أكدت السفيرة الفرنسية لدى الكويت ندى يافي أن “فرنسا والكويت تلتقيان معا في كثير من الامور، من بينها المناخ الديمقراطي وحيوية المجتمع المدني”، مبينة أن هذا “ما دعا فرنسا منذ كانت رئيسة لمجموعة الدول الثماني الصناعية العام الماضي، الى ان تطلب من دولة الكويت أن تشاركها رئاسة منتدى من أجل المستقبل”.
وأضافت يافي، خلال ندوة للمعهد الثقافي الفرنسي أقيمت في جمعية الخريجين تحت عنوان “وسائل الاعلام الحديثة والمواطنة والمشاركة السياسية”، يوم أمس، أن “وسائل الإعلام الحديثة غيرت مفهوم العلاقة بين الفرد والجماعة، بل اصبحت الآن جزءا لا يتجزأ من حياتنا العصرية، خاصة انها تتسم بطابع الفورية والآنية”، موضحة أنه “في بعض البلدان العربية التي حدثت بها تغيرات سياسية لم يتم اللجوء إلى تلك الوسائل الحديثة، بينما في بلدان أخرى تمت التعبئة السياسية للشباب عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعد ذلك للأسف لم يكن لهؤلاء الشباب الذين يؤمنون بالمفاهيم المدنية والديمقراطية تأثير، حيث أتت أحزاب تقليدية لتملأ الساحة”.
طائفية وقبلية
من جهته، قال رئيس جمعية الخريجين الكويتية سعود العنزي ان الجمعية شاركت سابقا مع جمعيات النفع العام في حملة بعنوان المواطنة الدستورية، لافتاً إلى أن “التركيز على هذا العنوان يأتي من أن مجتمعنا في الفترة الأخيرة بدأ يتمزق شيئا فشيئا نحو الطوائف والقبائل والفئات، وبدا العنصريون يغردون اكثر من غيرهم، وبدأوا يأخذون أصواتا انتخابية، وبدأ من يركز على السمة القبلية يستفيد منها، ليصل تحت مسميات عديدة، ناسيا الوطن والمواطن، ومتناسيا اننا مواطنون نقف سواء أمام الدستور، لنا نفس الحقوق وعلينا ذات الواجبات”.
وأضاف العنزي أن “الحكومات المتعاقبة تأتي على رأس من لعب على هذه الأوراق القذرة جدا، إذ استخدم اعضاؤها المتنفذون هذه الأوراق لتمزيق المجتمع، حتى تستمر سطوتهم اكثر”، مضيفاً: “لذا نرى من المهم ان نعترف بأن استخدام وسائل الاتصال الحديثة طور مفهوم الديمقراطية الذي لم يعد مقتصرا على ذهاب الناس الى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم، بل بات الإنسان الآن يغرد مباشرة ويسمعه الآخرون أو يقرأونه، مهما كان هذا الإنسان بسيطا، وأصبح الكثير من اعضاء مجلس الأمة يتابعون ما يحدث في تويتر، ومعظم تصريحاتهم الصحافية يأخذها الصحافيون من خلال تغريداتهم عبر تويتر، وأصبح النواب يردون على الحكومة وعلى بعضهم البعض من خلال هذه الوسيلة”.
القدرة الإلكترونية
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. غانم النجار إن دولا كثيرة باتت تتجه “إلى تأمين الفضاء الإلكتروني، وأن هناك 120 دولة متجهة إلى تطوير قدراتها الإلكترونية، باعتبارها مصدراً للقوة وتمثل تحدياً للدول الكبرى”، مبينا أن “تدخل الحكومات في الفضاء الالكتروني زاد وتحديداً في “تويتر”، وبالذات في دول الخليج التي تتدخل بقوة للدفاع عن نفسها”.
وأوضح النجار أن “بمقدور الفضاء الإلكتروني التدمير دون ان يتم تحديد المصدر، باعتبار أن التقنية باتت عملية سهلة وبسيطة، ولها قوة فاعلة تؤثر في الرأي العام، وهي تدخل في قضايا تفتيت المجتمع بشكل نهائي”. متسائلاً: “كيف لنا ان نعمل من هذا الفضاء الالكتروني على تلبية طلبات الناس المهمشين وغير القادرين على التعبير، مع مواءمة ذلك بمستلزمات الحرية والانفتاح والقدرة على التعبير؟”.
الأدوات الإعلامية
من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي للتحالف الوطني الديمقراطي راكان النصف إن الأدوات الإعلامية كانت دائماً عنصراً أساسياً في التغيير السياسي في العالم العربي، مع ظهور المطبعة وتبادل الآراء والثقافات، مبينا أن “وسائل الإعلام الجديدة وسعت نافذة الشعوب العربية للاطلاع على تجارب الدول الأخرى، كما ساعدتها على تنظيم نفسها والقيام بثوراتها الأخيرة”.
وأضاف النصف أن “المعلومات اصبح من السهل الحصول عليها بسبب التطور في وسائل الاعلام الحديثة التي أتاحت للمواطن البسيط سهولة الوصول للمعلومة بعكس الماضي”، مبينا أن “آخر الدراسات تقول أن 60 في المئة من تغريدات نواب مجلس الأمة هي تغريدات تفاعليه مع الناس، وفي المقابل فإن 40 في المئة من تغريدات النواب هي لعامة الناس”. وتساءل: “هل ساهمت ادوات الإنترنت في دخول الشباب الى المجتمع المدني، إذ منذ عام 2006 وتحركات الشباب كلها سياسية”.
مستضعفون
بدوره، ذهب أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة الكويت ومدير المركز الكويتي للمواطنة الفاعلة د. محمد الوهيب إلى أن “الدولة مسؤولة دائما عن تجنب الفوضى، أما المواطنون فلهم الحق دائما في إشاعة الفوضى”، مبينا أنه “في عالم السياسة هناك من ينطبق عليهم اسم المستضعفين أو فاقدي القوة السياسية، وأن هؤلاء تمكنوا من خلال العالم الافتراضي المتمثل في وسائل الإعلام الإلكتروني، من ممارسة قوتهم السياسية للنزول إلى أرض الواقع”.
من جانبه، قال الباحث في المعهد الفرنسي في الشرق الأدنى جامعة لوميير- ليون2 د. ايف غونزاليس كيخانو إن “وسائل الإعلام الحديثة غيرت من طرق تفكيرنا وما كانت عليه في الماضي، وهو ما نلاحظه في الثورات العربية، وخصوصا لفئة الشباب منهم”، لافتا إلى أن “ما يحدث من تطورات في وسائل الإعلام الرقمية ليست سلسلة مماثلة لما رأيناه في الإعلام التقليدي، بل ما نشهده هو عالم آخر وانتقال نوعي في وسائل الإعلام”.
وأضاف كيخانو أن “وسائل الإعلام التقليدية كانت شبكة تتخذ الشكل العمودي في امتدادها، أما ما نراه اليوم في الإعلام الحديث، وخصوصا في شبكات التواصل الإعلامي فيتخذ شكلاً أفقياً لامتداده، ولا نستطيع بذلك أن نشبه تحديات المستقبل ونقارنها بتحديات الماضي لوسائل الإعلام”، متسائلا عن سبب التأثير الذي أحدثته وسائل الإعلام الحديثة في منطقة الوطن العربي دون سواها من مناطق العالم.
يافي: لا ضرب لإيران ولندع فرصة للحوار
نفت السفيرة الفرنسية لدى البلاد ندى يافي، على هامش ندوة المعهد الثقافي الفرنسي في جمعية الخريجين أن “يكون قد صدر شيء عن دول مجموعة الثماني بخصوص توجيه ضربة عسكرية إلى طهران ولندع الفرصة للحوار”، لافتة إلى أن “السياسة الخارجية الفرنسية تدعو إلى احترام كرامة الإنسان ونبذ العنف، وأن هذه المبادئ هي التي تلهم السياسة الخارجية الفرنسية”.
وحول تأثير مجيء الرئيس الفرنسي الجديد على مستقبل العلاقات الفرنسية- العربية قالت ان “لفرنسا مصالح مع العالم العربي، كما ان للعالم العربي مصالح مع فرنسا”، مشيرة الى ان “هذه العلاقات لا يمكن ان تتغير بين عشية وضحاها”، لافتة في الوقت ذاته الى ان الرئيس الفرنسي الحالي كان رئيس وزراء فرنسا ابان تولي الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران الذي ساهم في تحرير الكويت.
وقالت ان “الحديث عن تخوف البعض باعتبار الرئيس الفرنسي الحالي ذا توجه اشتراكي لا مبرر له، لأنه يتبنى الاشتراكية الديمقراطية”، لافتة الى ان “الرئيس السابق فرانسوا ميتران كان اشتراكيا وتبين لاحقا انه لا مبرر لمثل هذا التخوف”. وقالت ان “من البوادر الطيبة ان الحكومة الفرنسية نصفها من النساء”.
قم بكتابة اول تعليق