واضح أن العمل السياسي في البلاد يسير بعكس ما تشتهيه سفنها، وبما يتضاد مع مصالحها وتقدمها وما يحقق تنميتها المنشودة.
وواضح أيضا أن ثمة قطاعات شعبية كثيرة، متقدمة ومتجاوزة العمل السياسي والسياسيين بوجه عام، حتى بات العمل السياسي يمثل جانب التخلف والضدية، بينما هذه القطاعات الشعبية تمثل الوجه المنير للبلاد وتمثل جانب الحداثة والواقعية والتقدم والمكاشفة الواضحة والصريحة مع أمور الحياة ومتطلباتها، وتتماشى مع ما وصل إليه العالم من فهم لشكل المجتمع الحديث.
ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في سلبية هذه القطاعات المستنيرة والتي تترفع كثيرا عن السياسيين وعن العمل السياسي برمته وفي جانبيه الشعبي ممثلا فيما يسمى بمجلس الأمة أو في شقه الرسمي الذي تمثله الحكومة.
هذا الواقع الغريب الذي يهيمن فيه الجاهلون على العارفين، والطامعون على المضحين، والمتخلفون على المستنيرين، والذي كف أيدي البناة الحقيقيين عن صنع القرار وعن قيادة المجتمع، سيقود إلى هلاك لا منجاة منه، وهي نتيجة وحيدة لا أخت لها ولا شريك ينازعها في تفردها، وهي أيضا نتيجة معروفة وليست بحاجة إلى كثير اجتهاد ولا سبر الغيب لمعرفة ماذا يحمل من نتائج.
ورغم كل هذا فإن أحدا لا يتحرك من أجل منع هذا الانهيار الوشيك، بل لا احد يهتم ولا يكترث وكأن هذه البلاد مكتوب عليها أن يستغلها الطامعون والسلبيون، ولا يقدمون لها في المقابل شيئا يحفظ لها وجودها أو استقرارها على الأقل!
وهنا تكمن الغرابة التي لم تجد من يدافع عنها حين يدهمنا بها أحد من المتابعين الخارجيين لواقع البلاد وما يجري فيها وعلى الأخص اخوتنا في دول الخليج الذين كانوا يتطلعون لمجتمعنا الحي والنابض والمنتج والمبتكر نظرة إعجاب وإكبار تحولت الآن ـ مع الأسف ـ إلى نظرة إشفاق وترحم!
هذه الحقائق الداهمة غدت كـ «عين عذاري» وصلت إلى البعيد ولم يتحسسها القريب، والفرق الوحيد أن عين عذاري توصل للبعيد حلو الماء أما هذه الحقائق فلا تحمل للبعيد سوى الانتكاسات والتراجعات والسلبيات.
وليس في المنظور ان الأمر سيتغير أو أن الضمائر ستصحو أو أن البلاد ستتعافى!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق