يحرص الناس على إضافة الملح لطعامهم غير أن كثرة الملح تفسد الطعام، فالعبرة بالمقادير وما ينطبق على الغذاء ينطبق على الدواء، فقليل من عقار ما قد ينفع المريض المتداوي والكثير من العقاقير قد تقتله، فلا مطلق في هذه الحياة، والإنسان يموت لو أنه شرب كمية كبيرة من الماء الذي هو سر العيش وأس الحياة، كما أن الدين الحنيف لم يحرّم الخصومة لكنه وضع لها مقدارا فنهى عن الفجور وجعله من صفات المنافق.
الزكاة بمقدار، والطبخ كذلك، والحب والصداقة والزمالة والحكم والصبر والحوار والتربية والفرح والحزن، لكل مقداره، فلا إفراط ولا تفريط، ونحن نصف المتكلم القوّال المفوه بأنه «يجرح ويداوي» بمعنى أنه يعرف مقادير الكلام ومكيال الحديث، ومعاوية بن ابي سفيان قال «لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إن مدوها خلّيتها، وإن خلّوها مددتُها».
الحياة فن المقادير، ففي بعض الاحايين تضيع أهدافنا من شدة حرصنا على إصابتها، وتسوء تربية أبنائنا من كثرة حبنا لهم، وتضيع أموالنا بسبب الطمع، وفي بعض المواقف تحتار في معرفة المقدار المناسب، فلا ينفعك الحكماء بحلولهم العقلانية وتأتيك النصيحة تتهادى كمثل جمل يقوده إليك شخص بسيط أدرك المقادير بفطرته السليمة.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق