عالية الخالد: الشكاي

إذا كانت لدينا القدرة على إنجاز معاملة أو عمل بطريقة مستقيمة وقانونية فلماذا اللجوء إلى أساليب ملتوية وغير شرعية؟.. إنها ثقافة!

من الأمور العجيبة التي دائما تعجبني، مدى قدرتنا على العمل والاجتهاد وبذل الطاقات الرهيبة لتمرير امور ومعاملات مخالفة اخلاقيا وشرعيا وقانونيا. فنحن نتفنن في كيفية دفع الرشى واستلامها، ونستميت في سبيل تخليص معاملة غير شرعية، ويتملكنا الجبن والتردد حين الدفع في امر قانوني وشرعي!

فمثلاً عند تعطل معاملة رسمية قانونية فإننا غالبا ما نميل الى اسلوب «طال عمرك» او «تكفه» او «اشتبي حتى تخلص؟!» او «قصة بقصة»، بينما الادلة والمستندات متواجدة وحية لإثبات الحقوق.

أنا شخصيا أعزو ذلك لثلاثة اسباب:

1 – الثقافة والعرف العام: اي اننا توارثنا ثقافة الواسطة وتعارفنا على اسلوب «شيلني واشيلك».

2 – الخوف: اي الخوف من ان يشتكي الفرد بالحق وبما لديه من دلائل حتى لا يشتهر بسمعة «شكاي» او «صاحب مشاكل» وبالتالي عرقلة لكل معاملاته في المستقبل، خاصة خوفه من الاقتصاص منه ظلما بسبب الشكوى.

3 – التسيب في تطبيق القانون والبطء في الدور القضائي ومراحله: ففيها يمكن للفرد ان يقول «اشلي بطلابة القانون وطوالته سنين بينما اقدر اخذ شغلي (القانوني) في بوسة خشم او رشوة»، وبذلك يشتري رأسه ويضمن سريان شغله ونمو اعماله دون تعطيل. او ان يقول «اشيضمني انهم ما يقلبون علي لضعف في تنفيذه».

هنا، يمكن ان تطرح الفكرة نفسها على المعرقل، كما هي مطروحة على المتعرقل، ورجوعاً للسبب الاول فإننا سنجد ان الثقافة العامة هي التي تدفع بالمعرقل للعرقلة للتكسب والمتعرقل للواسطة لتسيير الاعمال.

مفهوم المطالبة بالحقوق حسب النظام والقانون قد يكون مفهوماً مختفياً في مجتمعنا، ويحيط به الخوف من فكرة ان يكون الشخص منبوذاً او خارج الدائرة اذا ما اشتكى للمطالبة بحقه.

فلنتخيل ربع نسبة الوسائط المستخدمة لو لم يقم اصحابها بالمطالبة بها قانوناً من خلال وضع الجهود نفسها في تمريرها بطريقة غير رسمية (بسبب صورة نمطية تمحورت بفكرنا وثقافتنا) ماذا سيكون وضعنا ووضع تطبيق القانون عندنا؟!

قد يجد البعض في كلامي هذا بعضاً من عدم الواقعية ولكني دائماً أقول من لا يحاول فلا يشتكي أو يتذمر من عدم تطبيق القانون، لكونه ركناً أساسياً في منظومة الفساد وعدم تطبيق القانون.

وأنا عن نفسي اقولها صراحة بأني «شكاية» لأني اطالب بحقي بالقانون والمستندات واوفي حق غيري تبعا للقانون والمستندات.

عالية فيصل حمود الخالد

afh_alkhaled
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.