالية الاسبق بدر الحميضي ووكيل الوزارة عبدالمحسن الحنيف فنقل هذا الاخير الى البنك الصناعي، وآخر فصول الخلاف قبل انزال الستارة على الفصل الاخير كان بين الوزيرة نورية الصبيح والوكيل جاسم الصانع اذن نحن امام ازمات وزارية متكررة، والواقع أكثرها سياسي لا اداري..!!
الوزير المويزري كغيره قد ينجح في خلافه مع صلاح المضف او مع قيادات وزارة الاسكان ولكن الامر المؤكد انه لن يعمر طويلا في الوزارة، هكذا كانت نهايات السوابق وهكذا هي اللعبة السياسية، لعل المتغير ان شعيب المويزري يشد ظهره بالاغلبية البرلمانية التي لم تنقطع صلته بها بل حضر اجتماعاتها.
خلاصة القول، ان حكومة الشيخ جابر المبارك الثانية وهي هذه الحكومة الحالية انجزت في اجواء سياسية ونفسية محتقنة، ناهيك عن عجلة رئيس الوزراء في امره لضيق الوقت ولتفادي مخالفة الدستور، ولذلك لعل غالبية الوزراء قد اختيروا بالصدفة دون تمحيص لكفاءتهم وخبراتهم السابقة، لذلك التصور ان هذه الوزارة لن تدوم طويلا وان التعديل على هيكلها قد يكون واردا في أي لحظة، بل أتصور ان التعديل مطلوب وعلى رئيس الوزراء ان يعيد رسم سياساته ويمحص بقدرات بعض وزرائه، فالمسؤولية جسيمة وقطار الزمن لا يتوقف على محطة واحدة.

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.