إبراهيم العوضي: “المؤسسة”… الخصخصة والتطوير

الاتفاق المبدئي الذي أبرمته مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية مع شركة الايرباص لتصنيع الطائرات لشراء 25 طائرة جديدة وتأجير 22 طائرة أخرى لمدة 8 سنوات لحين تسلم الطائرات الجديدة المشتراة، أعاد الأمل في إحياء هذه المؤسسة المتهالكة التي عانت الأمرين بعد أن سئم الجميع من سوء خدماتها وضعف أدائها وتفاقم خسائرها وانخفاض إنتاجية إدارتها وتردي تعاملها مع المسافرين.
وموضع تحديث أسطول الكويتية لا يتعارض تماما مع توجهات الدولة في تخصيصها، فعملية التخصيص وفقا لما جاء في القانون رقم 22/2012 ستتم خلال ثلاث سنوات وقد تستمر عملية طرح المزايدة والتفاوض ودراسة العروض أطول من ذلك، وعليه فإن معالجة مشاكل تقادم الأسطول وكثرة الأعطال الفنية التي تصيب الطائرات مما يؤدي إلى تعطل الكثير من الرحلات ووقف تشغيل البعض منها، لا بد أن يتم حتى وإن كانت الكويتية في اتجاه التخصيص. أضف إلى ذلك، فإن كثيرا من الشركات في أوروبا قد توقفت بالفعل عن تقديم خدمات الصيانة للطائرات بسبب تقادمها وبسبب عدم توفر قطع الغيار. ومما زاد الأمر سوءا امتناع بعض شركات التأمين عن تقديم التغطية المناسبة بسبب زيادة المخاطر المتعلقة بتشغيل أسطول طائرات المؤسسة.
إن عملية الخصخصة إن تمت، ستشمل نقل جميع الأصول المادية والمعنوية والخصوم وسيستثنى من ذلك التسويات المالية المتعلقة بالخطوط الجوية العراقية، وعليه فإن الطائرات الجديدة ستحتسب من ضمن أصول الشركة وستزيد من قيمتها السوقية وستعتبر عاملا مشجعا لدخول الشركات خصوصا مع توافر هذه الطائرات ذات الجودة العالية وبالتالي سيلغي عناء شراء هذه الطائرات وما يمكن أن يستغرقه من وقت وجهد على المستثمر المحتمل.
ما نحتاجه اليوم هو فقط أن تقوم الحكومة بدورها في تعجيل إصلاح هذه المؤسسة المهمة التي تعتبر في العادة واجهة أي بلد، وطريق الإصلاح ينطلق من خلال تفعيل قانون خصخصة، فمشكلة الكويتية الوحيدة بوجهة نظري هي مشكلة إدارية بحتة، ومتى ما توافرت الإدارة السليمة والفكر القيادي الواعي، ستتمكن المؤسسة من الانطلاق مره أخرى، ومع الأسف الشديد فإن القيادات الحكومية وبتجارب مختلفة قد افتقدت لهذه الرؤية وحان الدور لتجربة القطاع الخاص لعل وعسى أن يجدي الأمر نفعا!
ولعل التخوف من خصخصة الكويتية يلامس جميع الكويتيين، فالمواطنون متخوفون من ارتفاع أسعار الخدمات وتردي أوضاعها، والموظفون متخوفون من الإدارة القادمة والإنتقال من أجواء العمل في القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص الذي لا يرحم، والشركات الاستثمارية متخوفة من التجارب السابقة في مجال المناقصات الحكومية وما صاحبها من شبهات التنفيع والمحسوبية وإلغاء بعضها وتأجيل الآخر وتعطل تنفيذها بسبب الروتين والبيروقراطية، وأعتقد كذلك أن الحكومة ذاتها متخوفة من الخوض في هذه التجربة وما يمكن أن تواجهه من صراعات سياسية وبرلمانية قد تصطدم بها منذ طرح المزايدة وحتى بعد اختيار الشركة الفائزة التي سيكون لها 35 في المئة من إجمالي أسهم المؤسسة.
الحكومة اليوم معنية في إزالة هذه المخاوف من خلال حفظ حقوق المواطنين والموظفين والشركات المنافسة والعمل بخط موازٍ على تحديث وتطوير أداء المؤسسة وفي الوقت نفسه المضي قدما في إجراءات التخصيص لمنع أي تعطيل آخر قد يصيب هذه التوجه خصوصا أن القانون الأول الذي صدر بخصوص تخصيص المؤسسة يعود إلى خمسة أعوام مضت وهي فترة ليست بالبسيطة.

إبراهيم أديب العوضي
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.